يطرح الشاعر والناقد المصرى د. علاء عبد الهادى رؤيته النظرية حول "قصيدة النثر، والتفات النوع" فى كتابه الجديد الصادر عن "دار العلم والإيمان"، والذى يقع فى ما يزيد على ثلاثمائة صفحة، ويتكون من مقدمة، وثلاثة فصول، وخاتمة. عالج عبد الهادى فى هذا الكتاب مفهوم الشعر من خلال علاقات الشعر بأضلاع أربعة هي: "النثر"، و"السرد"، و"المعنى"، و"اللعب"، ممتنعا عن معالجة مفهوم الشعر من خلال حدوده ، ذلك لأن الحدّ فى الشعر تاريخى كما يقول، ويقوم على الاتفاق الاجتماعي، ولا يوجد ما يمنع أن يتغير هذا الاتفاق حول مفهومه إلى اتفاق غيره، إذا ما دعم ذلك واقع موضوعى إبداعى جديد. يتوافر فى واقعنا الثقافى فى العقود الثلاثة الأخيرة، كما يقول د. علاء فى مقدمة كتابه، عدد مؤثر من النصوص النقدية الصغرى المتداولة حول قصيدة النثر، فى شكل قوالب "كليشيهات" تحمل فى طياتها أحكامًا، التصقت بموضوعات أدبية، وبقضايا شعرية مهمة يتداولها مجموعة من المثقفين والنقاد "على السماع" -كما يقول الموسيقيون- دون تمحيص، أو مساءلة، تبدو كأنها حقائق، تتداولها الألسنة، فى المقاهى والصحف، وفى منتدياتنا الأدبية، وتجمعاتنا الثقافية. ويشير عبد الهادى إلى أن شيوع هذه القوالب، وتحولها إلى فلكلور نقدي، لو صحت التسمية، خلقت حالة من الحرب القائمة على سطحية الفهم، والنفى المزدوج بين المتخاصمين. ينطلق د.علاء فى كتابه من دراسة الشعر من خلال ثلاث علاقات: العلاقة الأولى هى علاقة الشعر بالنثر، تناولها فى الفصل الأول من خلال مبحثين الأول هو "علاقة الشعر بالنثر", والثانى هو "الشعر فى النثر", عالج د. عبد الهادى فى هذا الفصل مفهوم الإيقاع ومعناه فى الشعر بعامة, وفى قصيدة النثر بخاصة, ثم تناول بعد ذلك فى الفصل الثانى من هذا الكتاب علاقة الشعر المعاصر؛ قصيدة النثر بخاصة، بالسرد، من خلال رؤية جديدة, قسم من خلالها علاقة الشعر بالسرد إلى أربع علاقات هى "الشعر السردي" و"السرد الشعري", و"الشعر فى السرد", و"السرد فى الشعر", مستثمرا مصطلح "الالتفات البلاغي" القديم على مستوى كلي, ومؤسسا لمصطلح جديد وظفه فى دراسته باسم "الكتلة النصية", مفرقا بين مصطلحين جديدين يقترحهما فى سياق هذ الفصل هما "الممزوج", و"المركب", ومتناولا علاقة القصيدة المعاصرة بما أسماه "الباروكية الجديدة", ومعالجا مفهومات النص التشعبى من خلال استثماره لمصطلح "الالتفات البلاغي" العربى القديم على مستوى كلي, كما قدم د. علاء فى هذا الكتاب رؤيته حول ما بعد الحداثة الأدبية, وأهم سماتها واتجاهاتها. أما العلاقة الثالثة التى اهتم بها د. علاء فى هذه الدراسة فكانت علاقة "الشعر بالمعنى"، فيما أسماه الناقد "المعنى الشعري", وفى هذا الفصل يفكك د. عبد الهادى الرؤية العربية التقليدية للشعر بصفته شكلا للغة.