شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة    ديربي الميرسيسايد.. موعد مباراة ليفربول ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص خلال استهداف سفينة تهريب في المنطقة الجنوبية    هانيا الحمامي تتوج ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    موعد مباراة ريال مدريد وإسبانيول في الدوري الإسباني والقناة الناقلة    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم السبت 20-9-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة الدقهلية    أسعار الأدوات المدرسية اليوم السبت 20 سبتمبر في محافظة الدقهلية    وليد صلاح الدين: قرارات النادي حاسمة ولا تعديل في عقود اللاعبين إلا بموافقتنا    تامر مصطفى يتولى تدريب الاتحاد السكندري خلفًا لأحمد سامي    مواعيد مباريات الأسبوع الثامن للدوري المصري    حالة الطقس اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    جنازة شعبية مهيبة لضحايا مذبحة نبروه الأب وأطفاله الثلاثة لمثواهم الأخير في الدقهلية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    مذيع يشعل النار في لسانه على الهواء.. شاهد التفاصيل    الدفاع المدني بغزة: 450 ألف فلسطيني نزحوا من مدينة غزة    ترامب عن هجوم حماس: ما حدث في 7 أكتوبر كان إبادة جماعية    كارول سماحة عن انتقادات إحيائها حفلات بعد وفاة زوجها: كل شخص يعيش حزنه بطريقته    ترامب يعلق على انتهاك مزعوم لمجال إستونيا الجوى من قبل مقاتلات روسية    البرتغال تعلن اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين يوم الأحد    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض في الأسواق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    70 مليون شاب وفتاة يشاركون في برامج التمكين الشبابية خلال الفترة من 2018 حتى 2025    مؤتمر إنزاجي: هذا سبب التعادل مع أهلي جدة.. وعلينا التعلم من المباراة    للمرة الثانية خلال 12 ساعة، توغل إسرائيلي في 3 قرى بريف درعا السورية    انطلاقة قوية ومنظمة وعام دراسي جديد منضبط بمدارس الفيوم 2026    ترامب يعلن إتمام صفقة تيك توك مع الصين رغم الجدل داخل واشنطن    وسط تعليمات مشددة، انطلاق الدراسة بالمعاهد الأزهرية، اليوم    قرار عاجل من النيابة ضد أبطال فيديو سكب السولار على الخبز بالشرقية    طابور صباح وأنشطة طلابية في الشارع، سور متحرك ينهي معاناة 38 سنة بمدارس ورورة ببنها (صور)    كان بيسلك الخرطوم.. مصرع شاب غرقا داخل إحدى المجاري المائية في الغربية    مجلس حكماء المسلمين يدشن النسخة الكازاخية من "مقوِّمات الإسلام" للإمام الطيب (ًصور)    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    كارول سماحة: «الحياة ومصر لم تعد عادية بعد وفاة زوجي» (فيديو)    صلاح دندش يكتب : تخاريف    مدارس دمياط في أبهى صورها.. استعدادات شاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد    محافظ الأقصر يسلم شهادات لسيدات الدفعة الثالثة من برنامج "المرأة تقود".. صور    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    القرنفل مضاد طبيعي للالتهابات ومسكن للآلام    ديتوكس كامل للجسم، 6 طرق للتخلص من السموم    هل تهدد حرارة البخار والسونا خصوبة الرجال؟    محيي الدين: مراجعة رأس المال المدفوع للبنك الدولي تحتاج توافقاً سياسياً قبل الاقتصادي    سيف زاهر: جون إدوار يطالب مسئولى الزمالك بتوفير مستحقات اللاعبين قبل مواجهة الأهلى    ضبط 6240 عبوة مواد غذائية ونصف طن زيوت سيارات مجهولة المصدر    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    إعلامي يشعل النار في لسانه على الهواء ليكشف زيف خرافة "البشعة"    حسام حبيب:"معرفش حاجة عن شيرين ومليش علاقة بقضية المخدرات"    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    لماذا عاقبت الجنح "مروة بنت مبارك" المزعومة في قضية سب وفاء عامر؟ |حيثيات    رسميا الآن بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    موعد صلاة الفجر ليوم السبت.. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    مقاتلات روسية تقترب من منصة نفط بولندية    تراجع كبير في سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    عمرو أديب يبكي الطفل الفلسطيني النازح وأخته: «ابعتوا هاتوهم مصر»    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    «أقوى من كورونا».. استشاري مناعة يوجه تحذيرا عاجلا للمواطنين مع بداية العام الدراسي (فيديو)    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    خصم 50% على دورات اللغات لطلاب الثانوية في الوادي الجديد    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"القاهرة 2003" فصل من رواية "خمارة المعبد"
نشر في اليوم السابع يوم 27 - 01 - 2011

ننشر فصلاً من راوية "خمارة المعبد" للكاتب الدكتور بهاء عبد المجيد بعنوان "القاهرة 2003":
أخذت المياه تهطل بغزارة، منذ لحظات سمع نقراتها على زجاج النافذة، قام من مكانه ورفع الستائر الزرقاء التى اختارتها والدته عندما جاءوا إلى هذا السكن فى المعادى بعدما تركوا شبرا وفتح النافذة وأخذ ينظر إلى المياه المنهمرة على الشارع الطويل، وتظهر كثافة القطرات على انعكاس أضواء النيون عليها. مرقت سيارة نقل كبيرة هزت أرجاء المنزل وأشعرته بالخوف وقرب النهاية.
المرأة السمراء التى تقطن فى البناية المقابلة كانت تنظر أيضًا، ويحوطها أطفالها الذين لا ينامون أبدًا. ابنتها شروق "حالكة السُّمرة" والتى كانت تلعب دائمًا أكروبات مخيفة فوق حاجز الشرفة، وكل مرة يتوقع أن تسقط على الأرض الصلبة، مرددةً صرخةً طفوليةً حادةً يتردد مداها فى الأفق، ولكن هذا لا يحدث أبدًا. أمها ممشوقة القوام قوية البنية، ربما جاءت من سلالة أفريقية نبيلة ولكن انتهى بها الأمر إلى أن تصبح لاجئة سياسية أو هاربة من مجاعة أو إبادة جماعية.
كان تفكيره فى النهاية هو كل شىء فهو لا يريد أن يستمر. وهذا ليس بإرادته ولكن هناك رغبة مُلِحَّة بداخله فى أن يعذب جسده، سقوط الأمطار أحدث برودة غير عادية فى أوصاله وكأن المياه قد أطفأت حمى جسده، تمامًا مثلما تسقط مياه باردة على لوح حديد ساخن طَرَقَه الحدَّاد منذ برهة.
يراوده شعور بأن يغرس جمرات من النار فى أجزاء مختلفة من جسده، يضعها على فمه ويضغط عليها بأصابعه حتى يشاهد الدخان المتصاعد من تبخُّر سوائل جسده، ويشم رائحة تحوُّل لحمه إلى ثانى أكسيد الكربون، لماذا النيران الآن؟ ولماذا يريد أن يفعل ذلك؟
لم تكن النار هى الهاجس الذى يريد أن ينهى حياته بها فقط، بل أيضًا يريد أن يرى دمه مسكوبًا على الأرض، كان يراوده هذا الشعور كلما دخل إلى الحمام حيث الأرضية البيضاء الناصعة التى تشبه حجرة العمليات، سيحقق هذا الهاجس من خلال شفرة موسى حادة، أو نصلٍ مسنون وسيكون القطع أسفل نهاية الرقبة تمامًا بالقرب من الوريد النابض دائمًا، أو هناك فوق شرايين اليد. وبعد هذه الفعلة الجريئة سيتدفق الدم الحار، وسيتحرر الجسد، وستخرج الروح المعذبة وتذهب بعيدًا جدًّا. وسيرتاح هو، ويرتاح الجميع.
ولكن كيف يجرؤ على هذا الفعل، وهو يخاف كل شيء لقد أصبح قادرًا فقط على تأمل فكرة وضع نهاية متعمدة لحياته، ولكن الفعل هو المؤجل دائمًا. الآن فقط يمكنه أن يقول إنه قد تطور كثيرًا وتغير لدرجة أن تواتيه فكرة أن يضع النهاية؛ ليرحل هذا العذاب وهذا الوهم. لقد أجبروه أن يعيش وأن ينظر إلى وجهه فى المرآة كل صباح أو كل مساء، ويقنع ذاته أنه حى، وأنه ناجح، وأنه شخص عادى مثل كثيرين ممن حوله. هؤلاء أقنعوه بأن المعاناة جزء من الوجود، وأنها لحكمة ما قد ولدت مع الإنسان، وأنها تكريم له لتجعل لحياته معنى، وأنها السبيل إلى تحقيق أحلام عائلته التى وضعته وسط الدائرة وجعلته بؤرة اهتمامها، والحلم الذى سيتحقق ليثبتوا للآخرين أنهم عائلة ناجحة، وأنها أخرجت هذا الفرد إلى الوجود.
يتأمل أحيانًا كيف ستتلقَّى والدته الخبر، وماذا سيكون رد فعلها. ربما ستكون أول من يُفاجأ به مُلقًى على الأرض، غارقًا فى دمه، باردًا تمامًا كمنشفة مبللة، مُلقاة بجوار المغطس الإفرنجى أبيض اللون، والذى اختارته هى أيضًا؛ لأنها تحب النقاء والطُّهر. ستصرخ حتمًا هذه المرأة التى أنهت عقدها الخامس حديثًا، وأنهك عظامها مرضُ السكرى، الذى أصابها بعد أن فقدت أختيها ووالدها فى أقل من عام، وكأن الموت يختبر قدرتها على تحمُّل الوحدة، وكأن القدر يرسل إليها علامة لتستعد لترتيبات الموت.
ستذهل؛ فهو حلم العمر، وهو البناء الذى بنته بعيونها وسهرها وجسدها، وهو توأم وجودها وقصتها الحقيقية، مسطورة فى عقله وعلى صفحات كراسته التى يخفيها وتقرؤها عندما يكون غارقًا فى سُباته، أو فى الخارج مع أصدقائه القلائل، وهذه أجزاء من حياته التى حاول معتز أن يسجلها فى دفتره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.