إعلان تنسيق الشهادات الفنية 3 و5 سنين وترشيح 276 ألفا.. رابط سريع للنتيجة    بحضور وزير العدل والنائب العام.. حلف اليمين لأعضاء النيابة الجدد اليوم (تفاصيل)    بالصور- محافظ أسيوط يتفقد استعدادات المدارس للعام الدراسي الجديد    المركزي الأمريكي يعقد اجتماع الفائدة غدا وسط توقعات بخفض 0.25%    ارتفاع الكوسة.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    انخفاض البلدي.. أسعار البيض اليوم الاثنين بالأسواق (موقع رسمي)    رنا جوهر مستشارًا لوزير السياحة للتواصل والعلاقات الدولية والاتفاقيات    من هم أبرز القادة الحاضرون والغائبون عن قمة الدوحة؟    القوات الروسية تدمر 11 موقعًا أوكرانيًا للتحكم بالطائرات المسيّرة آخر 24 ساعة    إحداها استهدفت هدفا عسكريا.. الحوثي تعلن مهاجمة إسرائيل ب4 مسيّرات    تعرف على مدة غياب "زيزو" وموقفه من مباراة القمة    بالصور.. بكاء أم الأطفال يغمر المحكمة في أول ظهور ل"قاتلة أسرة دلجا" بالمنيا    الداخلية تيسر إجراءاتها للمواطنين الراغبين في الحصول على الخدمات الشرطية    بالفيديو.. تفاصيل فعاليات اليوم المصري للموسيقى احتفاءً بإرث سيد درويش    وزير الصحة يناقش تسريع تطبيق التأمين الصحي الشامل بمحافظات الجمهورية    «الصحة»: تقديم 88 مليون خدمة طبية خلال 61 يوما ضمن «100 يوم صحة»    عندما يؤثر الخريف على حالتك النفسية.. كيف تواجه اكتئاب تغير الفصول؟‬    صحة البحيرة: تحميل المتسبب في أعطال الأجهزة الطبية تكلفة الإصلاح والتحقيق الفوري عند الإهمال    بالفيديو.. تفاصيل إطلاق منصة إلكترونية لربط المرضى بخبراء الطب المصريين بالخارج    سعر الدولار اليوم في مصر.. استقرار بالبنوك عند 48.25 جنيه للبيع    منتخب الشباب يخوض مرانه الأول في تشيلي استعدادا لمنافسات كأس العالم    تفاصيل أزمة إمام عاشور وتعرضه لوعكة صحية بعد مباراة الأهلي وإنبي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : هذا ما تعلمناه؟؟    اليوم .. التضامن تبدأ صرف مساعدات تكافل وكرامة للمستفيدين عن شهر سبتمبر 2025    مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية رقم 37 إلى غزة.. فيديو    ما حكم قتل القطط والكلاب الضالة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب    جين سمارت تفوز بجائزة إيمي كأفضل ممثلة كوميدية لعام 2025    9 آلاف وظيفة ب الأزهر الشريف.. تفاصيل مسابقة معلم مساعد 2025 وشروط القبول    أسعار الكتب المدرسية الجديدة 2025-2026 ل المدارس الخاصة والدولية والتجريبية    كوريا الشمالية ترفض مطالب الولايات المتحدة بنزع أسلحتها النووية    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    قضي الأمر.. وزير العمل: لا يوجد فصل تعسفي بعد تطبيق القانون الجديد (فيديو)    ساعر يهاجم رئيس الوزراء الإسباني بسبب دعمه للتظاهرات المؤيدة لفلسطين    الأونروا: آلاف النازحين في غزة وجباليا يعيشون بلا مياه نظيفة أو صرف صحي    آمال ماهر: تشبيهي بأم كلثوم حمل ثقيل لكنه جميل    بقبلة رومانسية.. سيلينا جوميز تشعل السجادة الحمراء في حفل إيمي ال 77    الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني يعتبر نتائج الانتخابات المحلية ليست كارثية    النجوم يتوافدون على السجادة الحمراء لحفل جوائز إيمي ال 77    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 15 سبتمبر    توقعات الأبراج اليوم الاثنين 15-9-2025.. حظك اليوم برج السرطان: أمامك فرص لتحسين وضعك المالي    استئناف محاكمة عنصر إخواني بتهمة التجمهر في عين شمس| اليوم    ألبوم "KPop Demon Hunters" يتصدر قائمة بيلبورد 200 للمرة الأولى منذ "Encanto"    94.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    أشخاص يحق لهم إدخال المريض النفسي المصحة إلزاميًا.. تعرف عليهم    ترامب: فنزويلا تُرسل لنا مخدرات وعصابات وهذا غير مقبول    إليسا بإطلالة جريئة خلال حفلها بالقاهرة (صور)    برشلونة يدهس فالنسيا بسداسية تاريخية في الدورى الإسباني    كأس الإنتركونتيننتال.. موعد مباراة بيراميدز وأهلي جدة السعودي    عمرو وردة: تعرضت لظلم وتجاهل كبير.. وأريد المشاركة مع مصر فى كأس العالم    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه وعيد الفطر المبارك    «شغلوا الكشافات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    السيطرة على حريق داخل دار رعاية لذوي الاحتياجات الخاصة بأكتوبر دون إصابات    الشاشة وقوة البطارية والإمكانات.. مقارنة بين «آيفون 17 برو ماكس» و«سامسونج جالاكسي S25 ألترا»    منتخب مصر تحت 20 عامًا يبدأ تدريباته في تشيلي استعدادًا ل كأس العالم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة فى رسائل الانتحار
نشر في اليوم السابع يوم 24 - 01 - 2011

الحكومة تنوى رفع أسعار البنزين والسولار حتى يصل الدعم لمستحقيه، هذا أهم خبر اقتصادى رددته الصحف خلال الأيام الماضية.. بينما ردد الشارع المصرى نكتة أقوى حينما قال إن الحكومة تنوى رفع أسعار البنزين والسولار حتى يتوقف المواطنون عن حرق أنفسهم.. إلا أنى أعتقد أن الحكومة سترفع أسعار البنزين والسولار حتى تجبر المواطنين جميعا على حرق أنفسهم على أن يتم توزيع الدعم على مستحقيه الذين نجوا من المحرقة.. بينما وصف وزير الأوقاف الدكتور حمدى زقزوق ظاهرة الانتحار بأنها عملية استعراض.. ولم أفهم المدلول اللغوى لهذا الوصف.. كل ما أعرفه أن الانتحار لا يمكن أن يكون عملية استعراض إلا فى السيرك.. ولكن الانتحار فى الشارع فهو عرض مجانى للقهر والذل والألم.. وإذا كنا نؤمن جميعا بقوله تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم".. فهذا لا يعنى أننا مقتنعين بأن هؤلاء المنتحرين هم الذين قتلوا أنفسهم.
ثم إن كافة المنتحرين يعانون من اضطراب عقلى بأمر الحكومة.. مجانين لا يخضعون لدين أو تكليف أو تشريع.. فكل من ينتحر الآن يستخرج له شهادة جنون بدلا من شهادة الوفاة.. فإذا صدقنا ذلك.. فما الذى دفعهم للجنون الجماعى فجأة ؟ وفى عملية استعراض كما وصفها أستاذنا الجليل.. فى علم النفس يوصف المنتحر بأنه ضحية لعلاقته بالمجتمع فتختلط داخله أحاسيس الانعزال اليأس والاكتئاب وعدم القدرة على التكيف ويشعر بألم انفعالى لا يطاق ولا يوجد حل لعذابه سوى الانتحار.. فالانتحار رسالة عدائية موجهة للآخرين عن طريق قتل الذات.. فليس هناك عداء أفظع من أن تقتل أكثر من تحب (نفسك ).. فما هى الرسالة التى خرجنا بها من تلك العدائية المتكررة ضد الحياة بيننا فى مصر المحروسة.. هل أدرك مسئولو الدولة عشرات الأسباب التى دفعت هؤلاء الضحايا للانتحار بداية من الفقر المدقع وانتهاءً بالفساد الإدارى الذى أصاب كافة مؤسسات الدولة حتى أن بعضهم انتحر بسبب فشله لسنوات فى الحصول على توقيع وزير أو مسئول على ورقة تؤكد حق ضائع أو ترفع عقاب جائر أو توفر فرصة عمل أو نفقات علاج.. هل أدرك النظام الاقتصادى وقياداته العظيمة ( أن الجوع كافر) وأن الملايين ينامون الآن بلا عشاء أو غطاء أو حتى أمل هل أدركوا ان خططهم التنموية ( لو صدقت ) فهى عاجزة وبطيئة وأن الشارع يحتاج لمنظومة تنموية أشمل وأسرع فى الوصول إلى الناس لتوفير مطالبهم المعيشية البسيطة.. هل أدرك النظام السياسى أن القاعدة العريضة من الشعب غاضبة محتقنة تريد حرية حقيقية بعد ان شبعنا من الشعارات والحكايات والإنجازات الإعلامية وأن الوجوه الملونة بالسلطة ورأس المال أصبحت مقلقة للأمن القومى وأن اختفاء المعارضة مثلها مثل اختفاء الجهاز المناعى لجسم الإنسان.. هل فهم المسئولين أن الناس تغلى من الغلاء وخائفة ومقهورة أمام الارتفاع الدائم والغير مبرر للأسعار.. هل أدركوا بأن أحلام الناس تموت وتتقلص كلما زاد التضخم.. هل أدركوا أن تلك المصطلحات الاقتصادية من عينة الاحتكار والتخصيص والدعم الموجه والضرائب ورسوم التنمية أصبحت كالأشواك فى فراش النائمين.. أم صدقوا أن كافة المنتحرين كفرة أو مجانين كما يحبوا أن يقال.
و( نحن) هذا المجتمع اللاهث العابث الغائب.. ألم نلتفت لأى رسالة منهم ؟ لماذا اكتفينا بلوم الحكومة والمسئولين فقط ولم نلتفت لرسالتهم إلينا.. ألا ندرك كم أصبح مجتمعنا جافا قاسيا عنيفا مع الفقراء والضعفاء أو الغلابة كما نحب أن نطلق عليهم فى (مسكنه) مصطنعة .. رغم أن أكثر من نصفنا غلابة بالمعايير الدولية أو بالقياس لخط الفقر العالمى.. والغريب فينا أن كل (غلبان) دائما ما يجد الأغلب منه ويطلع غلبه عليه.. فأصبح المعيار الأول فى تعاملاتنا مع بعضنا هو قدراتنا الشرائية أو قيمة ما نمتلك من عقارات أو سيارات أو أموال.. لا قيمة فى ما نمتلك من أخلاق أو سلوك أو تعليم أو حتى كرامة.. حتى صار الفقر وصمة عار ونقمة كبرى وكارثة عظيمة وهم ثقيل.. تخيل أنك لأى سبب فقدت مواردك الاقتصادية أو ممتلكاتك وأموالك من سيقف معك من الأهل أو الأصدقاء أو المعارف ؟؟ .. أنت لا شىء سيدى للأسف بدون محفظتك و( الفيزا كارد) الخاص بسموك.. أنت ضعيف فى الشارع بدون سيارتك الفارهة وملابسك اللامعة وضعف لو اضطرتك الأيام للمبيت فيه.. هذا المعنى النفسى الخطير ينمو داخلنا بلا توقف وتؤكده تعاملاتنا المشتركة كل يوم والتفكير فيه فقط يدعوا للانتحار بالسكتة الدماغية.. فما معنى أن أفقد كل شىء حينما يضيع منى شيء واحد.. أى عدالة اجتماعية فى أن نتعامل كحصالات النقود ,, هذه المعادلة الاجتماعية المشئومة هى التى دفعت رجل مسن من سنتين تقريبا الى قتل ابنه الشاب وابنته وزوجته فى حادثة مشهورة واعترف الرجل بأنه قتلهم خوفا عليهم من الفقر بعد ان خسر كل ما يملكه فى البورصة وترجاهم أن يعدموه ومات فى زنزانته مقهورا.. ولا نستطيع حتى الآن أن نحكم عليه فهل كان هو القاتل الحقيقى أم واحد من الضحايا.. فلماذا كان الخوف من الفقر إلا لأننا مجتمع لا يرحم ,, يستبيح كرامة الفقراء ويشقق عليهم وكأنهم (جربه ) ,, مخلوقات أدنى فى المقام والحدود والحقوق والوجود ويكفيهم منا نظرة إحسان أو صدقة أو أن نعاملهم بتواضع مفهوم للطرفين.. هذا النموذج لو وجد من عشرات السنوات لوجد الكثيرون يتكاتفون حلوله ويساعدونه ويرحمونه من خوفه على أسرته ومستقبلهم .. فمنهم من يوفر له العمل ومنهم من يتكفل بمصاريف الأسرة ولو لفترة ومنهم من يساعده بمال حتى يبدأ فى تجارة أو حرفة .. هذه هى معالم الزمن الجميل الذى يتغنى به أجدادنا ولا نعرف إن كان حقيقة أم مجرد أغان .. ولكنه على الأقل واقع ملموس فى العديد من المجتمعات المتحضرة.. ولسنا فى حاجة لحكومة لتعلمنا معنى التكافل الاجتماعى سواء كنا مسلمين أو مسيحيين نحتاج فقط إلى بعض الرحمة والضمير.. يجب أن نعترف أن المنتحرين فضلوا الموت عن الحياة بيننا.. لا أعرف هل قرئنا تلك الرسالة أم أنها لا تهمنا أم أننا ما زلنا منشغلين بالفتنة الطائفية ومن أسلم ومن تنصر حتى نحترق جميعا فى محرقة جماعية لتهدأ النفوس وترتاح.
الكارثة المخيفة أن نتحدث كل يوم عن الإصلاح والتغيير ونحن لا نحاول حتى أن نغير شيئا مما فى أنفسنا.. الكارثة أن نقول أن الفقر (مش عيب) ونحن نتعامل مع الفقراء على أنهم حثالة حتى أن موت العشرات من أطفال الشوارع كل يوم من الجوع أو البرد أو المرض لا يحرك الكثيرين ولا المسئولين فما الفرق بينهم وبين الحيوانات الضالة إذاُ .. هل نتصور أن مسئولية الأمان الاجتماعى قاصرة على الحكومات فقط .. أى عاقل يصدق ذلك .. نظرة سريعة على كتب التاريخ ستؤكد لكم أن المجتمع هو الذى يحافظ على الدولة ولو فسدت او تخاذلت الحكومات .. يجب أن يكون هناك تحرك شعبى حقيقى لمواجهة الفقر .. وكفانا طنطنة بالجمعيات الأهلية والأنشطة المدنية والمسئولية الاجتماعية للشركات لأن كل ذلك لا يكفى والنتيجة واضحة للجميع .. ابدأ بنفسك واستفت قلبك وسوف تعرف ماذا يجب عليك ان تفعل للغلابة.. وكفانا (فشخرة ) ومنظرة واستعراض على ملايين المحتاجين.. فالأنانية والإجحاف والسلبية والمحسوبية واستغلال النفوذ أصبحوا سمات شخصية فى التركيبة المصرية.. والموضوع لا يحتاج إلى براهين فقط انظر إلى الشارع المصرى وراقب أفعالك الغاضبة دائما وسلوكيات الهرجلة والتخبط والعنف التى تقابلها كل يوم.. ثقافة الزحام والعشوائيات وضيق الرزق والخوف المرضى على العيال أصبحت كالأورام السرطانية فى مجتمعنا الجميل سابقاُ.. ضاعت ملامح العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحس المشترك والقيم الجماعية والأهم من كل ذلك اختفت من بيننا الرحمة والمروءة والتسامح والتضحيات ولو بسيطة .. وللأسف انتظارنا لأى إصلاح سياسى أو اقتصادى لن يجد بنفع طالما لا نتحرك على المستوى الاجتماعى والشعبى والشخصى.
قد أكون قد خذلت العديد من القراء الذين توقعوا أن تكون المقالة فى ذم وتحريم الانتحار ونقل البراهين الدينية فى تكفير المنتحرين وتوضيح خطيئتهم .. ولكنى اعلم أننا جميعا نعرف ذلك علم اليقين .. إلا أن للانتحار الآن رسالة مخيفة للأحياء وددت أن أنقلها لكم .. يمكنكم أن تصدقوها ونقرأ معا ما بين السطور ,, ويمكنكم أن تتجاهلوها وتكذبوها وتقولوا أنها رسالة من مجانين كفرة أو أنهم انتحروا للمشاركة فى عملية استعراض !!! ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.