فى مشهد مأساوى بشع حدث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية.. حادث غادر وبعيد كل البعد عن تعاليم أى دين سماوى، ومهما وصفنا مدى بشاعة ودناءة هذا الحادث، فلن تكفى الكلمات ولا العبارات لوصفه. فلقد ذهب ضحيته أبرياء لم يجنوا شيئاً لكى يقتلوا بتلك الطريقة البشعة.. تحطمت أسر وتشردت أبناء، وهناك العديد والعديد من القصص المأساوية التى رواها المصابون فى الحادث الأليم الذى أدمى قلوب جميع المصريين مسلمين وأقباط. وأكثر ما يدمى القلب هو القلق من تأثير توابع هذا الحدث على العلاقة بين المسلمين والأقباط، والخوف من حدوث الفرقة والانشقاق بينهم.. فالمسلمين والأقباط يعيشون تحت سقف وطن واحد، خاضا معا الأفراح والأتراح معا فى الحرب والسلام.. وواجهوا معا عدوا واحدا وقدرا واحدا. ولكن بالفترة الأخيرة ظهرت تيارات فكرية متشددة من الجانبين وبدأت تنمو يوما بعد يوم، ساعدت فى خلق جيل جديد متشدد فكريا بعيد عن السماحة واحترام الآخر، جيل من السهل التلاعب بأفكاره وتأجيج الفتنة بداخله، وكان لابد من أن تواجه مؤسسات الدولة هذا التيار منذ البداية، ولا تنتظر حدوث الكوارث لكى تبدأ العلاج، فكان يجب أن يكون لمؤسسات الدولة دور ثقافى وتعليمى ودينى وإعلامى مستنير للتوعية وإنارة العقول وإصلاح الخلافات وتوطيد مشاعر المحبة والاحترام بين الطرفين. كان من الضرورى وجود رادع لمواجهة بعض القنوات المتشددة من الجانبين، والتى كانت تشعل الخلافات بين الطرفين، وكان على العلماء المتخصصين فى الدين الإسلامى والمسيحى بذل مجهود أكبر من أجل صد الأفكار المتشددة الجاهلة، وتوضيح التعاليم الدينية الصحيحة، وحل الخلافات من خلال نقاش هادئ ومتحضر ومتسامح، حتى لا تبنى الحواجز بين الطرفين ويصبح هناك أرض خصبة لزرع الفتن لتمزيق نسيج الوطن، مما يؤدى إلى زعزعة أمن مصر واستقرارها، ومن هنا أيضا تأتى نقطة هامة ألا وهى الاهتمام بتطوير الخطاب الدينى سواء فى المساجد أو الكنائس، وأن نحرص على أن من يلقيها يكون على درجة عالية من الدين والعلم والوعى، وتكون موضوعات الخطاب خالية من التعصب وإثارة التشاحن والبغضاء. ومن المنطقى ومن المفترض أن يكون هناك عقاب رادع لمثل تلك الأحداث المأساوية، وأن يعاقب من يهدد أمن أى مواطن مصرى سواء مسيحى أو مسلم عقاباً سريعاً لتحقيق العدالة التى هى أساس المجتمع، ومن حق المواطن المصرى أن يتوفر له الأمن والحماية لممارسة شعائره الدينية بكل حرية وأمان فى وطنه. وفى النهاية علينا أن نعلم مسلمون وأقباط أن الفترة القادمة سنواجه تحديات بالغة الصعوبة، هناك عدو يتربص بنا يلتقط نقاط الضعف فى مجتمعنا، ولن يتوانى من أجل التفرقة بيننا وتشتيت مجتمعنا، فهذا هو أحد أقوى السبل لاختراق وطننا، فلننتبه، فعدونا واحد لا يفرق بين مسلم ومسيحى، فهو لا يسعى إلا لتحقيق أطماعه الدنيئة.. فلننتبه أيها المصريين