جال بخاطرى سؤال قديم حديث ما الذى وقف فى وجه مصر وهى تخطو فوق عمر مديد من حضارتها لتقود الدنيا لبر الأمان ووقفت مشدوها مبهورا كيف لمن ملك كل هذه الأدوات أن تتعثر قدمه أو أن تتوه منه معالم الطريق فصار كأسد جريح مريض يستعطف العصافير بعدما كانت ترتعد من صوته على بعد المسافات بينها وبينه، ما الذى عكر هذا الوجه الصبوح؟ ما الذى صبغ تلك القسمات بالسواد؟ لماذا اجتمع الحزن والهم فى عقولنا؟ لماذا شاخت أحلامنا؟ لماذا أرى أطفال بلدى يبدون وكأنهم شيوخا عافروا الزمن فنال منهم ووأد أحلامهم وبدلهم خشونة وقسوة بدل البراءة؟ أرجوكم أفسحوا الطريق لى كى أمر من هنا، أعتقد أن هذا حال مصر.. أتخيلها تصحوا ذات صباح تنادى علينا كلا باسمه، لماذا تركتم مواقعكم؟ لماذا ذلت أقدامكم؟ لماذا نسيتم أصلكم؟ ما هذه الغربة التى أراكم عليها؟ ما هذه الدماء التى تملأ عقولكم قبل أيديكم؟ أرجوكم دعونى أمر من هنا، صدقونى كلنا نعرف من سرق منا الحلم، كلنا نشعر بيده الخفية وهى تحرق كتاب الصغير وقلمه وكراسته، كلنا نعرف أبو زعبل وبحر البقر وسليمان خاطر. صدقونى عندما بدأت أكتب لم أكن أعرف ماذا سأكتب ولكن كان الهدف أن أحب مصر وكفى، وكيف سأحبها لا أعرف الشىء الوحيد الذى أعرفه أننى لابد أن أحبها وأحبها أكثر لأن المصباح الذى فى يدى زيته حبها، وريشتى التى أكتب بها مداده حبها.. صدقونى مصر لم تخرج من الدنيا بل نحن الذين خرجنا منها.. ستعود حبيبتى، سألتقيها عند صخرتنا التى جمعتنا طويلا.. ولكن افتحوا لها الطريق كى تمر من هنا.