◄◄ مظاهرات السلفيين الغاضبة أمام المساجد بسبب «كاميليا شحاتة» متهمة بالتحريض على حادث «كنيسة القديسين» منذ أقل من 115 يوماً مضت وبالتحديد صباح يوم عيد الفطر الماضى كانت النبوءة بأن سيركاً طائفياً سيجد مساحة فى مصر ليؤدى عروضه التى قد تحمل كثيرا من الجنون والدم معاً، تماماً كما كان المشهد صباح أول أيام عام 2011 أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، ففى يوم الفطر كان مجموعة من الغاضبين يقفون فى ساعة مبكرة من الصباح أمام مسجد عمرو بن العاص بعد انتهائهم من صلاة عيد الفطر المبارك، للمطالبة بالإفراج عن كاميليا شحاتة، السيدة التى كانت وقوداً مناسباً للتلاسنات الطائفية التى دارت فى مصر خلال عام 2010، بدعوى أنها اعتنقت الإسلام فاحتجزتها الكنيسة، تلك الأصوات الهادرة أمام المسجد كانت غريبة آنذاك فى منطقة تعتبر مثالاً تاريخياً على الوحدة الوطنية بجمعها بين مسجد عمرو وكنيسة مار جرجس بما تحمله من معان مقدسة للمسيحيين، فالهتافات حملت تهديداً بالانتقام وعدم السكوت عن حق «الفتيات المأسورات»، كما حملت هجوماً حاداً يقترب من حد الإهانات لشخص البابا شنودة الثالث، وتكررت تلك المظاهرات وبدا كأن الدولة تعطى ضوءاً أخضر للتيار السلفى بإظهار عين حمراء لبعض الأصوات فى الكنيسة، وتذكيرهم بما يعتبره التيار السلفى ثأراً قديماً «وفاء قسطنطين»، إلى أن دخل على الخط من تسمى نفسها «القاعدة فى العراق» بتهديد مباشر للكنائس المصرية بالاستهداف أيضاً للمطالبة بالإفراج عن «الأسيرات» وسبق التهديد عملية قذرة بكنيسة النجاة أسفرت عن قتلى وجرحى. فى البحث عن تفسيرات لحادث كنيسة القديسين بالإسكندرية يلعب العامل الزمنى دوراً قوياً، فقبل يوم من الحادث كان عدد من السلفيين ينظمون مظاهرة أمام مسجد القائد إبراهيم بسبب كاميليا أيضاً، مما يعطى إيحاءً بأن تلك المظاهرة وسابقاتها كانت بشكل من الأشكال مقدمة للحادث الأخير، ربما تنتفى هنا نظرية المؤامرة باستبعاد السلفيين من دائرة الاتهام، لكن اتهاما آخر سيظل يلاحقهم إلى أن تظهر حقيقة مخالفة، وهو أنهم كانوا سبباً فى تأليب العناصر الإرهابية ضد الكنيسة بتظاهرهم ضد أمور لم يتسن لهم التأكد منها، فلا أحد من هؤلاء المتظاهرين يمتلك دليلاً مادياً واحدا بأن كاميليا ووفاء أسلمتا، كما لا يملكون سبباً منطقياً لكى يجعلوا هذا الأمر هدفا لجهادهم المقدس، وهو الاتهام الذى وصفه الدكتور سعد الدين الهلالى، الأستاذ بجامعة الازهر، مستبعداً «لأن ما حدث فوق قدرتهم» حسب قوله، مضيفاً: «فإن كان هم سبب فى شحن الجبهة الداخلية ضد الإخوة المسيحيين أو ضد قرار سيادى بتسليم كاميليا لأهل طائفتها، لكن التفجير الأخير بالتأكيد نفذته يد خارجية». فى حين شدد الدكتور عبدالمعطى بيومى، عضو مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر، على أن تلك المسألة تحتاج إلى تقص للحقائق فكل الاحتمالات واردة لأنه يمكن أن بعض الذين اشتركوا فى تلك المظاهرات يكون من قام بتلك التفجيرات لأنهم لم يجدوا تعاملاً عقلانياً حكيماً مع هذه المظاهرات. السلفيون الغاضبون من أجل كاميليا شحاتة شاءوا أم أبوا فى موقف حرج لا يحسدون عليه، فهم مقتنعون بما يفعلون ويؤمنون بغضبهم الذى لم تفلح حادثة العمرانية التى سجن على أثرها عدد كبير من المسيحيين، أن تكسر لديهم قاعدة تراخى الدولة مع الكنيسة، كذلك لقاء البابا بالرئيس مبارك مؤخراً، لم يكن كافياً لتنفيس غضب الأقباط، مما يعتبرونه اضطهاداً رسمياً ممنهجاً، وبين الغضبين سيظل التحريض على الفتنة ورذاذه يلحقان بكل الأطراف فى مصر.