منذ أن طرح الرئيس الفرنسى نيكولاى ساركوزى فكرة الاتحاد من أجل المتوسط، كثرت الأقاول والتأويلات عن شكل ومضمون الاتحاد المتوسطى وأهداف قيامه، وهل يكون بديلاً عن مسار برشلونة ومشروع 5 + 5 بعد فشل المشاريع الوحدوية العربية. يضم مشروع الاتحاد من أجل المتوسط الدول المشاطئة للبحر المتوسط وتنقسم إلى: دول الجنوب، وهى المغرب والجزائروتونس وليبيا ومصر وسوريا ولبنان والأردن وموريتانيا، بالإضافة إلى إسرائيل ولم يشر إلى فلسطين. دول الشمال، وهى ال 27 دولة الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، مع سبع دول أوروبية غير متوسطية وغير أعضاء فى الاتحاد الأوروبى. وبذلك يصبح عدد الدول المدعوة للانضمام إلى الاتحاد المتوسطى 44 دولة. تأتى فكرة الاتحاد المتوسطى فى ظل نجاح الاتحاد الأوروبى وتعثر الأفكار العربية الوحدوية، مثل الاتحاد المغاربى والوحدة العربية وتأرجح فكرة الاتحاد الأفريقى، كما تأتى ضمن سياق العولمة وإخراج شعوب جنوب المتوسط من عزلتها وإدماجها فى السوق العالمية وتحويل المتوسط إلى واحة آمنة للاستثمار والتصنيع والتجارة الحرة وتسهيل تنقل اليد العاملة، من أجل تحقيق أعلى معدلات النمو ومقاومة الأزمة الاقتصادية الخانقة، التى يمر بها العالم والتى أطلت برأسها عند ارتفاع الأسعار وندرة مواد التموين وانخفاض قيمة الدولار. أسئلة عديدة عن شكل الاتحاد المتوسطى طرحتها اليوم السابع على الدكتور سعيد اللاوندى الخبير فى الشئون الدولية فى مؤسسة الأهرام، كان أولها عن أهداف المشروع فأجاب اللاوندى، قائلاً إن المشروع عندما طرحه الرئيس ساركوزى فى بدايته كان غامضاً، خصوصاً أنه جاء كفكرة بديلة عن مسار برشلونة و5 + 5 بعد فشل مشروع برشلونة الذى مر عليه أكثر من عشر سنوات. أوضح الدكتور اللاوندى أن ما طرحه ساركوزى، يقضى بأن تكون هناك رئاستان دوريتان كل 6 أشهر للاتحاد، مرة من دول الشمال ومرة من دول الجنوب، وهذه أكبر عقبة تواجه الفكرة، فبحسب الحروف الأبجدية سترأس إسرائيل أول دورة للاتحاد، وهذا ما تعتبره بعض الدول العربية تطبيعاً مجانياً. أشار الدكتور اللاوندى أن أحد الأسباب الأساسية التى دفعت ساركوزى لتبنى هذه الفكرة، هى الخشية من تزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا، وهو صاحب المواقف الواضحة من انتفاضة الضواحى عام 2005. ويرى الدكتور سعيد اللاوندى أن أهم المشكلات التى تواجه الاتحاد، تتمثل فى حجم التبادل التجارى بين دول الشمال والجنوب، إذا ما عرفنا أن دول جنوب البحر المتوسط كانت نسبة التبادل التجارى لها مع أوربا 9%، حصلت إسرائيل بمفردها على نسبة 90% من هذه ال 9%، بسبب مواقف دول الشمال من الدول العربية. يستشهد الدكتور اللاوندى بصعوبات تواجه المشروع بالقول، إن العديد من الدول المتوسطية لم تؤكد حضورها قمة يوليه، مثل تركيا والجزائر وليبيا، وربط وزير الخارجية الجزائرى مراد مدلسى فى تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضى، مشاركة بلاده ودول عربية فى منتدى دول المتوسط ب"توضيحات" حول تداعيات انضمام إسرائيل إلى الاتحاد من أجل المتوسط، كما أن الاتحاد ربما سيفتح الباب أمام دول الشمال لتعزيز دورها المخابراتى، من خلال إجبار دول الجنوب على تزوديها بالمعلومات الأمنية الحساسة، ضمن خطة ما يسمى ب"محاربة الإرهاب". غير أنه استدرك قائلاً: إنى أتوقع أن المشروع سيمرر لأن دول الجنوب بحاجة إلى بديل عن مسار برشلونة، الذى أثبت فشله. يذكر أن فرنسا من جانبها عرضت أن يكون المقر الدائم للاتحاد فى تونس وسكرتير الاتحاد من المغرب، وعرضت على مصر أن يتولى الرئيس حسنى مبارك رئاسة الاتحاد لدول الجنوب. التحفظات العربية ◄ مصر ضمان نجاح الاتحاد وعدم تكرار الفشل الحاصل فى مسار برشلونة، وأن يشارك العرب فيه تحت عباءة الجامعة العربية، وليس بشكل منفرد وعدم وجود شكل محدد لمنطقة تجارة حرة بين الشمال والجنوب. ◄ ليبيا والجزائر الجزائر وليبيا تلمحان إلى احتمال مقاطعة الاتحاد من أجل المتوسط، لأن بعض الأطراف تساءلت: إن كان الاتحاد محاولة فرنكو أوروبية جديدة لإدماج إسرائيل فى مسار تطبيع غير مباشر. إضافة إلى الاعتذار الفرنسى عن جرائم فترة الاحتلال والاعتراف بجبهة البوليسارو. ◄ المغرب الهجرة غير الشرعية وسبل حل هذه المشكلة والنسبة المقترحة من قبل فرنسا. ◄ سوريا انضمام فلسطين وتوسيع دائرة الدول المشاركة فى المشروع، إضافة للتحفظات على مشاركة إسرائيل وتغيير الاسم وتبادل المعلومات حول ما يسمى بمحاربة الإرهاب، فدمشق هنا تخشى أن يكون التطبيع على حساب الحل العادل للصراع العربى الإسرائيلى، والسبب الآخر هو خشيتها أن يكون الاتحاد من أجل المتوسط، بديلاً عن فشل عملية برشلونة فى تحقيق السلام فى المنطقة، وذلك عبر محاولة التطبيع تنموياً واقتصادياً على حساب الحلول السياسية. ويبقى السؤال: هل سينجح الاتحاد من أجل المتوسط فى إزالة الحواجز، التى تضعها دول شمال المتوسط أمام دول الجنوب، وكيف ستكون العلاقة بين ضفتى المتوسط: علاقة تبعية أم شراكة حقيقية متساوية بين جميع تلك الدول؟.