الحسينية أحد أكبر مراكز محافظة الشرقية من حيث المساحة، وتبلغ 1558 كيلو مترا مربعا، تمثل ثلث مساحة المحافظة ويسكنها 415 ألف نسمة وتضم 8 وحدات محلية و35 قرية رئيسية و618 عزبة وكفرا وتابعا. ورغم هذا تعانى الحسينية من الإهمال الشديد، ويواجه سكانها العديد من المشكلات، أخطرها على الإطلاق ندرة مياه الشرب النقية بل انعدامها فى مساحة تزيد على ثلث مساحة المركز، وهى مناطق رمسيس وصان القبلية وصان البحرية. هذه المشكلة تبعتها مشكلة أخرى أشد ضراوة، كشفتها لجنة التعليم بالمجلس الشعبى المحلى خلال زيارتها الميدانية للمحافظة من عدم وجود مصدر للمياه فى 94 مدرسة فى مختلف المراحل العمرية، وهو ما يمثل كارثة صحية وخطورة على صحة تلاميذ هذه المدارس. التقينا محمد سليمان إبراهيم وكيل مدرسة رمسيس للتعليم الأساسى، فقال إن المدرسة ليس بها أى مصدر للمياه، رغم أنها أنشئت على أحدث طراز وبها أفخر الأثاث وتم عمل 3 خزانات من البلاستيك لتخزين المياه وكنا نملأ أحدها من المصرف المار بجوار المدرسة، لاستخدامها فى دورات المياه، والآخر كنا نملؤه للشرب بواسطة الجرارات التى تأتى من المراكز الأخرى والمحافظات المجاورة، لبيع المياه فى منطقتنا، حيث كنا نشترى المقطورة بمبلغ 100 جنيه وكانت المياه تجرى فى الحنفيات من خلال تلك الخزانات، ولكن فى العام الدراسى الماضى جاءت لجنة من الأبنية التعليمية، وقررت عدم استخدام مياه الصرف مطلقا، حفاظا على صحة التلاميذ والاكتفاء بمياه الجرارات، كما قامت الهيئة بتحديث الخزانات المستخدمة، ولكن دون توفير بدائل لشراء المياه، حيث لا توجد ميزانية لذلك وليس هناك بند لتمويلها. وقال سليمان: "نضطر لجمع تبرعات بواقع 5 جنيهات من كل مدرس و50 قرشا عن كل طالب من ولى أمره، لتدبير احتياجات المدرسة من المياه التى زادت بعد تحذير الأبنية التعليمية من استخدام مياه المصرف". أما حسن محمد على عامل بنفس المدرسة فيقول، إنه يعانى أثناء غسل وتنظيف المدرسة خاصة الحمامات، وقد زادت تلك الصعوبة بعد منع استخدام مياه المصرف التى كانت توفر مصدر مهما لمياه الغسيل. وقال إنه بعد هذا القرار مباشرة فى العام الدراسى الماضى، جاءت سيارة تابعة لمجلس المدينة، مملوءة بالمياه للمدرسة وأكد المسئولون بأنها سوف تستمر فى توصيل المياه للمنطقة والمدارس، ولكن للأسف لم نراها بعد ذلك. أما محمد محمود تلميذ بالصف الثانى الابتدائى بالمدرسة، فيقول أنا لا أشرب أية مياه من المدرسة، فالحنفيات ليس فيها ماء ولذلك أحضر معى زجاجة مياه من التى نشتريها من الجرارات التى تمر علينا. ويقول الحاج سليمان سالم مزارع من عزبة الرجايلة، إن مياه الشرب من أكثر المشكلات التى تؤرق حياتهم، مضيفا أن جميع المنازل بالمنطقة تبنى خزانا أسمنتياً للمياه بجوار كل منها ونشترى الجرار بمبلغ 100 جنيه، وفى أحيان كثيرة يزيد سعره على ذلك، ويتم وضع المياه فى الخزان للاستهلاك المنزلى للشرب وطهى الطعام فقط، أما بقية الاستخدامات الشخصية، فيتم عمل موتور بكل منزل وتوصيله بالترعة، لسحب المياه منها إلى داخل المنزل لاستخدامها و الحال نفسه فى المساجد. ويؤكد محمد سليمان، عامل زراعى، أن المياه التى يشترونها من الجرارات هى الأخرى ملوثة وغير نظيفة ولا يعرف أحد مصدرها، ويقسم بالله أن خزانات المياه توجد بها ديدان وطحالب ترى بالعين المجردة بمنتهى الوضوح وتظهر أكثر فى الأكواب الشفافة. أما زينب، عبد العال ربة منزل، فتقول إنها لا تستطيع شراء الجرار بكامله ولكنها تشترى المياه "بالجركن" الذى يباع بجنيه واحد. ويؤكد أعضاء المجلس الشعبى المحلى للمحافظة عن مركز الحسينية، أن المركز به أعلى نسبة إصابة بالفشل الكلوى وأمراض الكبد وحالات التسمم الغذائى على مستوى المحافظة، حسب الإحصاءات الرسمية ولعل أهم أسباب ذلك، هو تلوث مياه الشرب والأخطر أنه إذا ما تمت إصابة من تلك المياه، فهناك مسافة لا تقل عن 5 كم للذهاب لوحدة صان الحجر الصحية. ومن جانبه، قال الدكتور صلاح بيومى رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالشرقية، إن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم فهى منذ إنشاء تلك المنطقة، وأجهزة المحافظة لا تألوا جهدا لتوفير الاعتمادات اللازمة لتوصيل مياه الشرب النقية إليها وإلى غيرها، ولكن المشكلة تكمن فى عدم وجود محطة تنقية مياه قريبة من تلك القرى، ويجرى حاليا إنشاء محطة داخل المنطقة نفسها بقرية طارق بن زياد باعتمادات تصل 50 مليون جنيه، سوف تغطى احتياجات جميع قرى وعزب تلك المنطقة المحرومة، كما سيتم تنفيذ خطة عاجلة للقضاء على مشكلة تلوث مياه الشرب باعتمادات تبلغ 300 مليون جنيه، لتنفيذ عدد كبير من محطات المياه المرشحة والجوفية.