اعترف الدكتور إبراهيم المسيرى مستشار البرنامج النووى المصرى والمستشار السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية «بضرورة أن تتعامل مصر مع الدول الأجنبية فى المرحلة الأولى من البرنامج النووى، وأكد أننا غير مستعدين لإنتاج الوقود النووى الآن، وأن قسم الهندسة النووية بالإسكندرية غير مؤهل لتخريج كوادر بشرية، وكشف للمرة الأولى عن تفاصيل مشروعنا النووى شاكيا من تجاهل الرأى العام له باعتباره حلما قوميا». وحول تفضيله طرح مشروع المحطة النووية بالأمر المباشر بدلا من المناقصة العالمية قال المسيرى ل«اليوم السابع»: قلت هذا الكلام قبل أن نبدأ فى العمل فعليا، ولكننى تراجعت عنه الآن لأن إقامة مشروع بالأمر المباشر مع شركة معينة يستلزم وجود تعاون استراتيجى كامل مع الدولة موطن الشركة، ومن ناحية أخرى فإنه يحرمنا التعرف على تكنولوجيات باقى الدول والمفاضلة بين العروض المالية والفنية المقدمة. أما عن إن كانت المناقصة تفتح بابا للصراع بين الشركات العالمية للفوز بها مما يؤثر على المشروع، أشار المسيرى إلى أن الصراع موجود فى كل الأحوال لأن مصر دولة كبيرة، ولكن الأمر المباشر يخلق صراعا أكبر فلنا أن نتخيل اختيار دولة على غير رغبة الأخرى، حتما ستسعى لإفشال المشروع، والصراع بين الشركات فى صالحنا لأنها تتنافس لتقديم الأفضل. وأضاف: نحاول بالفعل، الانتهاء من إعداد المواصفات الفنية لمحطة الضبعة قبل حلول إجازات الكريسماس فى ديسمبر المقبل، ولكن إن لم يحدث فسنلتزم بالموعد المحدد. وحول الجدل الدائر بين العلماء حول اختيار نوع المفاعل المصرى ما بين تقنية الماء الثقيل أو الخفيف، قال المسيرى: أعددنا دراسة كاملة عن نوع المفاعل الأنسب لنا فى الوقت الحالى، وسوف نعلن عن نتائجها خلال أيام. مؤكدا: لابد أن نعترف أن جميع التكنولوجيات سوف تخضعنا للدول الأجنبية الموردة لها، وعلى الأقل فى المرحلة الأولى من المشروع، واستخدام مفاعلات الماء الثقيل لا يعفينا من التعاون مع الدول الأجنبية هو فقط يوفر علينا استيراد اليورانيوم، ولكننا سنضطر لاستيراد سبائك هذا المفاعل من الخارج أيضا، و انتشار مفاعلات الماء الخفيف عالميا هو أحد العوامل المؤثرة ولكنه ليس كل شىء. وأوضح أنه من الصعب أن نصنع الوقود النووى فجأة الآن، ولكننا وضعنا شرطا فى كراسة الشروط يقضى بضرورة تعهد الشركة الفائزة بتوفير الوقود النووى فى السنوات الأربع الأولى من المشروع ثم التعاون معنا فى تصنيع الوقود خطوة بخطوة حتى ننتجه ذاتيا. وأشار المسيرى إلى أن مصنع الوقود النووى ينتج سنويا ما يقرب من 30 طن يورانيوم تكفى لتشغيل 4 محطات نووية، فمن الصعب إنشاؤه حاليا قبل بناء المحطة الأولى، ولكننا نؤجل تلك الخطوة لحين الانتهاء من المحطة الرابعة. وردا على سؤال هل استقرت «الكهرباء» على طريقة تمويل البرنامج النووى أضاف المسيرى وضعنا فى كراسة الشروط بندا يقضى بضرورة أن تساهم الشركة منفذة المشروع فى تمويله عن طريق الحزم التمويلية أما تمويل المشروع بشكل عام فمازالت تبحثه وزارة المالية، ولا نقبل بمساهمة القطاع الخاص على الأقل حاليا. وحول ما تردد أن التعاقد مع الاستشارى العالمى «بارسونز» إهدار للمال العام، لأنها لم تقدم جديدا فى الدراسات التى أجرتها شركة «سفراتون» قال المسيرى «بارسونز» بيت خبرة عالمى أضافت كثيرا للبرنامج النووى ووضع مواصفات للمحطة النووية، ووضعنا ملاحظاتنا عليها وأرسلناها مرة أخرى، معترفا أن مبلغ التعاقد كبير ولكنه يوفر لنا كثيرا من الخطوات التى قد نحتاجها لاحقا. أما عن قسم الهندسة النووية بالإسكندرية، وهل هو مؤهل لتخريج كوادر شابة للبرنامج النووى، أكد المسيرى أن القسم غير مؤهل حاليا، ولكن ذلك يرجع لسبب رئيسى وهو تأخير البرنامج النووى والكثير من المتفوقين يهربون منه إلى أقسام العمارة والمدنى لأنه بلا مستقبل ولكن بعد الإعلان عن تخصيص الضبعة للمحطة النووية أعتقد أن الأمر سيختلف ونبدأ فى تطويره، وسنبدأ من العام المقبل فى دبلوم الهندسة النووية للحاصلين على البكالوريوس فى جامعتى القاهرة والإسكندرية حتى نغطى احتياجاتنا من الكوادر البشرية. وقال المسيرى لا نستطيع أن نلوم العمالة التى تهاجر إلى الخارج على ذلك، وأنا أعمل 14 ساعة يوميا لكى نقول: «بنينا الضبعة زى ما بنينا السد العالى»، وإجمالى مرتبى 2500 جنيه بالحوافز والبدلات.