يسيطر على عروض مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى بشكل عام هذه الدورة الخط السياسى، فلا يخلو عرض من تلميح أو تصريح بواقع سياسى أو سخرية من قرارات سياسية أو إدانة لموقف عربى تجاه قضية مصيرية وهكذا. وكان عرض "دائرة العشق البغدادية" للفرقة القومية للتمثيل العراقية، من أهم عروض المهرجان، فالعرض أعدته وأخرجته الفنانة العراقية عواطف نعيم، والعرض يعد قراءة مشاكسة لمسرحية بريخت "دائرة الطباشير القوقازية" بطريقة مغايرة لإنتاج معنى جديد قادر على التأويل والإسقاط للواقع العراقى فى محنة الحروب والفقدان بأسلوب كوميدى ساخر. ويعد أهم ما فى العرض هو الجدية فى ربط نص من أصول عالمية بما يجرى فى العراق الآن، واعتمدت المخرجة على المنهج البريختى المعروف بكسر الإيهام، ويأتى أيضا أداء الممثلين عزيز خيون وسمر محمد وعدنان شلاش وماجد فريد ومحمد هاشم وفرح طه موازيا لبراعة الفكرة ومكملا لنجاح العمل. كما عرض أيضا على مسرح الطليعة بقاعة زكى طليمات العرض المسرحى اللبنانى "جوانتانامو.. معنى الانتظار" لفرقة مسرح الفرح والعرض من تأليف فيكتوريا برتين وجيليان سلوفو وترجمة مهى بحبوح وإخراج فرح شاعر. ويتناول العرض قصة 6 نساء ينتظرن عودة أزواجهن من جوانتانامو، فالرجال الستة فى السجن وكذلك النساء حبيسات ذكرياتهن الشخصية، وفى الوقت الذى تتحدث فيه النساء عن أنفسهن وتصرخ وتبكى لا يشعر بهم أحد. فالعرض يلقى الضوء على صراع المرأة العربية المعاصرة مع أيديولوجية غريبة تدعى حماية المرأة، ولكنها بعيدة كل البعد عن مشاكلها، وذلك من خلال منولوجات لكل سيدة تستدعى فيها تواريخ هامة فى حياتها، فامرأة منهن تصف كيف عانى زوجها من التعذيب فى الأردن رغم مرضه وإصابته بالسكر، وامرأة أخرى كان يعمل زوجها فى جمعية خيرية فى عمان قبل أن ينتقلوا إلى باكستان، وما لبثت أن ألقت الحكومة الباكستانية القبض عليه، وهناك السيدة التى كانت تحكى مأساة زوجها وكيف أنها لم تستطع أن تشاهد صور معتقلى جوانتانامو على قناة الجزيرة ذلك لخوفها أن ترى صورة زوجها مع الوجوه المقنعة على الشاشة. وهكذا، فالعرض يعتمد على السرد والحكى واستدعاء الذكريات، ويركز على فكرة الانتظار من خلال الست سيدات، لكن الانتظار ليس خاصاً بهن دون غيرهن فجميعنا مرضى بالانتظار. وأيضا عرضت فرقة المسرح الوطنى الليبية على مسرح الجمهورية مسرحية "صور فى الذاكرة التى تتحدث عن الصراع فى أزمنة وأماكن مختلفة بين الداخل والخارج، وبين الأصل والصورة ويظهر رجل يحاول اكتشاف الصراع بينه وبين ذاته. ومن ضمن العروض التى تحمل مضامين سياسية غير مباشرة يأتى أيضا عرض "البندقية "لفرقة جمعية الثقافة والفنون السعودية على مسرح السلام الحديث، وهو من تأليف عبد العزيز الطايع ومن إخراج سلطان النوه ليتناول أحداث الصراع بين الإنسان وذاته والإنسان والآخر فى رحلة حياتية يشوبها البحث عن الحقيقة التى كلما اقتربت منها توارت وتلاشت، وهذه الرحلة كما يروى العرض تعتبر رحلة إلى العالم المجهول والبحث من خلالها عن الحل والخلاص من عذاباته. أما عرض "فى انتظار البرابرة "وهو عرض سورى من إخراج وليد قوتلى، ويستند العرض على قصيدة كافافيس ليبدأ قصيدته بسؤال هو "ما الذى ننتظره فى السوق محتشدين فيأتى الجواب "إن البرابرة يصلون اليوم وأثر هذا التبادل المرعب تروح القصيدة مصورة تباعا حال الانتظار التى تعيشها المدينة توقعا لمجىء البرابرة هؤلاء. ومن العروض المهمة أيضا عرض "متاعب الهجرة "، والعرض ثمرة التعاون بين فريق أداء المشروع مخزن العقل والفنانة الأمانية للفن المرئى مارين ستراك ويعد العرض تجربة عن كيفية المزج بين مختلف أشكال وسائط الفن حيث يعمل كل من الجسد والصوت والنص والمحيط البصرى وثقل المادة فى التناغم، ويدور العرض حول تيمة السفر بغية النجاة أى من أجل البقاء تهاجر الطيور إلى أماكن ذات ظروف أفضل للحياة ويسافر البشر عندما تختلف الظروف الاقتصادية والسياسية فى أوطانهم.