بيان إلى أهالى الدرب الأحمر الأخوة والأبناء بداية أتوجه لكم بخالص الشكر وعظيم الأمتنان على الثقة التى منحتمونى إياها بانتخابكم لى نائباً عنكم وعن مصر كلها وهو شرف و جميل يطوق عنقى طالما حييت. تعلمون أننى خضت معارك ضارية ضد الإستبداد والفساد خلال السنوات الخمس الماضية حرصت فيها على إعلاء كلمة الحق فى البرلمان وكشفت عن وقائع فساد تحدثت عنها مصر كلها ومازال صداها يتردد فى جنبات الوطن. وما كان التصدى للفساد إلا قناعة منى بأن إنتشاره يحبط الهمم ويُضعف الولاء ويُعلى الظلم ويهضم الحق ويدفع إلى اليأس ويُحطم البأس. فجعلت من التصدى للفساد ومحاربته أولوية لا يعلو عليها شيىء فى عملى البرلمانى وهو ما أثر-وأقر بذلك – على تواجدى بالدائرة مقدراً أن أهالى الدرب الأحمر سيقدرون ما أفعله ليس من أجلهم فقط ولكن من أجل الأمة كلها وكان هذا جهدى وإجتهادى ولا أعلم إن كان ذلك صحيحاً أم خطأ وأترك التقييم لكم، فإن كنت أصبت فهذا واجبى وإن كنت قصرت فأرجوا المعذرة . ولم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لى فقد تعرضت لحملة واسعة استُخدمت فيها ضدى كل الأسلحة المشروع منها وغير المشروع الأخلاقى وغير الأخلاقى استخدم المال والتسلط وطالت الحرب عملى وأسرتى، لكن كل ذلك لم يفت فى عضدى بل كان يزيدنى قوة خاصة مع كل دعاء أستمع له من مواطنين بسطاء من الدرب الأحمر ومن خارجه. وتسلحت فى معاركى -بعد الإيمان بالله -بالإستغناء عن كل من يمكن أن تقدمه الأجهزة التنفيذية حتى يمكننى مراقبتها وتسلحت بالمصداقية فى القول والعمل وأخيراً بالشجاعة وأننى لا أخاف فى قول الحق لومة لائم، مؤمناً بالحديث الشريف " أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ ". الأخوة والأخوات والأبناء منذ فترة غير وجيزة وأنا أخوض معركة لا تقل شراسة ولا ضراوة عن معاركى السابقة معركة مع النفس. فبعد التعديلات الدستورية فى مارس 2007 وإنتخابات المحليات فى 2008 وبعدها الإنتخابات التكميلية لبعض المقاعد فى مجلس الشعب وأخيراً انتخابات مجلس الشورى فى 2010 وضح لى ولكل ذى عينين أن الأمر فى 2010 يختلف عنه فى 2000 و 2005 حيث كانت الإنتخابات تجرى تحت إشراف القضاء وأسفرت نتائج الإنتخابات اللاحقة على إلغاء الإشراف القضائى عن أمور لايمكن وصفها بأوصاف مهذبة. وبعد إنتهاء دور الإنعقاد الأخير بالمجلس إنضممت لحزب الوفد وكان يحدونى الأمل فى أن تصبح الأمور أفضل وأنا أمارس دورى من خلال حزب عريق له جذوره فى الشارع المصرى، وتعالت صيحات مغرضة بأننى دخلت حزب الوفد للإحتفاظ بمقعدى فى البرلمان عن طريق صفقة مزعومة وأُذكر هؤلاء بأننى لو كنت أريد الإحتفاظ بمقعدى بالبرلمان لكان ذلك سهلاً ميسوراً بتقديم بعض التنازلات أو حتى أن أسارع كآخرين بالإنضمام إلى الحزب الوطنى حيث الأغلبية والنفوذ والثروة وضمان إستمرارى بالبرلمان. وبعد إنضمامى لحزب الوفد كانت النتائج المزرية لانتخابات الشورى وأصبحت العملية الإنتخابية عبث فى عبث فطرحت رؤيتى فى الحزب بأن انتخابات مجلس الشعب إذا جرت بنفس الأُسُس والطرق التى تمت بها انتخابات الشورى فإن مشاركة الحزب فى هذا الفعل لا يعتبر مشاركة فى انتخابات وإنما مشاركة فى مسرحية هزلية تقوم فيها أحزاب المعارضة – إذا ما شاركت فيها- بدور السنيد لبطل المسرحية. فكان أن طلب منى الحزب الإشتراك فى لجنة لوضع ضمانات قانونية لضمان نزاهة الإنتخابات وشاركت الدكتور/ على السلمى مساعد رئيس الحزب والوزير السابق فى وضع هذه الضمانات التى تبناها الحزب ومن بعده أحزاب إئتلاف المعارضة . وفى يوم 8/8/2010 عُقد مؤتمر حاشد فى حزب الوفد تحت شعار " لا انتخابات حرة بدون ضمانات حقيقية " بعد أن كان الشعار "لا انتخابات بلا ضمانات". وتم دعوة الجمعية العمومية للحزب وكنت من أول المعارضين لخوض الانتخابات بلا ضمانات بل إننى وبمشاركة من نواب زملائى وشخصيات محترمة بالحزب كنا نجاهر بمطالبة أعضاء الجمعية بالتصويت لصالح مقاطعة الإنتخابات خاصة وقد رفض الحزب الوطنى أى ضمانات، وجاءت نتيجة التصويت بخوض الإنتخابات بنسبة 57% فقط ، ومع إحترامى لإرادة الجمعية العمومية للحزب ولقرارها أيضاً مع إحترامى الكامل لكل من قرروا المشاركة فى الإنتخابات وتفهمى لدوافعهم إلا أن ذلك القرار لم يغير قناعتى الراسخة بأن غياب ضمانات النزاهة عن الإنتخابات سيجعل كل من يشارك فيها –حتى لو كان معارضاً حقيقياً- متهماً بالمساهمة فى تزييف إرادة الناخبين. ومن هنا كانت معركتى مع النفس هل أُشارك وأكون ممثلاً على الشعب بعد أن كنت ممثلاً للشعب؟ سؤال لا يحتاج إلى إجابة. ولكن تأييد مواطنين شرفاء بألا أترك الساحة وأستسلم للواقع جعلنى متردداً فى إتخاذ القرار خاصة أن هؤلاء المواطنين المخلصين ينظرون إلى صالح البلد وليس لمصالح ضيقة فى الحصول على منافع صغيرة مقابل التضحية بمستقبل الوطن وكان تقديرى لهؤلاء المخلصين وقناعتى بأنهم محقون فى وجهة نظرهم وبوجهاتها جعلتنى متردداً كما قلت فى إتخاذ القرار. ولكنى استخرت الله -الذى بيده ملكوت كل شىء -وانتصرت للرأى الأول بأن ألتزم بموقف سياسي أرتأيت سلامته وألا أحتفظ بكرسى وأخسر نفسى. كل الشكر والتقدير والعرفان والأمتنان لمن شرفونى بثقتهم وأيضاً لكل أبناء الدرب الأحمر بلا أى استثناء من كانوا معى ومن كانوا ضدى وشكرى الخاص لمن أيدونى وثبتوا على موقفهم رغم قسوة الإغراء. وأوصيكم فى النهاية بأن تعينونى وتسمحوا لى بالتواجد والتواصل معكم إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً ، فأنتم معقد الرجاء ومصدر أى قوة. قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ صدق الله العظيم البقرة: 286 علاء الدين عبد المنعم المحامى بالنقض