10 كيلو طماطم

لا أزعم أننى أذهب إلى السوق لشراء الخضار، كنت أقوم بهذه المهمة حتى سنوات قليلة مضت، حينما كنت صحفيا فى جريدة الشعب كنت أنهى عملى بالعودة إلى سوق لا ظوغلى لشراء الخضار، وبعد انتقالى للأهرام أصبحت أمر على سوق باب اللوق، ومنذ سنوات قليلة لم يعد وقتى يسمح بالذهاب إلى السوق، وتولت زوجتى هذه المهة من فى سوق المعادى.
لكن هذا لا يمنع من بعض التليفونات المتقطعة لشراء بعض الخضار وبعض الفاكهة أثناء العودة، ذهبت إلى سوبر ماركت مترو فى المعادى لشراء 2 كيلو طماطم، وهناك شاهدت بأم عينى ما تتحدث عنه زوجتى منذ عدة أسابيع: كيلو الطمامط بلغ 12 جنيها، نفس سعر كيلو التفاح الإيطالى.. والثوم بنحو ثلاثين جنيها،أما باقى الخضروات فحدث ولا حرج.
خطر ببالى أن فى مصر ثلاثة ملايين أسرة بدون دخل على الإطلاق، ويتم تصنيفها باعتبارها الأشد فقرا فى البلد، وقد استحدث لها نظام الضمان الاجتماعى الذى بدأ بثمانين جنيها فى الشهر، ارتفع حتى وصل إلى 120 جنيها فى الشهر، أى ثلاثة ملايين أسرة تعيش على 10 كيلو طماطم فى الشهر، إذا افترضنا أن كل الأسر الفقيرة قد وصلها معاش الضمان الاجتماعى، مع العلم أن نصف هذه الأسر لم يصلها معاش الضمان بعد.
صحيح أننى حمدت الله على نعمة شراء الطماطم، ولا يزال فى إمكان أولادى الجلوس إلى مائدة الغذاء، وتناول وجبة خضار وسلطة وأرز، لكنها أحيانا تكون خالية من اللحوم، لكن حتى هذا الوضع لا يزال مقبولا، مع الوضع فى الاعتبار أن ربع المصريين على الأقل لا يمكنهم نيل هذا الشرف العظيم وهو وجبة غذاء واحدة متكاملة.
وإذا كان كيلو الطماطم بلغ 12 جنيها، والخضار يقترب من العشرة، والأرز زاد على خمسة، ومع السمن وباقى المستلزمات، فإن أى أسرة تحتاج إلى ثلاثين جنيها فى اليوم من أجل الغذاء أى تسعمائة جنيه فى الشهر، دون أن نتحدث عن "الإفطار والعشاء"، وإذا وضعنا فى الاعتبار مصاريف المدارس، والدروس الخصوصية، ومواصلات الأب للذهاب إلى عمله والعودة.. وملابس الأولاد، وعلاجهم فربما لن يتسطيع معظم المصريين الوفاء بهذه الاحتياجات.
وبعد شهر وعدة أيام سيذهب بعض المصريين للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات العامة لاختيار نواب الشعب، وفى ضوء هذا الوضع لن يضع المصريون فى اعتبارهم قضايا مثل حقوق الإنسان، والديمقراطية، ولانتخابات الرئاسية، والتوريث، والقاهرة اليوم، وأزمة الدستور.. لكنهم سيضعون أصواتهم فى صناديق الاقتراع على أساس سعر كيلو الطماطم!