استقرار أسعار الذهب عالميً اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي الجاري تنفيذها بالتعاون مع شركاء التنمية    «القومي لحقوق الإنسان»: مطالبة مدعي «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو شهادة على جرائم إسرائيل    الوكالة اللبنانية للإعلام: مقتل اثنين في غارة إسرائيلية على جنوبي لبنان    ليفركوزن يسعى لمواصلة تحطيم الأرقام القياسية.. ماذا قدم في مبارياته أمام أتالانتا؟    عبر تليجرام.. تداول امتحان العلوم لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    أزمات وشائعات طاردت زوجة محمد صلاح    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    أسعار الدواجن اليوم 22 مايو 2024    التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات اليوم بالسكة الحديد    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    اليوم.. «اتصالات النواب» تناقش موازنة الهيئة القومية للبريد للعام المالي 2024-2025    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    تفاصيل الحالة المرورية اليوم.. كثافات في شارعي رمسيس والهرم (فيديو)    طريقة عمل العجة المصرية، لفطار سريع وبأقل التكاليف    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    «حديد عز» بعد الانخفاض الكبير.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    ذبح مواطن في الطريق العام.. النقض تنظر طعن سفاح الإسماعيلية على حكم إعدامه    روسيا تبدأ تدريبا لمحاكاة إطلاق أسلحة نووية تكتيكية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نابروجادا.. تسعة وجوه للمرأة
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 09 - 2016

مبهجة.. تستطيعين قراءتها فى جلسة واحدة.. ستدفعك للكتابة عنها..
بتلك الملاحظات الثلاث لخص الكاتب الصحفى محمود صالح رأيه فى رواية "نابروجادا" للكاتبة سلمى أنور، عندما رشحها لى للقراءة، لم أعلق على ملاحظاته، ولكنى كنت على يقين أنى لن أقرأها فى جلسة واحدة كما قال، فهو يقرأ ك"عداء إفريقى" لا يتوقف إلا عند خط النهاية، فطبيعى أن ينهى كتابا من 180 صفحة فى ساعة على الأكثر، القراءة السريعة لا تناسب أمثالى من أصحاب المزاج الفرنسى فى القراءة، فأنا أقرأ كما يأكل الفرنسيون.. على مهل.. أخطو كالسلحفاة.. ابتسم.. انفجر ضحكا..تملأ عينيا الدموع أحيانا مما أقرأ.. أعيد قراءة مقطعا يعجبنى.. أدون ما يثير اهتمامى.. أطوى صفحات كتابى كى أنقذ روحى من السقوط فى دوامة حزن على موت رفيق درب فى الصفحات فابتعد لحظات حتى أدرك أنه مجرد خيال.
"نابروجادا" توقفت قليلا عند اسم الرواية لم أفهمه، ولكنى تجاوزت غرابته واثقة أن الكاتبة ستُعنى بتوضيحه فيما بعد، ثم جاءنى الإهداء متصدرا البداية...
"إلى الرجل الوحيد بشوارب فى حياتى..
الرجل الذى لم يفارقنى بالموت، ولا أفارقه بالحياة.. أبى"
شعرت تعاطفا كبيرا مع الكاتبة فهى تفتقد أباها مثلما افتقد أبى، أشعر أن كل من فقدوا آبائهم لديهم قدرة على تفهم أوجاع بعضهم، على إدراك وجع اختفاء الدعم الأهم من حياتهم.
تجاوزت الإهداء، وما أثاره من حزن داخلى لم أنتظر أن تأتينى البهجة التى وعدنى بها صديقى من ذكرى أحباء رحلوا رُغما عنا، ولكنى تجاوزته، وأنهيت الرواية بالفعل فى جلسة واحدة على مدار أربع ساعات تقريبا قابلت خلالها شخصيات من بلاد مختلفة، يحملون طبائع أشد اختلافا تصل حد التناقض.
لم تكن صفحات الرواية القليلة دافعا كافيا لأنتهى من قرائتها بهذه السرعة، ولكن بساطة وأناقة الكتابة كانتا الأهم، أناقة سيدة تكتب، وكأنها تتزين بلا تكلف، فقط تتقن وضع ما يبرز جمالها، تنتقى ما يعبر عن روحها، وتمتلك لغة ينساب الحكى معها بهدوء، لا تُغرقك فى تفاصيل لا داعى منها، تقول ما تحتاج أن تقرأه دون أن تشعر بالملل، وتُضفى مزيدا من التألق على حكايتها بحُلى من الأشعار، والنثر زينت بها أرجاء الرواية فى عناية تشبه شغف عاشق يجمع أبهى أزهار البستان لمحبوبته، اختياراتها المتقنة زادت من متعة قراءة حكاياتها عن البلاد البعيدة.
قدمت "سلمى" نماذج إنسانية كثيرة، كانت للمرأة البطولة المطلقة فى أغلبها، قدمتهن جميعا فى سلاسة، وقبول للجميع رغم الاختلافات، تنتقل من نموذج لآخر فى انسيابية وبساطة، جمعتهن الدنمارك حيث سافرت البطلة للعمل فى إحدى منظمات العمل الإنسانى.
قبل سفر البطلة أطلت من جديد قصة رحيل الأب، شعرت معها أن ثمة تشابه بيننا ليس لأنها فقدت والدها فقط، ولكن فى حديثها مع السماء..
"يارب اغفر لى إساءة الأدب مع جلالتك لكن.. الآباء لا يمرضون يا رب.. الآباء لا يشيخون.. يموتون هذا لك.. لك بتسليم مطلق وصمت لا ينتهكه إلا ذكر اسمائك تصبرا.. لكنهم لا يضعفون أمام صغارهم الآباء لا يثيرون الشفقة فلماذا إذن أمرضت أبى؟
اعترضت البطلة على مرض والدها، تقبلت الموت، ولم تقبل أن يضعف أمامها، ذكرنى اعتراضها بغضبى القديم من السماء لرحيل أبى، ولكن احتجاجى كان أكثر عنفا وأقل تأدبا، كان رفضا قاطعا لرحيله، رفضاً تحول سنوات طويلة إلى انتظار، انتظر عودته، وكأنه لم يمت، وكأنه مسافر كما اعتاد مؤخرا، بطلة الرواية كانت تصرخ الآباء لا يمرضون، وكنت أعتقد أنهم لا يجب أن يموتون من الأساس.
سافرت البطلة تاركة خلفها حزنها على وفاة أبيها محاولة أن تبدأ من جديد فى بلاد بعيدة، ودعت القاهرة، وأنهت قصة حبها المشوشة –كان لدى أيضا ما يشبهها يوما- التى طالما وثقت أنها لن تفضى إلى شئ.
فى البداية قاومت رغبتى فى الكتابة عن "نابروجادا"، خشيت أن يفسر القارئ تحيزى للرواية لأنى وجدت فيها شيئا منى، لا لأنها مكتملة الجمال، شديدة الحُسن، تلقائية السرد، تشبه إلى حد كبير بهاء بطلتها.
كثير من الفتيات عبرن الرواية، وإن تشابكت الأحلام، وتقاطعت الرغبات، تبقى كل منهن حالة أنثوية متفردة تعبر عن مكنون المرأة بشكل ما، كان بعض التشابه مع البطلة عاملا جاذبا لى فى البداية، ولكن مع توالى الشخصيات أصبح التشابه مع بعضهن عامل جذب جديد، فمن الصعب قراءة رواية تزدحم بكل تلك الشخصيات، ولا تجدين تقاطعا بين روحك، وبين إحداهن فكانتا أوراش وهيلينا الأقرب بالنسبة لى.

- صباح الخير "أوراش"
-وما الذى يجعل هذا الصباح بالذات صباح خير؟ ها هو صباح آخر كباقى الصباحات.. لا داعى للمبالغة.
انتزع رد "أوراش" إعجابى، كانت هى الأقرب لى من شخصيات "نابروجادا" بعد البطلة، "أوراش" الفتاة الكندية ذات الأصول الكازاخستانية حادة المزاج المتأهبة دوما للاشتباك، والمعاركة فى أية لحظة ولأى سبب.. عبوة ناسفة متحركة، وإعصار بشرى مدمر.. كما وصفتها "سلمى".
أما "هيلينا".. الدنماركية التى عبرت عن مخاوف إمرأة تقترب من الأربعين تحلم أن يكون لها طفلا " سيأتى يوما أعجز فيه عن أن أكون حبلى.. أن أكبر.. أن أفنى.. أن ينتهى بى الحال كهاته العجائز فى دور المسنات واللائى لا يتفقدهن أحد على وجه البسيطة.. لن تنفعنى ساعتها أسفارى، ولا مغامراتى العاطفية بل سأصير كتلة نكدة من الجلد يكسو عظاما هشة تنتظر الرقدة الاخيرة"
الحقيقة أن "أوراش" لا تختلف كثيرا عن "هيلينا" نفس الهاجس، وإن اختلفت التوابع "هيلينا" تعانى إحباطا لارتباطها برجل لا يريد أن يمنحها طفلا، لا يريد أن تتحول صورة حبيبته المغامرة الرحالة إلى نسخة تقليدية من ملايين الأمهات، و"أوراش" تواجه الحياة بمزيد من العدوانية، والغضب لأنها تحب رجلا لا يريد الزواج، فسعادتهما تعلقت بالرجل الخطأ، فأسوأ جريمة ترتكبها المرأة فى حق نفسها أن تقع فى حب الرجل الخطأ.
وفى النهاية تظهر إنستينا لتضع حداً لغربة البطلة، وتجعلها فى مواجهة مع ذاتها، وماذا تريد، فسألتها
- من أين أنت؟
- من مصر
أين تحبين أن تكونى الآن؟
- مصر
- عم تبحثين؟
- عن الحب
- كيف تحبين أن يكون حبيبك؟
- صعيدى
- كيف تتخيلين رجلك الجنوبى؟
- أسمر.. ربما بوجه صخرى فيه مسحة من صلابة وخشونة.. عينان بنيتان.. نظرات حادة إذا ما غضب.. وحانية مخترقة للروح ذاتها إذا ما صفا.. وله لكنة جنوبية ثقيلة على أذنى القاهرتيين.. أحيانا يقول ألفاظا جنوبية لن أفهمها.. وحين أسأله عن معناها سيضحك.. فأضحك لضحكه.
من جديد يطل التشابه مع البطلة، فارس الأحلام الصعيدى قاسما آخر مشتركا بيننا، غير أنى كنت لأتنازل عن العيون البنية راضية، يكفى أن يكون جنوبيا بلا شروط.
عادت البطلة، وتركت خلفها صقيع نابروجادا، وأخيرا وجدت أنا البهجة التى وُعدت بها قبل أن أبدأ الرواية، فأى نهاية تبعث البهجة فى النفس أكثر من نهاية رحلة مرهقة فى بلاد باردة، باستقرار مع رجل صعيدى، وابنة تشبهه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.