فى الطريق المؤدى إلى المدن الجديدة كالشروق والعبور والرحاب يبرز الموقع الاستراتيجى، الذى يحتله "سيتى ستارز" ذلك العملاق، الذى يبدو شامخاً بأعمدته المزخرفة بزهرة اللوتس. مكان شديد التعقيد والضخامة يجمع بداخله فنادق ومحال وأبراجاً سكنية ومبانى إدارية، ليمثل صورة القاهرةالجديدة التى يتم تعميرها من خلال الاستثمارات العربية وبخاصة السعودية. الساعة العاشرة مساء ومازال سكان القاهرة يتوافدون على هذا المعبد الفرعونى الحديث لشراء احتياجاتهم أو مشاهدة أحد الأفلام السينمائية أو لاحتساء أى مشروب. فى مقهى "الفريدو"، يجلس ثلاثة رجال فى العقد الرابع من العمر يحتسون القهوة، "هذه هى المرة الأولى التى آتى فيها إلى هذا المكان وقد أعجبنى كثيراً، حيث يجمع كل الخدمات فى مكان واحد"، قال حسام الذى يعمل معمارياً، أما صديقاه محمد وأحمد فهما مهندسان جاءا من الإسكندرية لاستكشاف المركز المكون من 5 طوابق "لست زبوناً دائماً للمراكز التجارية ولكن أحياناً أذهب إليها لمقابلة أصدقائى"، قال أحمد. يجمع سيتى ستارز أشهر محلات الماركات العالمية فى مكان واحد، أبرزها Mango,Guess,Morgan,Givenchy، بالإضافة إلى عدد كبير من المطاعم والمقاهى و13 قاعة عرض، وهو ما يجعل بعض الأسر تفضل شراء احتياجاتها من مكان واحد، فعائلة يسرى فضالى تشترى ملابس طفلها حسين الذى لم يتجاوز الثانية من عمره من المول، "أنا أعمل تاجر أثاث وليس لدى الكثير من الوقت ويساعدنى هذا المكان على توفير الوقت ومشقة الانتقال من محل إلى آخر باستخدام السيارة". "خلال فترة الخمسينيات والستينيات كان لكل شارع أو حارة بقال يذهب إليه الناس سيراً على الأقدام لشراء احتياجاتهم"، هكذا يشرح المفكر المصرى ميلاد حنا، مضيفاً لكن مع بداية الانفتاح الاقتصادى بدأت المراكز التجارية فى الظهور. "اليمامة سننتر"، هو أقدم مركز تجارى فى مصر، أنشئ فى عام 1989 بفضل التمويل السعودى وهى الفترة نفسها التى شهدت هجرة آلاف المصريين سنوياً للعمل فى دول الخليج، الذين عادوا ومعهم نمط الاستهلاك السعودى المقلد للأمريكيين لتتوالى بعده المراكز التجارية حتى وصل عددها إلى 8 مراكز خلال 15 سنة فقط. فى أحد ممرات سيتى ستارز، يمكن أن يقفز سعر البدلة التى تحمل ماركة عالمية إلى 6000 آلاف جنيه مصرى، وهو ما يعادل مرتب موظف خلال عام كامل فى المتوسط. هذا السعر لا يقلق منى (45 سنة)، ولا ابنتها التى تأتى إلى هذا المركز لتساير أحدث خطوط الموضة العالمية، فيما أكدت الأم أن ابنتها تقابل صديقاتها فى مكان مغلق وموثوق فيه. "تطور هذه المراكز التجارية الضخمة يمثل حالة من الفصل الجغرافى بين الطبقات الغنية والفقيرة"، قال المعمارى جمال عامر بقلق، ويختلف معه يوهنسن عيد أستاذ علم الاجتماع، معتبراً المراكز التجارية أماكن لاجتماع الطبقات المختلفة، حيث يقضى الناس أوقاتهم فى المركز دون شراء شئ بالضرورة وإن كانت هذه المراكز تهدد المحال الصغيرة المحيطة بها. _____________ ◄ مترجم عن مجلة النسيم الطلابية، التى أصدرها الدبلوم الفرنسى فى كلية الإعلام جامعة القاهرة.