الثأر قضية مازالت تشغل بال الكثيرين من أهل الصعيد والريف المصرى، والمشكلة الأكبر هى أنه بعدما يتم الصلح على يد كبار العائلات فى الصعيد وبحضور القيادات الأمنية يتم نقض الصلح مرة أخرى ويعود الثأر مرة أخرى إلى المكان بعد صلح قد يدوم لسنوات طويلة. ونحن أمام سؤال، لماذا يتم نقض الصلح بعد فترة من إتمامه؟ وهل نجحت الجهات الأمنية فى محاولات الصلح بين العائلات؟ وهل تباطؤ القضاء فى إصدار أحكام سريعة فى هذه القضايا يزيد من المشاكل الثأرية القائمة فى المجتمع المصرى؟ يقول الدكتور على أبو ليلة، أستاذ علم الاجتماع، إن الحكم فى قضايا الثأر مهما تدخل القضاء سيظل الحكم الشرعى فيها أن القاتل يقتل حتى ولو تم القصاص بسرعة أو ببطء لأنها الثقافة السائدة عند أغلبية الناس أنه لابد من أخذ الثأر باليد، وليس عن طريق الحكومة أو القضاء، وهذه ثقافة خاطئة ويجب محاربتها. وعن فكرة تدخل الأمن فى فض النزاعات والتصالح بين العائلات أضاف أبو ليلة، أن تدخل الأمن من البداية خطأ كبير لأنه فى حالات الصلح المتعارف عليها فى الشرع يجب أن يقوم أحد أفراد العائلة التى عليها الثأر بالذهاب إلى العائلة الأخرى حاملا كفنه على أن يتم ذلك بدون أدنى ضغوط عليها وهى بكامل إرادتها وفكرة أن يضغط الأمن على إحدى العائلتين وإقامة سرادق يجمعهم هنا تشعر العائلة المراد الصلح معها أنهم متساوون وهم فى مكان واحد وعادة ما يكون هذا الصلح صورى أو شكلى فقط وعادة ما يتم نقضه بسهولة وفى حالات إنهاء الخصومات الثأرية يفضل عدم تدخل الأمن نهائيا فيها. ويضيف حمدى الأسيوطى، محام، تباطؤ الحكم فى القضايا المتعلقة بالثأر أو قضايا القتل بشكل عام لأن ذلك التباطؤ يعمل على تحقيق العدالة لأن قضايا القتل تحتاج إلى وقت للاضطلاع على الأدلة واستدعاء وسماع أقوال الشهود والنظر فى تقارير الطب الشرعى وتقارير المعامل الكيميائية والفنية لمعرفة نوع السلاح ورفع البصمات الموجودة عليه، كل هذه الإجراءات تأخذ وقتا لأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته ولابد من وجود الوقت لتحقيق العدالة. وبالنسبة لمثل هذه القضايا، يكون النظر فيها أسرع لحد ما من القضايا الأخرى ويمكن أن يكون التباطؤ فى مصلحة المتهم مثل قضية مذبحة بنى مزار بعد كل هذا الوقت اتضحت براءة المتهم فى القضية. ويضيف أن أغلبية المصالحات التى يقيمها الأمن اعتقادا منهم أن القضية سوف تنتهى وأغلب جلسات الصلح التى نراها ما هى إلا شكليات فقط ولا تؤدى إلى حل جذرى فى النهاية لأن الناس غير مقتنعة والأمن يريد أن يقفل القضية التى تشغل بال الناس حيث تجاهلوا الدراسات التى قدمتها المراكز البحثية مثل المركز القومى للبحوث الجنائية وكان عليهم الاستفادة من البحوث التى تقدم فائدة كبيرة وممكن الاستفادة منها بدل من الشكليات التى يقوم بها الأمن على اعتبار أنها صلح بين العائلات فى الصعيد ويعد السبب الرئيسى لنقض الصلح هو تدخل الأمن من البداية ويجب أن يكون الدور للمسجد والكنيسة ووسائل الإعلام وإبعاد الأمن هو أفضل وسيلة للقضاء على مثل هذه الخصومات.