بوتين يهنئ السيسي بعيد ميلاده: من أعماق قلبي أتمنى لك الصحة والنجاح في خدمة الشعب    الشركات اللبنانية تستثمر 854 مليون دولار في مصر بنهاية فبراير 2025    ارتفاعات وشيكة في أسعار الذهب.. اشتري قبل فوات الأوان    أمين مجلس الجامعات الأجنبية: استكمال القرارات الجمهورية ل 11 فرعا و10 طلبات قيد الدراسة    الإخوان على القوائم السوداء في أمريكا رسميًا: ولاية تكساس تصنف الجماعة منظمة إرهابية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الأنجولي سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية    جوائز الكاف 2025، تعرف على طريقة اختيار الأفضل في أفريقيا    بعثة زيسكو الزامبي تصل القاهرة الخميس لمواجهة الزمالك    عمرو عثمان: أكثر من 13717 نشاطا توعويا لمكافحة الإدمان بمحافظات الجمهورية    الطقس غدا.. ارتفاع درجات الحرارة وظاهرة خطيرة صباحاً والعظمى بالقاهرة 29    الفنان محمد صبحي يغادر المستشفى بعد تعافيه ويعود إلى منزله    عمرو مصطفى يطمئن على تامر حسني: ربنا يشفيك ويعدي الوجع بسرعة    معرض رمسيس وذهب الفراعنة في طوكيو.. الأعلى للثقافة: دليل على تقدير اليابان لحضارتنا    فيلم بنات الباشا المقتبس عن رواية دار الشروق يُضيء شاشة مهرجان القاهرة السينمائي    وزير الصحة: دول منظمة D-8 تعتمد إعلان القاهرة لتعزيز التعاون الصحي المشترك    حقيقة عودة كهربا إلى الأهلي في يناير    اسعار كرتونه البيض للمستهلك اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    روسيا: أوكرانيا تستخدم صواريخ أتاكمز الأمريكية طويلة المدى مجددا    شقيق إبستين: كان لدى جيفري معلومات قذرة عن ترامب    أول رد فعل من مصطفى محمد على تصريحات حسام حسن    إزالة تعديات وإسترداد أراضي أملاك دولة بمساحة 5 قيراط و12 سهما فى الأقصر    ضمن مشروع تطوير شامل، أنظمة إطفاء صديقة للبيئة في مطار القاهرة    انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي العاشر لأدب الطفل تحت عنوان "روايات النشء واليافعين" بدار الكتب    الأهلي يحصل على موافقة أمنية لحضور 30 ألف مشجع في مواجهة شبيبة القبائل    وصفات طبيعية لعلاج آلام البطن للأطفال، حلول آمنة وفعّالة من البيت    رئيس الأركان يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته بمعرض دبى الدولى للطيران 2025    أسطورة ليفربول يكشف مفاجأة عن عقد محمد صلاح مع الريدز    ارتفاع عدد مصابي انقلاب سيارة ميكروباص فى قنا إلى 18 شخصا بينهم أطفال    قصور ومكتبات الأقصر تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. صور    جامعة قناة السويس تحتفي بأبطالها المتوجين ببطولة كأس التميز للجمهورية    الإسماعيلي يكشف حقيقة طلبه فتح القيد الاستثنائي من فيفا    المصرية للاتصالات تعلن اكتمال مشروع الكابل البحري 2Africa    بث مباشر.. بدء مراسم وضع هيكل الاحتواء لمفاعل الضبعة النووية    وزير الري يلتقي عددا من المسؤولين الفرنسيين وممثلي الشركات على هامش مؤتمر "طموح إفريقيا"    ما هو فيروس ماربورج وكيف يمكن الوقاية منه؟    مقتل 6 عناصر شديدى الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه فى ضربة أمنية    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    الصحة تغلق 11 مركزًا غير مرخص لعلاج الإدمان بحدائق الأهرام    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    حزب الجبهة: متابعة الرئيس للانتخابات تعكس حرص الدولة على الشفافية    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    إقبال واسع على قافلة جامعة قنا الطبية بالوحدة الصحية بسفاجا    بريطانيا تطلق استراتيجية جديدة لصحة الرجال ومواجهة الانتحار والإدمان    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن الدعاء
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 06 - 2010

نعم، إن للدعاء فنا مثل أى شىء آخر، فربما دعا الأحمق على نفسه بدلا ًمن أن يدعو لها، والأمثلة على ذلك كثيرة سأذكر بعضها بعد قليل.. لا أتكلم عن آداب الدعاء أو شروط إجابة الدعاء، ولكننى أتحدث عن فن الدعاء، عن كيفية التوجه إلى الله بالسؤال، نحن لا نعرف كيف ندعو الله، فمثلا ًعندما يريد الإنسان أن يرزقه الله الولد ماذا يقول وكيف يدعو؟ بعض الناس يدعو أن يرزقه الله الولد ليرث أمواله الطائلة فيستجيب الله له ويرزقه ولدًا عاقا شاربًا للخمر محبًا للنساء يرث أموال أبيه ويبددها على نزواته وشهواته الجامحة، إذن ليس هذا بدعاء حكيم، وبعض الناس يدعو الله أن يرزقه الولد لكى يخلد اسم العائلة فيرزقه الله ولدًا مجرمًا يجلب لأسرته العار والفضيحة طوال العمر ويخلد اسمها فى سجل المسجونين المسجلين خطر؛ إذن ليس هذا بدعاء أيضًا، أعرف امرأة دعت الله أن يرزقها بطفل شقى، لأنها لا تحب الطفل الهادئ، وهى لا تعلم أن كلمة شقى فى الإسلام تعنى الذى سيصلى نار جهنم فى الآخرة فقد قال تعالى فى كتابه العزيز: "لا يصلاها إلا الأشقى" (الليل 15). فيرزقها الله بولد أشبه بالشياطين يصيب أبويه بالجنون بعقوقه فتندم على هذا الدعاء السفيه، وأخرى كانت عاقرًا فدعت الله أن يأخذ إحدى عينيها ويبدلها بها ولدًا، فاستجاب الله لها وكان كريمًا معها فأخذ كلتا عينيها ورزقها بولدين فأصبحت عمياء قبل أن ترى ولديها. أليس هذا غباء فى الدعاء؟! كان من الممكن مثلا ًأن تدعو الله بولد دون أن تطلب منه أخذ عينها فى المقابل، فلماذا نقسو على أنفسنا وندعو عليها؟ ويتردد أن الممثل أنور وجدى- فتى الشاشة الأول فى سينما القرن الماضى- كان فقيرًا فدعا الله أن يغنيه ويمرضه فى المقابل بمرض السرطان، فقال: "هات لنا سرطان بقى واغنينا يارب" فاستجاب الله لدعائه وأصيب بسرطان القولون ومات وترك عمارة لم تسكن بعد وأموال فى البنوك لم يستمتع بها، فهل هذا دعاء يدعوه عاقل؟ وكأن الناس لا تعلم أن الله غنى وقادر فى الوقت نفسه أن يمنح كل شخص مسألته دون أن يأخذ منه المقابل، انظروا إلى دعاء إبراهيم عليه السلام عندما طلب من الله الولد وكيف دعاه بحكمة وذكاء فقد قال: "رب هب لى من الصالحين"(الصافات 100) يعنى أولادًا مطيعين عوضًا عن قومه وعشيرته الذين فارقهم، أى أنه طلب من الله ولدًا صالحا وليس ولدًا شقيًا أو ولدًا عفريتا أو...أو. فبماذا رزقه الله؟ أعطاه الله بقدر دعائه فقال: "فبشرناه بغلام حليم"(الصافات 101) أى غلام ذو أخلاق وأدب بار بأبويه، مطيع لهما، الذى هو سيدنا إسماعيل عليه السلام وجعله نبيًا أيضًا، قال تعالى: "واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا ً نبيًا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيًا".
انظروا إلى دعاء زكريا عليه السلام إذ قال: "فهب لى من لدنك وليًا يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيًا"(مريم 6). أى مرضيًا عندك وعند خلقك تحبه وتحببه إلى خلقك فى دينه وخلقه.. وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم : "رحم الله أخى زكريا ما كان عليه من وراثة ماله حين قال: هب لى من لدنك وليًا يرثنى ويرث من آل يعقوب. وقال زكريا أيضًا:"رب هب لى من لدنك ذرية طيبة" (آل عمران 38) أى أنه طلب من الله عزوجل أن يمنحه من عنده ولدًا صالحًا لكى يرث الدين والعلم من آل يعقوب ، يعنى هو لا يريده ليرث مالا ًأو أى شىء دنيوى لكنه يريده لله، مثلما نقول نحن الآن بلغة عصرنا أعطنى شيئا على ذوقك أى شىء ذا قيمة تختاره أنت لى، فما بالنا باختيارالله، فآتاه الله يحيى "يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى"(مريم 6). أى أن الله استجاب الدعاء وتولى تسميته بنفسه وقال عنه واصفا ً كمال أخلاقه: "وبارًا بوالديه ولم يكن جبارًا عصيًا"(مريم 14) "مصدقًا بكلمة من الله وسيدًا وحصورًا ونبيًا من الصالحين".(آل عمران 39). قال قتادة:سيدًا فى العلم والعبادة وقال سعيد بن المسيب:هو الفقيه العالم وقال عطية: السيد فى خلقه ودينه.أما أم مريم فقد دعت الله قائلة: "وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم".(آل عمران 36) أى دعت الله عزوجل أن يبعد الشيطان عن ابنتها وذريتها من بعدها، وقلنا فيما سبق كيف أن الله استجاب دعاءها بأن صرف عنها الشيطان هى وابنها عيسى عليه السلام، وأن الشيطان ينال من ابن آدم منذ لحظة الولادة إلا مريم وابنها بسبب دعاء أمها.
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان فيستهل صارخا ًمن مسه إياه إلا مريم وابنها"، فقد قال الله: "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتًاحسناً" (آل عمران 37). روى مسلم فى صحيحه من حديث جابر رضى الله عنه ورواه أبو داود فى السنن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم"..لا تدعوا: أى دعاء سوء، على أنفسكم: أى بالهلاك ومثله، ولا تدعوا على أولادكم: أى بالعمى ونحوه، ولا تدعوا على أموالكم: أى من العبيد والإماء بالموت وغيره، لاتوافقوا: نهى للداعى وعلة النهى أى لا تدعوا على من ذكر لئلا توافقوا، من الله ساعة نيل أى عطاء، فيها عطاء فيستجيب لكم: أى لئلا تصادفوا ساعة إجابة ونيل فيستجاب دعوتكم السوء. أى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهانا عن الدعاء على الأولاد والأموال والأنفس لأنه من الممكن جدًا أن يوافق هذا الدعاء ساعة إجابة فيستجاب للعبد.
وروى مسلم فى صحيحه من حديث أم سلمة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون"، مثل تلك الأم التى دعت على ولدها أن يموت لأنه أغضبها فتركها وخرج، وفى الطريق داهمه أوتوبيس قتله فى الحال فندمت أشد الندم وحزنت لأنها دعت على ابنها، وبدلا ً من ذلك كان يجب أن تدعو له بالهداية، لأنها لن تستفيد شيئا ًبموته أما لو هداه الله فستستفيد من هدايته.. أرأيتم كيف أن السفه فى الدعاء يمكن أن يضيع الإنسان؟! فمثلا ً يوسف عليه السلام لم يدعُ على إخوته بل بالعكس دعا لهم بعد كل ما فعلوه وقال: "لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين" (يوسف 92)، وحتى يعقوب نفسه عليه السلام لم يدع على أبنائه رغم كل عقوقهم له بل قال: "سوف أستغفر لكم ربى إنه هو الغفور الرحيم" (يوسف 98). مرض أحد السلف فعاده صديق فقال له: "قوى الله ضعفك" فقال: اللهم استجب لنيته لا للسانه لأن معنى دعائه أن يزيد الله مرضه رغم أن نيته عكس ذلك. ودعا رجل ذات يوم فقال:"اللهم امنحنى الصبر" فقال له عالم سمعه: "يا هذا لقد سألت الله المصيبة". لأنه يطلب الصبر فمعنى ذلك أن الله سيبتليه ليصبر. وقد قال النبى صلوات الله وسلامه عليه: "إذا سألتم الله فاسألوه العافية" ومع ذلك ما زال كثير من الناس يدعو على نفسه أدعية قاسية ولا يُحسِن استخدام ألفاظ الدعاء مثل ذلك الرجل الذى قال: "اللهم ارزقنى كذا وكذا إن شئت" فإنه لا يجب أن يقرن الدعاء بكلمة إن شئت لأن الله لا يفعل شيئا ًإلا بمشيئته، ولأن هذا عدم ثقة فى الإجابة، وكالرجل الذى يقول: اللهم قنى شر النار وحرها وزقومها وغسلينها وحريقها و..و... فإن هذا الدعاء فيه إطالة وإسهاب لا داعى لها فيكفى أن يستعيذ من النار دون ذكر كل تلك التفاصيل. فمتى نتعلم فن الدعاء حتى لا نخسر أشياءً كثيرة فى دنيانا وأخرانا؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.