نقلا عن "أخبار الأدب" فى هذا الحوار لم يلبس كريم عبد السلام قناع التواضع، معتبراً نفسه واحداً من الأسماء البارزة فى مجال قصيدة النثر، وابتعاده عن ضجيج الواقع الثقافى لا يعنى أنه غير مؤثر. يتحدّث كريم أيضاً عن الانتماء الجيلى، وفكرة تقسيم الشعراء إلى أدونيسيين وماغوطيين، كما يهاجم النقاد الذين يتمسّكون -فى وجهة نظره- بمقولات بالية عن الشعر، وأيضاً الشعراء الذين يستمدون وجودهم من الضوضاء الإعلامى، ويرصد ذهاب جمهور نزار قبانى ومحمود درويش بلا رجعة.. وهو أيضاً يجيب عن أسئلة تتعلق بديوانه الجديد الذى أصدره مؤخراً بعنوان "قصائد حب إلى ذئبة"، أسئلة تتعلق بضيق مساحة العالم فى هذا العمل، والنظرة الفوقية للمرأة، وأيضاً إغراقه فى الإيروتيكا! فيما يتعلق بالديوان الجديد "قصائد حب إلى ذئبة" ثمة إحساس بأنّ العالم ضيق؟ أنت وما ترى، أو أنت وما تريد أن ترى، عن نفسى أعتقد أن الاتساع يعبر عنه الاختلاف الكبير بين القصائد التى يضمها الديوان، كما أنّ الضيق لا يعبر عنه هاجس ممتد يتم التعبير عنه جمالياً، هل تذكر رواية "الجحيم" لهنرى باربوس عندما أوجد الكاتب مدخله إلى العالم الواسع من ثقب فى حجرته التى اختار أن يعزل نفسه فيها، ومن خلال هذا الثقب الصغير يعيد اكتشاف العالم بأسره من خلال زوار الغرفة المجاورة الذين يتغيرون عليه؟ ولكن معظم القصائد تدور حول رجل يتحدث وأنثى تتحرك أمامه؟! قبل أن أدخل للرجل والمرأة فى الديوان، أقول إننى لا أرى فكرتى عن طباعة ديوان تختلف عن نشر قصيدة أو عدة قصائد فى الصحف، فأنا قد أنشر عشرات القصائد لكنى عندما أفكر فى إصدار ديوان أبحث عن تجليه فيما كتبت من قصائد منشورة أو غير منشورة. الديوان بالنسبة لى حالة مشتركة وهاجس ممتد وروح مسيطرة، هذه الروح المسيطرة هى مدخلى لرؤية العالم وإعادة اكتشاف موقعى منه. أما عن الرجل والأنثى فى الديوان فالمسألة لا تتعلق بمن هو ثابت ومن يتحرك، هاجسى الذى يسيطر علىّ تستطيع إدراكه من خلال قصيدة "حزن ما بعد الغرام". لماذا يبدو ثمة تجن على صورة الأنثى فى الديوان؟! لا أريد أن أنفى أو أثبت وجود تجن، ولا أحب الكلام عن الشعر وكأنه وجهة نظر سياسية أو اجتماعية صرفة، الشعر انحياز شخصى، لا يمكن أن يكون إلا كذلك وكأى انحياز قد تجده متطرفاً أو قابلاً للتأويل باعتباره مقولة سياسية أو اجتماعية، القصيدة قد تبدو حيناً كذلك إذا أردنا رؤيتها بنظّارات الأيديولوجيا أو بعيون عالم الاجتماع، لكنها عندئذ تفقد الفارق بين السمكة فى بحرها أو فى "فريزر" التاجر، تفقد حياتها. لكن لماذا نعتها ابتداء ب"الذئبة" فى عنوان الديوان، كأن الصورة تنطلق فى الأساس من فكرة الشراسة؟! عندى عدة إجابات، الأولى من قصيدة حزن مابعد الغرام": ألمسك وتنتهى اللمسة/ أقبلك وتنتهى القبلة/ أيمكن أن أظل ملامسا لك كل لحظة،/ أن أقبلك قبلة لا تنتهى/ إلى أين ينسرب الحاضر هكذا من بين أصابعنا/ اقبضى علىّ بقوة/ لا تفلتينى/ ربما إن ظللت ألمسك هكذا/ نهزم الموت". الإجابة الثانية، ربما لأننى رجل طبيعى أحاول الهروب من إخصاء المدينة وزيفها وقبحها إلى ما يجعل الإنسان إنساناً، إلى خبراته المستمدة من الكائنات، شركائه فى الأرض وعلى الأرض، لماذا نتعامل مع الكائنات الأخرى بتقييم برجوازى، لماذا نعتبر الذئبة أقل من المرأة؟ أذكرك بالأساطير التى أسست وعينا بأن إحدى صور تسامى الإنسان عندما يختار التحول إلى ذئب. الإجابة الثالثة، أننى رأيتها هكذا! ألا تتفق معى أن الحب فى الديوان تحوّل إلى إيروتيكا؟ هل كانت كاهنات باخوس أكثر إنسانية من المرأة المعاصرة أم أكثر انحطاطاً؟ أكثر قدرة على العطاء أم فقيرات روحياً وعاطفياً، الأمر يتوقف على نظرتك أنت للحب ماذا تريد منه وماذا يمثل لك فى حياتك! هناك دراسة بريطانية تقول إنه لا يوجد حب، هناك فقط جنس ولا شىء آخر، هل هذا ما تحقق داخل الديوان؟! إذا كنا نتحدث عن الحب والإيروتيكا فى قصائد الديوان فلا طاقة لى بشرحها، يمكن أن أقرأها لتفسر نفسها، أما عن نظرتى أنا فى العموم، فأرى أن التعامل مع الجنس باعتباره فعلاً ميكانيكياً فقيراً أو أقل مرتبة أو أنه أقل طهارة وسمواً من مفهوم "الحب"، أرى ذلك أقوالاً مرسلة لنقاد مدرسيين ينطلقون من دروس الكنيسة والجامع أو من علم الأخلاق، العلم الأكثر زيفاً واصطناعاً عبر تاريخ البشرية. كيف تنظر أنت إلى الإبداع الإيروتيكى؟ لحظتان جاهد الإنسان عبر تاريخه لفض مكنوناتهما، لحظة الوصال أو ما يسمى بالجنس، ولحظة الموت، مفتاحا قيام وانهيار الحضارات ونشأة الدول والممالك وإنشاء القصائد والملاحم والبكاء من الألم والحسرة والفرح حتى الجنون. لم يدرك الإنسان حقيقةً أعظم من هاتين اللحظتين ولم يواجه خطراً أشد منهما، فى الوصال يحاول الخروج من وحدته الوجودية المفروضة عليه، كما يسعى خاسراً طبعاً طوال حياته لاتقاء الموت.. لحظة الوصال مهما طالت تنتهى وتجلب معها الحزن المقترن باللذة والعمر مهما طال ينقضى معلنا الانتصار الخالد للموت والفناء وبينهما نظل نجاهد بكل مكتسباتنا الحضارية وبكل قصائد الشعراء ومؤلفات الروائيين والكتاب، لنطيل لحظة الوصال ونخطف عدة أيام وسنين من رصيد الموت، وبعد ذلك يأتى نقاد مدرسيون ليفصلوا لحظة الوصال عن كل تاريخها مختزلين إياها فى مصطلح الإيروتيكية! الحوار غائب دائماً بين شخصين من المفترض أنهما ضلعا علاقة.. لماذا؟ هل لأن الواقع قاس.. أم بسبب توحش أحدهما وهو فى الأغلب الأنثى؟! لا أتفق معك، فى غياب الحوار، أقول إن كل مفردات الوصال بارزة وقائمة فى إطار اللحظة المعاصرة، الحوار والصراع والملاطفة والتوحد والانفصال والفقد، وأتفق معك فى أن الواقع قاس، وهو لم يكن فى أى وقت غير ذلك وإن كان بهيئات وتجليات متباينة. ألا ترى أنّ طبع أعمالك فى دور عربية ومنها الديوان الأخير، أو فى طبعات محدودة داخلية أفقدك كثيراً من الانتشار الذى يبحث عنه أى شاعر داخل وطنه على الأقل؟ لا أعتقد ذلك، فأنا أعتبر نفسى - وبعيداً عن التواضع الزائف - من الأسماء الأساسية فى قصيدة النثر المصرية الحديثة، والانتشار بالمعنى الفنى لا أعرفه وكتبى منتشرة فى الحيّز الذى يجب أن يُقرأ فيه الشعر بمصر والدول العربية، حيز الشعراء والمهتمين بالشعر، أما الدوائر الإعلامية الأوسع فلست معنياً بها! هناك شعراء يراهنون على الجمهور.. وأنت واحد من شعراء قصيدة النثر.. على ماذا تراهن؟ أراهن على تحقيق أحلامى الجمالية داخل القصيدة، ثم إن مفردة الجمهور هذه مفردة غريبة على سمعى مرتين، مرة لأنّ جمهور القراء متذوقى الشعر قليلون للغاية وجمهور الشعر الجديد لا يعدو أن يكون جمهرة الشعراء والكتاب والصحفيين وأفراداً ممن أدركتهم حرفة الأدب ثم استطاعوا الانعتاق منها، الجمهور الذى كان يحتشد لنزار قبانى ومحمود درويش خرج ولم يعد! وهل يمكن أن يأتى اليوم الذى يحقق فيه شعراء النثر معادلة بعض شعراء التفعيلة بالانتشار الجماهيرى؟ شعراء قصيدة التفعيلة الذين حققوا انتشاراً جماهيرياً تم لهم ذلك فى ظروف سياسية وثقافية مغايرة، وعبر وسائط تلق مختلفة أيضاً، الأنظمة العربية كانت تحتاج إلى شعراء فأتاحت لهم فرصة الصعود الإعلامى وأبرزت الموهوبين منهم ليتزيّنوا بمواهبهم، وأفاد الشعراء السابقون خصوصاً الموهوبين الكبار من هذه الفرصة وخلقوا نجومية نافست المطربين والمذيعين، ناهيك عن أن العصر كان عصر ثقافة رصينة يحتل فيها الشعر والكتاب الأدبى حيزاً كبيراً من التربية والتعليم، كما كانت القصيدة من جانب آخر إحدى وسائل التسرية مثل الأغنية والرواية المصوّرة والمنشور السياسى، الآن تغيّر ذلك كله فلا عاد الشعر جزءاً من المكوّن الثقافى لعموم الأجيال الطالعة، وما عادت القصيدة وسيلة للتسلية فى عصر الصورة والاستعراض ثلاثى الأبعاد، ولم تعد الأنظمة فى حاجة إلى صناعة شعراء لتتزين بهم أو لتتطهر بهم بعد تولى حكومات فقيرة الثقافة والروح. لماذا تبدو أيضاً بعيداً عن المشهد الثقافى.. يبدو الأمر كأنما تفرض عزلة على نفسك فى فترات كثيرة؟ لى تفسيرى للمشهد الثقافى، ليس هو فى نظرى الحضور الإعلامى الكثيف المتوالى، هذا الحضور السمج الذى برع فيه الأدعياء والعاطلون عن الموهبة، هو حضور لا يكشف إلا عكس ما يريد أصحابه من وراء استعراضهم الفارغ وإطلالتهم السمجة، وفور أن يغيبوا لسبب أو لآخر لا يعود يتذكر أحد لهم حرفاً. أنا أصنع مشهدى الثقافى وأظهر عندما أريد، من خلال قصيدة أنشرها أو مقالة أكتبها، فالمشهد الثقافى كما أعرفه هو القدر الذى يجاهد الشاعر والكاتب حتى يبقى بعدما يغيب بجسده وليس مساحة استعراضه وسط حبر المطابع وشاشات الفضائيات. دخلت فى دوامة العمل الصحفى.. ألست نادماً على فوات شىء؟ أعمل صحفياً، وأحيا شاعراً كاتباً، ولست نادماً إلا على عداد الزمن الذى يعمل رغماً عنى ولا أستطيع إيقافه، كثير من اللذات لم أغرق فيها، نساء جميلات يملأن الشوارع ولم يعانقننى، مدن بحجم الكرة الأرضية ولم أمر بها، وأنا يعجبنى قول أبى فراس "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر"! وأين تضع نفسك فى المشهد الشعرى الآن.. أنت محسوب على أى جيل؟ لا أحب مصطلح الأجيال كمعيار لتصنيف الكتاب والشعراء وكتبت كثيراً فى نقد هذا المعيار، وإذا جاز لى أن أتحدّث عن تجربتى وسط الشعرية المصرية الجديدة، فإننى أفترض أن الإنسان وتجربته القصوى فى الحياة هى ما يمثل منجم الشعرية عندى، ولذلك فإننى أشحذ حواسى بالمعنى الطبيعى البدائى حتى أكون جاهزاً لاستقبال الإشارات الشعرية المتدافعة من حولى والتى تدوّم فى رأسى طوال الوقت. الشعر يبدأ وينتهى بالإنسان ويشترط الجاهزية لاستقباله عبر أمور عدة منها، بالنسبة لى، الاقتراب من كل ما هو طبيعى وبدائى ومنها الوعى بتاريخ النوع الأدبى، أى الشعر العربى وموضعى من مراحله وتطوراته، ومنها علاقتى بالأداة اللغوية وانحيازى إلى أداء معين ضمنها، ومنها نفى فكرة النمط الواحد للقصيدة، انطلاقاً من حرية القصيدة فى العثور على تشكلها وقانونها. من هم أسلافك من الشعراء والأدباء عموماً ولماذا؟ أرى أن على الشاعر واجب اختيار أسلافه ورفاقه كجزء من تراجيديا الشاعر الذى يدفعه حدسه الشعرى إلى إعادة بناء الكون من جديد بيديه العاريتين، حتى عندما يرجو حبيبته التى هجرته أن تعود لحضنه مرة أخيرة، ومن ثم أنا أصنف نفسى وسط أسلافى ورفاقى الكبار من الشعراء المعذبين بكلماتهم، توفيق صايغ وأنسى الحاج وبدر الديب وصلاح عبد الصبور وسركون بولص والسياب وعباس بيضون وعفيفى مطر وسيف الرحبى ووديع سعادة والماغوط وقاسم حداد وأمجد ناصر ومحمد صالح وبسام حجار ممن أتذكرهم الآن. كما أن هناك كتاباً وشعراء أسترجع أعمالهم وكتبهم بمثابة الملاذ والسند فى أوقات الارتباك والمحن الحياتية والعزلة، فى طليعتهم أسلافى لكن منهم بالطبع ريلكه وشيمبورسكا وفروغ فرخ زادة ورينيه شار وسيوران وبريخت شاعراً ومسرحياً وهنرى ميشو ووالت ويتمان –طبعاً- وشيموس هينى وكفافيس وجينسبرج المتشرد وتشيكوف -الذى أصنفه شاعراً- وسيلفيا بلاث. وماذا تبقى من شعر الرواد؟ كل المحاولات الصادقة للإضافة إلى تاريخ النوع الشعرى. هناك شعراء يقسمون النثريين إلى ماغوطيين وأدونيسيين.. ما رأيك؟ لا أوافق على هذا التقسيم وأراه قاصراً وساذجاً إلى حد كبير لأن قصيدة النثر تجاوزت أدونيس والماغوط. وكيف ترى المشهد الثقافى الآن؟ نحن فى لحظة ضد الكتابة، ضد مطلق الكتابة والإبداع، لحظة انحطاط للإنسانية تتراجع معها كل الغايات النبيلة التى دفعت عملية الكتابة باطراد إلى مراكمة النتاج فى أنساق وأغراض وأنواع متباينة كما دفعتها إلى التطور والنماء، فالأحداث ومعظمها لاعقلانى، عبثى، وحشى، لا إنسانى، أبلغ من آلاف الكلمات التى من الممكن أن تُكتب، وتصل هذه الأحداث بفعل التطور التكنولوجى إلى الناس أسبق من آلاف الكلمات، عبر الفضائيات والقنوات الأرضية، الكتابة الآن جنون كامل لا يمكن اجتراحها مختارين. ولماذا يبدو المشهد الشعرى أكثر إشراقاً فى الشام عنه فى مصر التى تتميز بانفجارة روائية؟ الموجة الشعرية المصرية الحديثة من الضخامة بحيث تضم دون مبالغة مئات الشعراء، ومثل هذا العدد الضخم من الشعراء ليس كله جيداً متمايزاً فى تجربته وليس معظمه وليس إلا أقله القليل من قدّم جهداً خلّاقاً ينضاف إلى مسار القصيدة العربية الحديثة، وهذا شىء طبيعى لكنه يولّد التباساً مغلوطاً لدى كثير من المتابعين المشغولين بتتبع التشابه والتكرار والمجانية والركاكة والخيال الفقير فى هذا الرافد العريض المسمى بالقصيدة المصرية الجديدة، وهو ما يجرنا إلى محنة النقد الأدبى فى مصر. الشعر كثير ومشرق فى مصر، لكن إن لم يكن فى قلبك فلا وجود له، تراه فترى به كل جوهر، كل قانون جمالى، كل صفاء وكل تماسك، فإن لم تره، إن لم تدركه، لن ترى أى جوهر، وإن لم تره وزعمت أنك تدافع عنه، فلن يصدقك أحد، لأنّ أول سر من أسرار الشعر، أنه من يدافع عن الشعراء وليس العكس، وإن زعمت أنك أدركته وامتلكته للأبد على الصورة التى أدركته عليها، فإنك واهم، لأنه المتجدد دائماً، لن يخلف بين يديك سوى قشرة، إطاراً ثم يمضى! أخيراً ما سبب تراجع النقد الشعرى؟ بدل أن يرتفع النقد الأدبى فى مصر إلى مستوى التجربة الشعرية التى تحققت خلال الخمس عشرة سنة الماضية عبر متابعة وتقصى الأعمدة الرئيسية فى هذه التجربة والانطلاق من أن الشعر فردى مثل البصمة مثل تجربة الموت، ينطلقون من التعميم السهل أو المقارنات التقليدية الممجوجة بين الجيل الحالى والأجيال السابقة أو بين القصيدة الحالية والقصيدة السابقة، وبعضهم ما يزال أسيراً للعبارات المحفوظة البالية حول صعوبة انتساب قصيدة النثر إلى الشعر العربى لتخليها عن العروض. أضف إلى ذلك الضعف الشديد للدرس الأكاديمى فى كليات الآداب وفى أقسام اللغة العربية، والذى ينتج مسوخاً متمسكة بالرطانة غير المفهومة وهى تلوى أعناقها إلى الوراء وتلوك جملا غير مترابطة من النقد العربى القديم فيما يشبه المحفوظات المدرسية تنال عليها إجازات علمية باهتة وتؤكد مناخ الغباء والإسفاف الذى يبدأ وينتهى بغياب حرية الرأى والتعبير والإبداع. من هنا عز أن نرى نقاداً مفكرين أصحاب وجهات نظر وفلسفة تجاه العالم والإبداع، تتفق أو تختلف معها، إن هم إلا ببغاوات فارغة من كل حس أو روح أو بصيرة، وهم جزء صادق معبر عن واقع الحياة الفكرية المصرية والعربية. ومثل هؤلاء لابد وأن يؤجلوا عملية الفرز والغربلة للمشهد الشعرى العارم والمضطرب، بدل أن يكونوا حملة رايات الإرشاد، المساهمين فى بلورة التجارب الخلافة بالجدل معها وإضاءتها! !