سيدى الرئيس : تحية واجبة وبعد! أعلم وتعلمون أن القدر قد ساقك إلى مصر العربية فى لحظة تاريخية فاصلة، كان الوطن على شفا حرب أهلية، وعلى حافة التقسيم، وإلى نفس المصير الذى واجهته وما زالت أرض الرافدين والشام وحضارة سبأ وحضر موت وبلاد عمر المختار، فى وقت كانت ولا زالت قوى الشر فى قمة تربصها بنا وبالوطن! وأعلم وتعلمون أنك ما كنت -يوماً- طالب سلطة أو سلطان وأنك اختيار فرضته الضرورة قبل أن تكون مجرد خاطر أو نزوة عابرة لقيادة هذه الأمة، وأعلم أنك لم تطلب الحكم وإنما طلبت له وأن الملك لله وحده يُؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء، وأنه لن يحكم أحد فى ملك الله إلا بمراده سبحانه وتعالى! سيدى الرئيس: عالم النفس الشهير أبراهام ماسلو يحدد فى قاعدة هرمه الاجتماعى احتياجات الإنسان الأساسية من مأكل وملبس ومشرب قبل انتقاله للمستوى الأعلى من ضمانة الأمن والأمان بمنظورهما الشامل حتى يصل للكمال، والكمال لله وحده! ومن عجبِ –سيدى- أن أمة ضاربةً جذورها فى أعماق التاريخ لأكثر من 7000 سنة، ما زالت فى إطار البحث عن أساسيات حياتها يضاف إليها أولويات هامة كالتعليم والصحة! أعلم -سيدى- وتعلمون أن همك الكبير هو تدبير موارد اقتصادية تفى بمتطلبات الأمة المصرية من مأكل وملبس ولهذا جاءت قناة السويس الجديدة وغيرها من المشاريع الكبيرة، ولكن إيمانى أن أولويات أخرى كالتعليم والصحة يجب أن تكون على رأس خارطة الطريق فى الحاضر والمستقبل، وكلاهما كاف للنهوض بأمة تبحث عن مستقبلها وسط موجات إقليمية وعربية مضطربة، تضع الكثير من علامات الاستفهام عن حاضر ومستقبل المنطقة! إن إهمال التعليم –سيدى- أدى إلى خلق جيل كامل جاهل ومشوه، وهذا بدوره انعكس سلباً على مناحِ أخرى كالوعى الصحى لدى المواطن فجاءت النتيجة كارثية لتنامى مشكلة التلوث البيئى، وجهلنا بمعاملة السائح والاهتمام بالسياحة وهى أحد أهم روافد الدخل القومى فى بلدان كثيرة، والعشوائيات التى طالت كل شىء من الكونكريت حتى الفكر والعقل الإنسانى! إن المرء يحق له أن يحزن وجامعات كالقاهرة والإسكندرية وعين شمس والمنصورة يجىء ترتيبها عالمياً بعد أكبر وأهم سبعمائة جامعة عالمياً، فى الوقت الذى يتم تصنيف خمس جامعات للعدو الإسرائيلى ضمن كبرى مائة جامعة! أعلم سيدى أن إصلاح الخطاب الدينى، يمثل أحد محاور اهتماماتك، وهو بصورة أو أخرى يرتبط بواقع التعليم الذى جرى عن عمد تجريفه، فى وقت انتشرت فيه زوايا ودكاكين العبادة التى تبث سموم الفكر الجاهلى لكل من قرأ كتاباً فصار شيخاً، يفتى ويلقن ويوجه ويحرم ويحلل بعيداً عن سلطة واعتدال الأزهر الذى أضعفناه وضعفنا معه! وتتملكنا الدهشة حين نعلم بوجود عدد كبير من معاهد إعداد الدعاة غير خاضع لسلطة وإشراف الأزهر بل لا يخضع لسلطة القانون، فكانت هذه مادة خصبة ترعرع فيها الجهل والإرهاب والتشدد الدينى والدين منه براء فى وقت خصخصنا فيه كل شىء حتى التعليم وقيمته المضافة لأى أمة! إن لنا فى تجربة مهاتير محمد فى ماليزيا أسوة حسنة، حين غلب الإنسان وتطويره على الكونكريت، ولنا أيضاً –سيدى- فى استلهام تجربة جون كنيدى فى الستينات عبرة وعظة، حين أطلق صيحته الشهيرة "أمة فى خطر" لمجرد أن النظام التعليمى الأمريكى وقتها لا يفى بمتطلبات عصره، فكانت النتيجة نظام تعليمى عصرى، ومثل يُحتذى لأمة تواقة للخلق والابتكار والابداع! سيدى الرئيس: أعلم وتعلمون أن "الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" وأعلم أن القصد سامٍ والنية سليمة وهدفكم يكاد يطول عنان السماء، وأن حب الشعب لكم جارف، وهى معطيات أن توفرت لشخص، فهى كافية لأن تقودنا ل30 يونيو أخرى على التعليم والجهل، ساعتها ستٌحل كل المستحيلات الأخرى وتُصبح مصر –تحت قيادتكم- "قد الدنيا"! سيدى الرئيس : التعليم يأتى قبل الخبز أحياناً! سلام عليكم وعلى مصر الآمنة المتعلمة الراقية التى نحلم بها، وطاب نهارك!