نتابع الآن ما يحدث من تطورات وأحداث أبطالها دول حوض النيل حول تقاسم حصص مياه النيل مع مصر باعتبارها دولة المصب وصاحبة النصيب الأكبر فى هذه المياه، ولنعلم أن مصر لا تمانع فى استخدام أى من هذه الدول للمياه فى مجالات مختلفة تلبى احتياجاتها الضرورية بشرط التعاون المسبق مع مصر طبقا لاتفاقية أقيمت فى زمن كانت مصر فيه تميل نحو أفريقيا أكثر وبالتالى كان طبيعيا أن تكون مصر صاحبة الكلمة الأولى فى موضوع تقاسم حصص مياه النيل، أما الآن فالوضع مختلف فقد اتجهت مصر شمالا، وأهملت الجنوب الذى أصبح مرتعا لإسرائيل والصين وأمريكا وطبيعيا أن تتغير إستراتيجية هذه الدول طبقا لنظمها الحاكمة التى لا تلبث أكثر من شهر فى سدة الحكم ثم يحدث انقلاب يتلوه آخر، وهذا يدل على مدى التدخل الرهيب من إسرائيل وأمريكا فى هذا الشأن، والأدهى والأمر أن هذه الدول سوف تزيد إلى ثمانى دول بالإضافة إلى مصر بدخول دولة جنوب السودان فى القائمة من العام القادم لو حدث الانفصال عن الشمال وهو المحتمل، وبالتالى لابد من تحرك عاجل قائم على المصلحة المتبادلة فالدول المشتركة معنا فى مياه النيل فى أمس الحاجة لخبرات علمائنا فى شتى المجالات، وما زالوا يملكون من الثروات الكثير لم تكتشفه بعد، وبالتالى أقترح أن تستخدم مصر قواتها الثلاث المتمثلة فى الآتى: 1-القوة الدبلوماسية فى فهم وجهات نظر هذه الدول ومراجعتها ومناقشتها والتشاور حولها للحصول إلى حل أمثل يضمن مصلحة الطرفين. 2-القوة الناعمة وأقصد بها الأزهر الشريف وقوته فى هذه الدول، وأقصد دعم روابط الصلة بين كل من مصر وأبناء هذه الدول، فهؤلاء هم من يعرفون قدر مصر. 3-القوة الطبيعية وأقصد بها جغرافية مصر وهى هبة من الله وهذه هى القوة التى لا يستطيع أحد أن يقف أمامها مهما كانت قوته وعنفوانه، فلو فى أسوأ الظروف نضبت مياه النيل فمصر تملك من المياه الجوفية بالإضافة إلى كلا من البحر الأحمر والمتوسط، وتحضرنى تجربة السعودية وليبيا فالآن أصبحت التكنولوجيا متقدمة لدرجة تسمح بتواجد الماء العذب فى شتى الظروف بطرق التحلية وغيرها وبالتالى فلا يستطيع أحد تعطيش مصر، وأستنكر من يتحدثون عن استخدام القوة العسكرية فهذه الدول لا تملك جيوشا نظامية تستطيع أن تواجهنا، واستخدام هذه القوة لا أتمناه وأرفضه فعدونا معروف، أما هذه الدول فلها مصالح مختلفة تسطيع مصر أن توافق بينها فى جلسة واحدة وتنتهى كل هذه الزوبعة.