ظل السؤال الأزلى الذى يستبد بعقول الناس على مر العصور، إن كان البشر هم وحدهم الذين يعيشون فى هذا الكون؟ ومن بين هؤلاء الملياردير الروسى يورى ميلنر الذى أعلن اليوم الاثنين أنه يعتزم رصد 100 مليون دولار لحل هذا اللغز. وبالاستعانة ببعض من أضخم تلسكوبات العالم اللاسلكية سيشرف فريق من العلماء -انتقاهم ميلنر بنفسه- على مبادرة تستمر على مدى عشر سنوات لرصد أى إشارات لاسلكية قد توضح وجود عقول ذكية فى مكان ما من الملكوت. وقال ميلنر فى مقابلة "إنه أكثر الأسئلة إثارة فى ميدان التكنولوجيا فى وقتنا هذا" مشيرا إلى انه أصبح مغرما بفكرة وجود حياة خارج كوكب الأرض بعد أن قرأ وهو فى العاشرة من عمره فى موسكو كتاب عالم الفيزياء الفلكية الأمريكى كارل ساجان "المخلوقات الذكية فى الكون". جاءت أموال ميلنر التى خصصها لتمويل المشروع من استثمارات ذكية مبكرة فى مشروعات حديثة منها فيسبوك. والدافع وراء سعى ميلنر فى هذا المجال هو اعتقاده بان حضارات أخرى قد تعلم البشر كيفية التعامل مع تحديات منها تخصيص الموارد الطبيعية. وقال ميلنر "لو اننا بمفردنا فعلينا أن نفخر بذلك. الرسالة هى انه لا يوجد عالم مواز للكون". وقال علماء أن المشروع تتضاءل إلى جانبه أى برامج أخرى فى مجال البحث عن مخلوقات ذكية خارج كوكب الارض وقال دان ويرثايمر أحد مستشارى مشروع ميلنر وهو أيضا عالم الفيزياء الفلكية المشرف على موقع الكترونى مرتبط بجامعة كاليفورنيا فى بيركلى أن العالم ينفق أقل من مليونى دولار سنويا فى هذا الصدد. وقال العلماء إنه نظرا للتطور التكنولوجى فان المبلغ الذى خصصه ميلنر سيساعد فى قطع شوط طويل أبعد مما حدث فى مطلع تسعينات القرن الماضى وهى أحدث فترة يتوافر فيها للبرنامج تمويل كبير. وسيساعد المبلغ العلماء فى رصد عدة مليارات من الترددات اللاسلكية بدلا من عدة ملايين فضلا عن كشف مساحات لرصد الفضاء تزيد عشر مرات عما كان عليه الحال فى تسعينات القرن الماضي. لكن أى اشارات قد يلتقطها العلماء ربما تكون قد انطلقت منذ سنوات وربما منذ قرون أو آلاف السنين من قبل لان الاشارة اللاسلكية الواحدة تستغرق أربع سنوات بين الارض وأقرب النجوم للمجموعة الشمسية. وفى خلال عشر سنوات وبمبلغ مئة مليون دولار يمكن للعلماء المشاركين فى برنامج ميلنر أن يرصدوا اشارات لاسلكية فى مجرة درب التبانة إلى جانب أقرب 100 مجرة لها. ومن بين الصعوبات التى تواجه المشروع امكان حجز مدد زمنية على التلسكوبات اللاسلكية فيما يعتزم ميلنر حجز شهرين كل عام فى كل من مواقع الرصد اللاسلكية فى العالم وهى ميزة فريدة للعلماء الذين عادة ما يحجزون يومين فقط فى العام على هذه التلسكوبات. بذلك ينضم ميلنر -وهو عالم فيزياء فى الأساس- إلى كثيرين من المستثمرين ممن يهتمون بمجال الفاء منهم ايلون ماسك مؤسس شركة سبيس إكسبلوريشن تكنولوجيز (سبيس إكس) الذى قال إنه يود استعمار المريخ يوما ما.