أصعب شىء تتعرض إليه أسرة ما هو اختفاء أحد أفرادها والبحث عنه لسنوات من دون أن يتم العثور عليه.. حتى أن بعض الأسر ممن عاشت هذا الظرف القاسى تمنت لو أنها تطمئن على الفرد المختفى منها حتى بخبر موته، فهو أهون بكثير من حرقة انتظار مالا يجىء. المأساة تعيشها أسرة ناصر حسين، ذلك الشاب البالغ من العمر 35 سنة، والذى اختفى منذ 25 مايو 2005. كان يعمل بالإنتاج الفنى وبيع الأراضى واختفى فجأة فى ظروف غامضة ولا تعلم أسرته شيئا عنه حتى اليوم، وطوال هذه الفترة وقعت بعض الأحداث المثيرة قبل وبعد اختفائه، فقد اتصل مجهولون بأسرته وأقنعوهم بعدم الإبلاغ عنه وإلا سيتم قتله. «اليوم السابع» التقت عائلة ناصر التى تقيم فى منطقة كوم أوشيم، مركز طامية، بمحافظه الفيوم. تقول والدته سعاد عبده، 54سنة، ربه منزل، إن ناصر كان يحلم بالسفر من الفيوم للقاهرة والعمل فى الإنتاج الفنى وهو يعشق التجديد فى حياته منذ صغره، وحقق حلمه بالسفر إلى القاهرة بعد انتهاء دراسته الثانوية ليستقر هناك، وقام بفتح مكتب للإنتاج الفنى وبدأ يتردد علينا كل حين واشترى شقة فى منطقة فيصل ليقيم فيها بمفرده بعد أن خطب ابنة أحد أقاربنا بالقاهرة، وفوجئنا بعدم زيارته لنا لمدة شهر فسافر أشقاؤه إلى شقته بالقاهرة للاطمئنان عليه لكنهم لم يجدوه وعندما سألوا علموا أنه قام ببيع الشقة وترك مكتب الإنتاج الفنى الذى كان يمتلكه هو وزملاؤه بالقاهرة، وحاولنا الاتصال بكل من يعرفه أو يتردد عليه فأكدوا أنهم لا يعلمون عنه شيئا، فذهب شقيقه إلى قسم الشرطة ليبلغ عن غيابه، وفى الطريق اتصل به مجهول تليفونياً يطالبه بعدم الإبلاغ عنه وإلا سوف يفقده للأبد، فشعرت بالخوف على ابنى وبعد يومين تلقيت اتصالا آخر من ابنى يخبرنى بأنه بخير ويوصينى بعدم إبلاغ الشرطة وأنه تحت التهديد وسوف يعود فى أقرب وقت، وقال لى انتظرينى حتى أعود إليك وإذا كنت تخافين على فلا تبلغى الشرطة عن تغيبى، وشعرت بأن صوته غير عادى وكأنه تحت ضغط وبالفعل رفضت الإبلاغ. وبكت الأم واستكملت حديثها، وقالت الأم: لقد خشيت على ابنى من الموت ففقدته للأبد. وقال الأب حسن حسين، 57 سنة ل«اليوم السابع»: بعد أن وصلتنى تهديدات بقتل ابنى فى حالة إبلاغ الشرطة تراجعت ومنعت أبنائى من الإبلاغ على أمل أن يعود إلينا. وأضاف: جاءنى صديقه وقال لى إنه وناصر وصديقا آخر كانوا فى طريق إسكندرية الصحراوى وخرج عليهم مجهولون يستقلون سيارة ميكروباص وأوقفوهم وأخذوا ناصر وتركوهم. ويكمل الأب: بعد ذلك اتصل بى ابنى ليطالبنى بعدم إبلاغ الشرطة، وقال أنا فى خطر ولو الشرطة علمت فسوف يتخلصون منى، وحاولنا أن نعرف من خلال أصدقائه ماذا حدث ولكنهم رفضوا أن يخبرونا بالحقيقة، وكلما طلبنا منهم أن يخبرونا بما حدث لنجلى يقولون إنه بخير ولا تقلق عليه، وأنا عندى إحساس أن أصدقاءه الذين كان يعملون معه فى الإنتاج الفنى وبيع الأراضى يعلمون ماحدث وعندما سألناهم عن رقم السيارة التى استقلها الجناة رفضوا إعطاءنا الرقم وحذرونا وطلبوا منا عدم الحديث فى الموضوع لأنه فيه خطورة على حياة ناصر. وأضاف الأب المكلوم: وبعد كل هذه السنوات لم يعد ابنى فقررت أن أخرج عن صمتى، مؤكدا أنه سيقوم بإبلاغ الشرطة ويتمنى أن يتوصل إلى نجله، وقال الأب: أمنيتى الوحيدة أن أحتضن ابنى قبل وفاتى. لمعلوماتك... ◄ 30 حالة اختفاء قسرى وقعت لمصريين خلال ال20 عاماً الماضية