هيئة ضمان الجودة تعتمد 14 مؤسسة تعليمية فى المنيا    عصام خليل: الحوار الوطني يناقش غدا آليات تحويل الدعم العيني لنقدي    وزير التعليم العالي: استراتيجية جديدة لربط البرامج الجامعية باحتياجات سوق العمل    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    آليات تحويل الدعم العينى لنقدى على طاولة مناقشات "الحوار الوطنى".. غدًا    المصرى للشؤون الخارجية: زيارة الرئيس السيسى لبكين تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    بايدن: ترامب «يهدد الديمقراطية».. والآن يمكنكم القبض عليه    نصر الله: نفذنا عملية على بعد أمتار قليلة من موقع إسرائيلي    مرصد الأزهر يدين حادث طعن في مدينة مانهايم الألمانية    فرنسا تلغي مشاركة شركات إسرائيلية في معرض دولي للأسلحة الدفاعية    الجونة يقصي بلدية المحلة ويتأهل لدور ال 16 بكأس مصر    مودريتش: الجميع يعتبرنا الفريق المفضل للتتويج بدوري أبطال أوروبا ولكن    الأرصاد تحذر من اضطراب حركة الملاحة البحرية غدا    معجزة من المعجزات.. كيف وصف هشام عاشور زواجه من نيللي كريم؟    سماع دوي انفجارات بمناطق شمال إسرائيل بعد إطلاق 40 صاروخا من جنوب لبنان    جنا عمرو دياب تدعو لمقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل | صورة    علماء الأوقاف: حقوق الفقراء والمساكين في المال لا تقتصر على الزكاة المفروضة    الصحة: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة    إنجاز عالمي جديد.. "الرقابة الصحية" تحصل على الاعتماد الدولي من الجمعية الدولية للرعاية    هل المشمش يرفع الضغط؟    صحة دمياط: ضبط 60 كيلو من سمكة الأرنب السامة قبل وصولها للمواطنين    محمد صبحى يوافق على تجديد تعاقده مع الزمالك    ماذا قال كاكا عن مواجهة ريال مدريد ودورتموند في نهائي أوروبا؟    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    تحية لكل من رحل تاركًا صوته خيالاً ومن لا يزال يصافحنا بصوته.. الإذاعة المصرية 90 عامًا من الخيال والمعرفة وصندوق الدنيا وبساط الريح    أحمد آدم: تاني تاني مناسب للأسرة.. وأعتمد فيه على كوميديا الموقف    موعد بدء التقديم لرياض الأطفال وأولى ابتدائي على موقع "التعليم"    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    نمو الاقتصاد التركي بمعدل 5.7% خلال الربع الأول    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    زيزو ليس بينهم.. كاف يعلن عن هدافي الكونفدرالية 2024    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا    أزهري يوضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية (فيديو)    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    بالشماسي والكراسي.. تفعيل خدمة الحجز الإلكتروني لشواطئ الإسكندرية- صور    فرنسا تشهد أسبوع حافلا بالمظاهرات احتجاجا على القصف الإسرائيلى    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    رئيس جامعة قناة السويس يُتابع أعمال تطوير المسجد وملاعب كرة القدم    تفاصيل حكم حبس حسين الشحات "سنة".. قانون الرياضة "السر"    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    وجبة غداء تهدد حياة 8 أشخاص في كرداسة    مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم وحريق سيارة ميكروباص على طريق الدولي الساحلي    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    تفاقم أزمة القوى العاملة في جيش الاحتلال الإسرائيلي    كيفية الحفاظ على صحة العين أثناء موجة الحر    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا كينج كونج
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 04 - 2010

لست معتادًا على متابعة القنوات الأرضية بالتليفزيون المصرى أو حتى قناته الفضائية، ولكن أحد الزملاء تطوع فأهدانى رابط مقابلة مع من أطلق عليه "أحد صواريخ الأغنية" القادمين، نادر أبو الليف، والذى اشتهر فى الأيام الماضية بأنه كينج كونج!
والأستاذ "كينج كونج" من أصحاب المصطلحات الشوارعية الدارجة على ألسنة العامة من الشعب المصرى، بل على ألسنة أهل القاع، فعوام الشعب المصرى الأصلاء الطيبين لا يعرفون هذه اللغة السافلة، ولا يستخدمونها فى حديثهم اليومى مع أبنائهم وزوجاتهم أو حتى مع عمالهم فى الورش والأعمال المختلفة، ولكن هذه لغة ارتضاها الشباب وبعض الحرفيين واخترعوها أو استوردوها للتعبير عن حالة الإحباط واللامسئولية التى يعيشونها نتيجة البطالة وانتشار المخدرات وتغييب الوعى.
وهذا الليف– رغم إمكاناته الصوتية العالية- بحسب ما سمعته منه خلال اللقاء معه على القناة الفضائية المصرية، ليس أول المطربين المسفين فى مصر، فقد سبقه كثيرون يخدشون ويجرحون آذان الشعب المصرى بكلامهم التافه تارة، وبمصطلحاتهم الشائهة تارة أخرى، فلم تزل أغنيات تقتحم أسماعنا رغمًا عنها فى الفترة الأخيرة من أمثال مطربى المخدرات والبانجو والشيشة، مرورًا بأغانى الميكروباصات التى هى عبارة عن "تجعير" ليس إلا، لتصديع الرؤوس وإبقاء السائقين منتبهين أو إن شئت فقل: مغيبين، فضلاً عما تسهم فيه هذه الكلمات ذات الطبيعة الدنية من إفساد الذوق العام للناس وتعويد آذانهم على الاستماع إلى فضلات المطربين والمؤلفين بعد تحويلها إلى كلمات تنجس الآذان وتزيد مأساة جديدة إلى مآسى هذا الشعب المسكين.
الجديد فى حالة الأستاذ "كينج كونج" ليس تصدره للغناء بهذه الطريقة الفجة، أو استخدامه ومؤلفه لهذه المصطلحات واللغة العجيبة فى كلمات الأغانى، فهذا اللون غزا مصر فى أوائل الثمانينيات مع موجة المخدرات والحشيش التى غزت مصر هى الأخرى فى تلك الفترة، ولكن المدهش فى الأمر هو حالة الاحتفاء المدهشة التى حظى بها هذا الليف من قبل الإعلاميين والصحفيين وبعض النقاد، فبعد أن كان يؤتى بأمثال هؤلاء فى البرامج ليكونوا مثار سخرية الناس من غنائهم وطريقة كلامهم أو ملابسهم التى تحتوى على كل ألوان الطيف المعروفة وحتى تلك التى لم يتوصل لها العلم الحديث، صار هذا اللون وأشباهه من ألوان الإسفاف "تطويرًا لفن المونولوج" وانتصارًا للغة الشبابية الحديثة وإضافة إلى الفن الغنائى المصرى إلى آخر تلك الأوصاف التى أطلقها بعض الإعلاميين والنقاد.
ومع كل أسف فإن قدرًا ليس قليلاً من الأناشيد الإسلامية لم يسلم هو الآخر من هذا اللون من الإسفاف، فقد تأثر أيضًا بالألحان الراقصة والكلمات الهابطة والتصوير الذى لا يخلو من حركات غير لائقة بالمنشد، فذهب منشدون من أمثال "أبو مازن" و"أبو راتب" وغيرهما ممن كانوا يخفون أسماءهم احتسابًا للأجر والمثوبة، وتحول الأمر إلى مجرد تجارة رائجة، لا سيما مع توجه المجتمع المصرى خاصة والعربى بشكل عام إلى التدين والاستماع للإنشاد الدينى باعتباره بديلاً للأغاني، فذهب هؤلاء القمم بكلماتهم الهادفة وألحانهم التى تخالط شغاف القلوب وأصواتهم الجياشة التى تبعث الهمم فى النفوس، ليحل محلهم أصوات هزيلة وألحان "مشخلعة" وكلمات أقل ما توصف به أنها فقط للاستهلاك التجاري، لا لتربية النفوس وشحذ الهمم وتنمية الطاقات.
إن أخشى ما نخشاه فى الأيام المقبلة أن تكون ضريبة الاحتفاء بهذا الليف وأمثاله أن يكون هو الصوت العالى والمتحدث الرسمى فنيًا فى هذا البلد، وأن ينسحب مثل هذا اللون على بقية الفنون الأخرى، الأمر الذى ظهرت بوادره –على حد ما قرأت فى التحليلات الفنية والنقد الموجه لبعض الأفلام التى طفحت على صعيد حياتنا فى الأيام الأخيرة- فقد ضجت هذه الأعمال (الفنية) بألفاظ خارجة تخدش حياء المشاهد وتجرح أخلاقه وأخلاق أسرته، هذا فضلاً عما فيها من مشاهد العرى والجنس الصارخ، وصارت عبارة "للكبار فقط" عبارة دارجة على أفيشات الأفلام الحديثة لتحذر من أن الفيلم يحتوى على الكثير من المشاهد التى لا يليق أن تعرض على الشاشة أو يشاهدها الكبير فضلاً عن أن يراها الصغير.
حالة التردى الفنى لا بد ستتبعها حالات أخرى من التردى على العديد من المستويات، فالصحف الصفراء التى انتشرت بشكل كبير هى نوع من التردي، والإعلام التافه المغيِّب لوعى الشباب وقضايا الأمة نوع من التردي، والكليبات العارية التى تتاجر بأجساد النساء والفتيات نوع من التردي، واصطياد المشاهدين فى القنوات الفضائية والمحلية بالجميلات من المذيعات نوع من التردي، وعدم احترام عقول المشاهدين والاهتمام بغرائزهم فى المقام الأول نوع من التردي... حالات من التردى والظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج الإنسان يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.