السيد عمرو موسى أمين الجامعة العربية اللى ماحدش عرف عنه أى شطحات أوتجاوزات، اقترح إقامة "رابطة للجوار العربى" وده كلام جميل محدش يقدر يقول حاجة عنه، المشكلة أن الاقتراح مفاجئ وكل شىء مفاجئ ورائه قصة ما أوقضية طرحت بسرعة فى اللحظات الأخيرة قبل قمة سرت خاصة أنه طلب تفويضا بفتح حوار مع إيران للتوصل إلى حل وسط يسمح بدخولها فى الرابطة، المشكلة أن الزعماء العرب لم يكونوا على علم بالاقتراح ولم ينسقوا فيما بينهم لدرجة ان البعض قال إن الاقتراح ولد ميتا بسبب معارضة أطراف عربية رئيسية.. ليه بقى؟ موسى ومن وراءه يطرحون مسألة غير قابلة للتحقيق لا من خلال الحوار ولا من خلال الصدام، موسى نفسه قال "أعلم وأتفهم مدى قلق البعض منا إزاء عدد من المواقف الإيرانية إلا أن هذا لا ينفى بل ربما يؤكد ضرورة الحوار كمرحلة أساسية فى تحديد العلاقات المستقبلية مع إيران التى نختلف معها فى عدد من القضايا ولكنها تشاركنا فى التاريخ وفى الجغرافيا ولنا معها مصالح مشتركة عديدة".الغريب انه اول من يعرف ربما أكثر من غيره باستحالة هذا الاقتراح عمليا على الأقل الآن، السبب أن الحوار سيدخلنا فى مساومة مع الدولة الإيرانية اللى مش بس بتحتل أرضا عربية وجزرا ثلاثا منذ 31 عاما إنما ترفض إعادة هذه الجزر وتحريرها، كمان بتلعب داخل العراق وداخل فلسطين وداخل لبنان وداخل اليمن وفى مناطق أخرى بنفس فكرها القديم وهو تصدير الثورة اللى زهق منها الشعب الإيرانى نفسه ويعارضها ويطالب بالتغيير من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية يعنى تبقى دولة طبيعية، المشكلة أنها بتنغلق على نفسها طول الوقت ومش عايزة تتصالح مع جيرانها أو العالم وتريد أن تقود مجابهة عالمية ضد الولاياتالمتحدة وأوروبا وربما الشرق والغرب، النتيجة أنها تتحول تدريجيا إلى دولة عسكرية صافية تخصص كل مواردها البشرية والطبيعية والثروات من اجل هذا الهدف وتفتش عن أى جديد من الأسلحة وتشتريها، آخر حكاويها ما كتبه جاى دينمور مراسل صحيفة الفاينانشيال تايمز الأسبوع الماضى أنها حاولت شراء قارب فائق السرعة "بليد رانر - 51" الذى استخدمه المغامر البريطانى الشهير نيل ماك جريجور عام 2005 ليحطم الرقم القياسى فى سرعة الملاحة حول العالم بعد عرضه للبيع عام 2006 إلا أن وزارة التجارة والصناعة البريطانية تدخلت واعترضت.. عملوا إيه؟ تعقبوا القارب الذى نقل إلى جنوب أفريقيا وتقدمت إحدى شركات الملاحة "التيتبحر" تحت علم هونج كونج لشرائه، الولاياتالمتحدة عرفت أن الشركة مملوكة لإيران، طلبت من السلطات فى جنوب أفريقيا منع انتقال هذا القارب إليهم.. ولكن فى النهاية "بليد رانر - 51" سلم إلى الشركة الإيرانية، السبب أن الفاكس الذى يحذر من انتقال القارب أرسل فى عطلة نهاية الأسبوع واهمل، حاولت القوات الخاصة الأمريكية اعتراض القارب إلا أن العملية ألغيت، طبعا مش عيب أن تسعى إيران لامتلاك أحدث الأسلحة وأمريكا وإسرائيل تطنشان ولكن يجب أن نعرف الأسلحة دى موجهة ضد مين؟ تاريخيا إيران تتنافس على العالم العربى وتخشى أن يؤدى أى سلام بين إسرائيل والعرب إلى تهميشها إقليميا بحيث تصبح معزولة.. تعمل إيه؟ تدعى أنها تدافع عن القضايا العربية والقضية الفلسطينية، وأنها أكثر اهتماما من العرب، المشكلة أننا لم نسمع يوماً ولو على سبيل الدعاية أوالمناورة السياسية أنها مستعدة للتخلى عن مشروعها النووى، إذا تم نزع السلاح النووى من منطقة الشرق الأوسط، أو إذا انسحبت إسرائيل من أراضى المسلمين فى فلسطين والقدس الشريف، وبلاد العرب التى تعرضت للاحتلال. الحكاية ومافيها أن العرب لديهم حقوق تجاه الدولة الإيرانية وأى حوار يجب أن يبدأ بعد استعادة هذه الحقوق وأصلا إيران تقف موقفا عدائيا من الدول العربية وتتدخل فى عمق شئونهم وتعرقل أى محاولة للتسوية أو السلام، الدليل أن القضية الفلسطينية انشطرت إلى نصفين منذ التدخل الإيرانى المالى والعسكرى وتراجعت كثيرا إلى الوراء، دعوات مد جسور التواصل مع إيران مش جديدة، صحيح الحوار مطلوب ولكن يجب أولا استعادة الحقوق العربية وكف اليد الإيرانية عن التدخل فى القضايا العربية. * نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية.