قد يمر عليك لحظة تغير مجرى حياتك بالكامل، وعند هذه اللحظة وقف كثير من المفكرين والعلماء وأهل الدين والمعرفة.. كانت هذه اللحظة بمثابة النور الذى أضاء الكون فى كثير من جوانب الحياة، وقفوا يبحثون عن إجابة قاطعة لأمر معين وأفنوا عمرهم من أجل فكرة ظلت حائرة فى عقولهم حتى أتاهم اليقين. والسؤال عن شىء معين وإصرارك على معرفته واندهاشك بالفكرة التى ألهمك الله بها قد تكون سبب تغيير مجرى حياتك وحياة من حولك، ولكن لا تدع الفكرة تهرب منك.. احرص على تدوينها وتنميتها وتغذيتها ومناقشتها مع من هم أهل لها ويكفى فى النهاية شرف المحاولة. ويقول ألبرت أينشتين: "يجب أن يستمر تساؤلك واندهاشك بما حولك، فالفضول أحد أسباب الوجود، أن الغموض الذى يحيط بالحياة والخلود والبناء العجيب للواقع، كلها أمور تدهش، بل تثير رعب الإنسان عندما يتأملها، فيكفى المرء فقط محاولة فهم قدر قليل من هذه الأسرار فى كل يوم، فاحرص على ألا تفقد أبداً هذا الحس الرائع بالدهشة والفضول". وبالفضول والبحث قد ترى ما لا يراه الآخرون من أفكار قد لا تمت إلى الواقع بصلة من وجهة نظر من حولك، ولكن فى لحظة قد تملك بيدك خيطاً رفيعاً تستطيع أن تنسج منه فكرتك كما تراها لتصنع شيئاً أنت جدير بالاستمرار فيه وتكملته. يقول جورج بيرنارد شو: "بعض الأشخاص يدهشهم وجود الأشياء التى يرونها على حقيقتها بالفعل أمامهم، ولكن ما يثير اندهاشى هى أشياء من صنع خيالى، لم توجد من قبل، تجعلنى أتساءل: لماذا لا توجد هذه الأشياء فعلاً؟!" فما أجمل الفكرة الوليدة والتى تتطور بمرور الوقت وإدراك مدى قيمتها وأهميتها فى التغيير والتى تدخل فى موضع التنفيذ، على عكس الفكرة المجردة التى ظلت على حالها، فهى تموت بإهمالك لها. فالسعى وراء تجسيد الفكرة لترى النور لابد أن يكون بتوجهنا الوجهة الصحيحة والتمسك بها بقوة لأننا بمرور الوقت سوف نتجاوز الفكرة إلى ما هو أقوى منها عندما تتجسد فى صور أخرى ما كان يمكن تخيلها فى حينها. يقول إى.م.جراى: "لدى الشخص الناجح عادة تمكنه من القيام بالأمور التى لا يرغب الفاشلون بالقيام بها عادة، وليس بالضرورة أن يحبوا القيام بها ولكن كرههم للقيام بها لا يعادل قوة الغرض الذى يدفعهم للقيام بها". فالإبداع لا يتحقق من تلقاء نفسه وإنما بمدى ما عرفته واكتسبته وطورته واتخذته تجاه فكرتك والسعى وراء تحقيقها، والسعى لمعرفتنا بقوانين تلك الفكرة مما يجعلها راسخة فى ذهنك بقوة وبتفاعلك معها. لذلك نجد أن الرؤية السابقة لأى عمل نقوم به والإيمان بيقين تحقيقها ضرورى عندما يتغلغل ذلك فى صميم تفكيرنا ونتشبع به، يقودنا ذلك إلى التوجه السليم تجاه هدفنا تقول ليليان ويتينج: "عندما يتغلغل أى هدف أو غرض فى الفكر، فإن تجسده فى صورة ملموسة مرئية ليس إلا مسألة وقت، أن الرؤية سابقة دائماً، وهى نفسها ما يحدد مدى تحققها". فالإدراك الواعى لما يحدث لنا وما يمر فى أذهاننا من أفكار والرغبة الحقيقية فى تحقيقها، سيعمل ذلك على تجسيدها وما تريد أن تراه فيها من نتائج مذهلة فيما بعد، فنموك مع فكرتك وخدمتك لها يجعلها تتطور معك مما قد تفتح لها أشياء أخرى تخدم نفس فكرتك وكأن النجاح يناديك كونك تبحث عنه فهو الآخر لم يخذلك وأتى إليك كونك تستحق تلك المكانة. يقول د. مصطفى محمود: "أريد لحظة انفعال.. لحظة حب.. لحظة دهشة.. لحظة اكتشاف.. لحظة معرفة .. أريد لحظة تجعل لحياتى معنى.. أن حياتى من أجل أكل العيش لا معنى لها لأنها مجرد استمرار". قف لحظة مع نفسك تحاسبها وتكتشفها.. تتحدث معها إلى أين أنت تتجه، وهل توجهت الوجهة الصحيحة أم لا، وماذا تريد من هذه الحياة، لأنك لو تركت نفسك لأهوائها قد تكتشف بعد فوات الأوان أن العمر قد سرق منك.. ضاع ولا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب.