أكد العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى اليوم الثلاثاء على أهمية دور أوروبا فى حسم الصراع ضد الإرهاب ، قائلا "إن انتصارنا يعتمد على وحدتنا ولا سبيل إلا التعاون فيما بيننا لسد منافذ الدعم للإرهابيين وإحباط وهزيمة مخططاتهم الشريرة". وأضاف العاهل الأردنى – فى خطابه أمام البرلمان الأوروبى والذى وزعه الديوان الملكى الهاشمى اليوم الثلاثاء – "إن ما ارتكبته عصابة (داعش) الإرهابية من قتل وحشى لطيارنا البطل قد أغضب جميع الأردنيين والأردنيات وروع العالم وكان رد الأردن على هذه الجريمة سريعا وجادا وحازما وسوف تستمر معركتنا ، إننا ومعنا دول عربية وإسلامية لا ندافع فقط عن شعوبنا بل عن ديننا الحنيف ، فهذه معركة على الدول الإسلامية تصدرها أولا فهى – قبل كل شيء – حرب الإسلام". وشدد على أن التطرف هو تهديد عالمى وأثره لا ينحصر فى سوريا والعراق فقط ، إذ طال عدوانه ليبيا واليمن وسيناء ومالى ونيجيريا والقرن الإفريقى وآسيا والأمريكيتين وأستراليا ، وقد تعرضت أوروبا أيضا لهجمات جبانة واجهتها بشجاعة لا تلين. وقال "إن عالمنا يواجه اليوم عدوانا من إرهابيين يحملون أطماعا لا تعرف أية رحمة ليس دافعهم الإيمان بل شهوة السلطة التى يسعون إليها عبر تمزيق البلدان والمجتمعات بإشعال النزاعات الطائفية والإمعان بإنزال الأذى والمعاناة بالعالم أجمع"..مضيفا "من الضرورى بمكان أن نعمل على تعزيز مصادر القوة التى تجمعنا ألا وهو الاحترام المتبادل الذى يربط بيننا ويديم علاقتنا ، ويجب أن نزرع فى شبابنا خصوصا القيم التى ترفض العنف وتصنع السلام وتبنى المجتمع الذى يحتضن الجميع بلا تفرقة". وتابع العاهل الأردني"إن التعايش القائم على الاحترام المتبادل يصنع بأيدى البشر ويجب ترسيخه من جديد مع كل جيل ولا وسيلة لحماية المجتمعات إلا باليقظة والعمل الجاد ، وهذا يتطلب ما هو أكثر من مجرد تدابير أمنية"..مؤكدا على ضرورة أن تسلح الإنسانية نفسها بالأفكار والمبادئ وبالعدل وإشراك الجميع اقتصاديا واجتماعيا. وطالب بضرورة التواصل الحقيقى وذى الأثر الإيجابى بين الأديان وإشراك الناس فى هذا الجهد من داخل المجتمعات التى يعيشون فيها ، فالحوار القائم على الاحترام هو الأساس الذى تقوم عليه جميع المجتمعات أما التعدى على الآخرين وعزلهم وإهانة الشعوب وأديانها ومعتقداتها وشعورها الديني، فهى انتكاسة للمجتمعات. وقال "إن المستقبل ينشد بالوحدة والاحترام وليس بالفرقة وترسيخ النماذج المغلوطة .. مؤكدا على أن أوروبا تعد شريكا مهما فى هذا المسعى خصوصا فى المساعدة على محاصرة ظاهرة الخوف من الإسلام المتنامية عالميا وهى ظاهرة هدامة تتغذى على الأفكار المغلوطة، وتخدم غايات المتطرفين وأهدافهم. وأضاف "علينا أن نتذكر أنه وقبل أكثر من ألف سنة على اتفاقيات جنيف كان الجنود المسلمون يؤمرون بألا يقتلوا طفلا أو امرأة أو شيخا طاعنا فى السن وألا يقطعوا شجرة وألا يؤذوا راهبا وألا يمسوا كنيسة ، وهذه هى قيم الإسلام التى تربينا عليها وتعلمناها صغارا فى المدرسة وهى ألا تدنس أماكن العبادة من مساجد وكنائس ومعابد". وتابع "يتملكنى الحزن والغضب بسبب الهجمات الأخيرة فى بعض البلدان ضد المسيحيين والأقليات فإضافة إلى كونها جريمة ضد الإنسانية ، فإنها جريمة ضد الإسلام أيضا فالمسيحيون العرب هم جزء لا يتجزأ من ماضى منطقتنا وحاضرها ومستقبلها". ونوه بأن الأردن بلد مسلم يعيش فيه مجتمع مسيحى له جذور ضاربة فى التاريخ ، ويشكل الشعب الأردنى بمختلف مكوناته مجتمعا واحدا لا يقبل القسمة ، أصدقاء وشركاء فى بناء بلدهم ومستقبلهم، مؤكدا على أن للمسلمين دورا حاسما فى إرساء التفاهم والتسامح العالمى كما أن الدين الإسلامى يأمر بالرحمة والسلام والتسامح وحفظ كرامة كل إنسان بلا استثناء من رجال ونساء وجيران وغرباء. وقال "أما أولئك الخوارج من الإرهابيين الخارجين عن تعاليم الإسلام والذين ينكرون هذه الثوابت فهم مجرد نقطة فى بحر المؤمنين المكون من 6ر1 مليار مسلم فى مختلف أنحاء العالم ، وفى الواقع فإن هؤلاء الإرهابيين قد جعلوا من المسلمين فى العالم هدفهم الأول لكننا لن نسمح لهم باختطاف ديننا الحنيف". وتابع "إن هناك من يعيش فى أوروبا اليوم ويتذكر الويلات التى ضربت هذه القارة فى أواخر الثلاثينيات والحرب العالمية التى تلتها والتى أشعلتها أيديولوجية عدوانية توسعية قائمة على الكراهية وازدراء الإنسانية فأصبحت الحرب فى أوروبا وقتها حرب العالم كله..إننا اليوم نخوض حربا مماثلة ، حربا ضد أيديولوجية توسعية تتغذى على الكراهية ، وترتكب القتل باسم الله تعالى والدين لتبرير شرور لا يقبل بها أى دين إنها بلا شك حرب ضد إرهابيين ينتهكون قيم الإسلام والإنسانية".