قولًا واحدًا، التعذيب والقتل داخل أقسام الشرطة أو فى السجون أمر مرفوض، ولا يقبله إنسان يتمتع بضمير إنسانى ووطنى، ومهما كانت الأسباب والذرائع، غير مقبول نهائيًا أن تُهان آدمية الإنسان، مهما كان انتماؤه السياسى أو العقائدى، ومهما كانت جريمته. ومقتل المحامى كريم حمدى من آثار التعذيب فى قسم شرطة المطرية أمر غير مقبول، وكان منطقيًا أن تكون ردود الأفعال المنددة عالية وصاخبة، رغم أن البعض حاول استثمارها وتوظيفها لخدمة أهدافه، من عينة جماعة الإخوان فى النقابات، أو من الذين يظهرون أمام الناس على أنهم دعاة الحرية والديمقراطية، لكن يسكن أحشاءهم الانتماء الإخوانى، من أمثال خالد على، وعمرو حمزاوى، وعدد كبير من أصحاب الدكاكين وأكشاك ما يطلقون عليها اصطلاحًا وهميًا «منظمات حقوق الإنسان». إلى هنا الأمر مقبول، وحجم الغضب مُقدر، لكن غير المقبول أن يصدر الزعيم المفدى وخبير «القلاووظ» الأول فى مصر، عمرو حمزاوى، صاحب كشك حزب مصر الحرية، بيانًا منددًا وشاجبًا ومهددًا بأن مقتل المحامى فى قسم شرطة المطرية لن يمر مرور الكرام، ومن خلفه سار قطيع طويل، فى الوقت الذى صمت فيه صمت القبور عندما انفجرت قنبلة فى المحامى الشاب أحمد سعيد فوزى غالى فى أثناء خروجه من دار القضاء العالى، ولقى حتفه. هنا ازدواجية المعايير، وسياسة الكيل بمكيالين التى تنتهجها المعارضة، والقوى الاحتجاجية، وخبراء «القلاووظ» ، ونشطاء السبوبة من أصحاب أكشاك حقوق الإنسان، يرون فى مقتل محام بقسم شرطة - ومعهم حق - كارثة إنسانية، فى حين يختفون تمامًا عن الأنظار، وتخرس ألسنتهم، عندما يُقتل الأبرياء تفجيرًا، مثلما حدث للمحامى الشاب أمام دار القضاء العالى. بطلا الواقعتين محاميان، يرتديان نفس «الروب»، ويؤديان نفس المهمة، الدفاع عن المظلومين، والاثنان فى عُمر الزهور، لكن رد الفعل مختلف كليًا، حيث تم توظيف حادث مقتل المحامى فى قسم شرطة المطرية، لإثارة الناس ضد الدولة، ودعم جماعة الإرهاب الإخوانية فى مخططاتها الهادفة لإثارة الفوضى وخرج المحامون يقودهم خالد على، الفاشل بجدارة واستحقاق، فى كل سباقات الانتخابات. بينما توارى المحامون، واختفى خالد على، والمنتمون لجماعة الإخوان عن المشهد تمامًا، ولم نسمع منهم صوتًا واحدًا يدين مقتل الشاب الذى انفجرت فيه قنبلة أمام دار القضاء العالى، فى نفس المكان الذى شهد مظاهرات زملائه تنديدًا بمقتل محامى الإخوان فى قسم المطرية. والسؤال «المكعبر»: هل يستحق هؤلاء المتلونون، ودعاة الزيف والخداع، أن يتصدروا المشهد، والناس تستمع لطرحهم ورؤاهم، وما يبدونه من نظريات فضفاضة عن الحرية والديمقراطية؟، هؤلاء يومًا بعد يوم تتكشف نواياهم الحقيقية، ومتاجرتهم بمعسول الكلام، وباطنه السم الهارى، المدمر والقاتل.