أكد الدكتور نبيل العربى الأمين العام للجامعة العربية أن تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك ضرورة بالغة الهمية، وقال "إنه يعتزم إجراء مشاورات مع كل القادة العرب ومع رئيسى الدورة الحالية والمقبلة للقمة حول صيانة الأمن القومى العربى والحاجة إلى تشكيل قوة عربية لمواجهة الإرهاب والتحديات التى تتعرض لها المنطقة". وأشار الأمين العام للجامعة العربية فى حوار أدلى به لصحيفة «الشرق الأوسط» الدولية نشر اليوم الاثنين، إلى أن الوضع الراهن لا يحتاج لحرب نظامية، وإنما للتعامل الشامل لمواجهة العصابات الإرهابية التى تهدد الأمن والسلم العربيين، وأوضح العربى التعديلات المقترحة على القمة المقبلة لإضافتها إلى ميثاق الجامعة العربية، والتى تؤكد على صيانة الأمن والسلم العربيين بدلا من فقرة تحسين العلاقات العربية، والخروج من أطر الجمل والمساحات العامة إلى آليات عمل محددة تخدم العمل العربى المشترك. وأكد الأمين العام أهمية دعم اليمن ومشاركة الرئيس عبد ربه منصور هادى فى القمة العربية، مشيرا إلى أن الدعوة وجهت إليه للحضور لتقديم الدعم اللازم لليمن فى هذه المرحلة، مشيدا بالجهود التى يبذلها مجلس التعاون الخليجى لدعم الشرعية وإخراج اليمن من أزمته. وردا على سؤال عن تأثير الإرهاب على الأمن القومى العربى وتأكيد الجامعة على المعالجة الشاملة.. وكيف يرى إمكانية تنفيذ مقترحات الحل؟ قال العربى "بداية لا بد من الإشادة بالقرار العربى لمواجهة الإرهاب وهو قرار تاريخى لأن كل الدول العربية أجمعت على العمل معا لصيانة الأمن القومى العربى، وأن هذه المواجهة لا بد أن تكون شاملة وأن يكون الشق العسكرى والأمنى جزءا من المعالجة، لأن ما نراه هو أن النيران مشتعلة فى مناطق مختلفة وهذا يحتاج ربما لرد فعل عسكرى وأمني، لكن لا بد وأن تكون المواجهة شاملة بمعنى النظر كذلك فى الناحية الفكرية والآيديولوجية والتعليمية والتربوية الثقافية والخطاب الدينى وحتى لو نجحت الدول العربية بمفردها أو بمساعدة الآخرين، ونرجو أن تكون المعالجة عربية وفقط". وحول مشاركته مؤخرا فى أعمال القمة الدولية لمكافحة الإرهاب التى انعقدت فى واشنطن وماذا تعنى هذه المشاركة؟ قال العربى "حتى وإن انطفأت هذه النيران المشتعلة ستظل تداعياتها قائمة لأن الإرهاب لا يعرف المناطق المغلقة وإنما يشتعل فى أى مكان، لذلك قد تحتاج هذه الحالة لتعاون دولي. ومن هنا كانت لنا مشاركة فى مؤتمر الإرهاب الذى عقد فى واشنطن يوم 19 فبراير الماضي. لدينا أمثلة: لماذا يأتى من أستراليا المئات وكذلك من نيوزيلندا وأمريكا والسويد، وعندما كنت فى لندن كانت هناك قصة لثلاث فتيات فكروا فى الانضمام ل«داعش». والسؤال ماذا يفعلون هناك هل هو حب المغامرة؟ وهل من أجل المال؟ ألا يوجد أفق سياسى فى حياتهم؟ أو اجتماعي؟ إذن العملية تحتاج لبحث عميق جدا والأمر ليس مجرد اجتماع يعقد هنا أو هناك. وعن المنتظر من القمة العربية فى هذا الشأن؟ قال نبيل العربى: "أكيد سوف يتصدر بند الإرهاب جدول أعمال القمة لتحديد المطلوب ولا بد وأن يتفق الملوك والرؤساء والأمراء العرب على ذلك ووضع إجراءات للعمل بها اليوم وغدا. لكن، لا بد من وضع خطة طويلة المدى حتى لا تتكرر هذه الأحوال مرة أخرى، واليوم هناك أمور مهمة لها تأثيرها، مثل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى والتى أصبحت خطيرة جدا وتصل لكل منزل ولكل الناس، سواء كانت معلومات صحيحة أو غير صحيحة وهذه هى المصيبة. الجميع يعلم أن لدى «داعش» وسائل تكنولوجية متقدمة وهم المستفيدون من وسائل التواصل مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» و«تويتر»؛ حيث يروجون لأنفسهم. وردا على سؤال حول تشكيل قوة عربية لمواجهة الإرهاب.. وإلى متى ونحن نصدر الغرب للدفاع عنا؟ قال الأمين العام للجامعة العربية: "الإجابة على هذا السؤال من نقطتين: أولا، أن طبيعة الحروب قد تغيرت ولم تعد عسكرية وفقط، على سبيل المثال فى عام 1950 وقعت معاهدة الدفاع العربى المشترك والتعاون الاقتصادى 7 دول وهى مصر والسعودية وسورياوالعراقولبنان واليمن. وهنا أشيد ببعد نظر القادة العرب الذين وقعوها بشقيها العسكرى والاقتصادى، وقد أضيفت كلمة التعاون الاقتصادى من أجل رفع المستوى ويكون هناك سند للجيوش التى ستحارب. والنقطة الثانية أن طبيعة الحروب تغيرت حيث كانت بين جيوش نظامية. أما حروب الإرهاب فهى أقرب إلى طريقة العصابات المحترفة وبالتالى أنت لا تحتاج إلى جيوش فى شكلها النظامى وإنما لتبادل معلومات أو القيام بعملية عسكرية محدودة وهكذا. ومن هنا فالعمل يحتاج لتعاون وثيق وتفاصيل لحصار الخطر وتقليصه وإبعاد تداعياته الخطيرة على المنطقة. وعن كيف يمكن تفعيل الاتفاقية؟ قال العربى: "هذا يحتاج إلى اجتماع مشترك من وزراء الدفاع والخارجية، والآن مطلوب ضم كل من الداخلية والإعلام إليهم لتوسيع صيغ التعاون، وبالتالى مفترض أن تكون الخطوة المقبلة عقد اجتماعات لهذه الوزارات وتحديد دور كل دولة وأن يتعاون الجميع؛ لأن الإرهاب موجود فى المشرق والمغرب، وأن يكون التفكير فى أمرين وهما مطلوبان: درء المخاطر وصيانة الأمن القومى العربى، وبالتالى يجب أن نتفق على المبدأ ولن يكون هناك خلاف حول تبادل المعلومات ولا دفع الأموال. وإذا كان هناك خلاف سيكون حول استخدام قوة عسكرية فى حالة معينة وكل مشكلة وفق حالتها وأقصد الاتفاق على كل حالة بعينها". وفى سؤال "تقصد الاتفاق على معالجة كل حالة بعينها؟ قال "أقصد أن مجموع الدول الأعضاء فى الجامعة العربية 22 دولة وعلى الجميع أن يتعاون وتنسق وزارات وأجهزة الدول خاصة الدفاع والداخلية والإعلام والمخابرات؛ لأنه لم تعد العملية تحتاج لأن يجتمع رؤساء الأركان فقط لوضع خطة عسكرية للهجوم على دولة ما. وعن الجديد لدى الجامعة العربية للتعامل مع هذه الحالات الجديدة؟ قال نبيل العربى: " لدينا تعديل فى الميثاق القديم لجامعة الدول العربية حيث كان القديم ينص على أن الغرض من إنشاء الجامعة العربية هو تحسين العلاقات بين الدول العربية والنظر بصفة عامة فى مصالحها وهذا مجرد كلام عام، أما التعديل الجديد فقد أضيف إليه الحفاظ على السلم والأمن وهذا سوف تقرره القمة العربية خلال الشهر الحالى يومى 28 و29. وفى سؤال "إذن انتقلنا من حالة التحسين إلى التحديد للمهام والحفاظ على الأمن والسلم؟ قال العربى: "ميثاق الجامعة العربية الذى تمت صياغته فى أغسطس وسبتمبر عام 1944 بمدينة الإسكندرية لم ينص على حقوق الإنسان ولا المحافظة على السلم والأمن العربى أو آليات للعمل ولم تمر المنطقة بكل هذه المخاطر الموجودة حاليا واليوم استجدت أمور كثيرة وتحديات غير مسبوقة، وفى المقابل أمامنا نموذج الاتحاد الأفريقى الذى حرص على وضع آليات تعمل بجدية منها قوات حفظ سلام بالتعاون مع الأممالمتحدة وتقوم بالمهام المنوطة بها وقد حاولنا فى الجامعة أن نقوم بدور حفظ السلام فى بداية الأزمة السورية وبعد وقت قليل انسحبت بعض الدول منها ولم نكمل ولم يكن لدينا أساس قانونى ولا سياسى وكان مجرد قرار وصدر وحاولنا من خلاله وضع بداية لحل الأزمة، وبالتالى نحاول أن نعمل للمستقبل وليس اليوم فقط، لأن فكرة صيانة الأمن القومى العربى مستمرة والمستقبل يحمل الكثير أو ربما تجرى حروب لأسباب لا نعلمها حاليا أو ربما يعتدى أحد على دولة عربية. وأضاف: "وعليه يجب أن تنسق جميع الدول العربية فيما بينها وبين الوزارات المختلفة لديها خاصة الدفاع والاستخبارات والداخلية والصحة والثقافة والإعلام وذلك حفاظا على أمن واستقرار المنطقة لأن طبيعة المخاطر تتغير وقد تغيرت بالفعل وكذلك طبيعة التهديدات تأخذ مجرى مختلفا ومسارات متغيرة". وعن المؤتمر الذى عقد بالجامعة لعدد من المراكز البحثية العربية لتدارس الموقف بالنسبة لمكافحة الإرهاب.. وأهم توصياته؟ قال العربى إن المؤتمر "حث الدول العربية على إيجاد تسوية سياسية للصراعات المحتدمة فى المنطقة، وعلى نحو خاص فى سورياوالعراق وليبيا واليمن، وكذلك فى الدول الأخرى التى تشهد نزاعات مدنية، والعمل على مكافحة الإرهاب بغية القضاء عليه ومواجهة التطرف الفكرى والدينى وتجفيف منابعه وإيجاد السبل الكفيلة بعلاج أسبابه. كما حث على العمل على إصلاح منظومة العمل العربى المشترك ومؤسساتها والترحيب بتعديل ميثاق جامعة الدول العربية، والمطالبة بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادى العربي، بما يجعلها قادرة على إيجاد وسائل عملية فعالة قابلة للتطبيق لمواجهة كل أشكال التحديات التى يواجهها الأمن القومى العربي، والتصدى الجماعى للتهديد الذى يمثله الإرهاب، والعمل على تجريده على نحو شامل من قوته المادية (العسكرية والمالية)، ومن قدرته على التأثير على الرأى العام واستقطاب الشباب، والتأكيد على ضرورة وضع سياسات اجتماعية ذات نطاق واسع لحرمان المنظمات الإرهابية من أى حاضنة اجتماعية توفر له الحماية والغطاء. وكذلك دعوة الدول العربية، إلى تفعيل المعاهدات والاتفاقيات العربية ذات الصلة، والعمل على إيجاد الصيغ والآليات المرنة التى تتيح للدول العربية المضى قدما للتوصل إلى توافق حول هذه الآليات، بما يمكنها من تنسيق سياساتها الدفاعية، بما فى ذلك التعاون العسكرى المشترك بين الدول العربية لمواجهة التهديدات الخطيرة على أمن المنطقة ودولها، بما يحافظ على استقرار الدولة وسلامة المجتمع وإرساء الأمن والسلم، ودحر الإرهاب وهزيمة مشروعه المدمر. وعن دور الجامعة فى اليمن ؟ قال العربى "عندما أثيرت المشاكل فى اليمن منذ عام 2011 حدثت اتصالات وقيل لنا وقتها أن مجلس التعاون الخليجى سيقوم بالمهمة ومنذ هذا الوقت هناك تنسيق تام بين المجلس وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى والاتحاد المغاربى وسبق وأن اجتمع كبار المسؤولين للأمناء العامين فى هذه المنظومة ونقوم بتبادل المعلومات وعلى اتصال دائم مع عبد اللطيف الزيانى أمين عام مجلس التعاون الخليجى وكذلك مع جمال بنعمر مبعوث الأممالمتحدة والجامعة تتعاون من أجل دعم هذه الجهود وفى الوقت نفسه هذا لا يكفي. وعن تحرك الجامعة لمواجهة مشاكل المنطقة قال العربى " نظرا للمشاكل الكثيرة حدث اتفاق بين رئيس القمة وهو دولة الكويت ورئيس المجلس الوزارى حاليا هو موريتانيا والقادم سيكون الأردن والأمين العام حول القيام بزيارة المناطق التى تتكدس بها المشاكل، فقمنا بزيارة إلى العراق وكانت ناجحة وبعد ذلك ذهبنا إلى الصومال وكانوا فى منتهى السعادة لأنه لا أحد قام بزيارتها وبحثنا معهم مطالبهم ولدينا صندوق دعم الصومال والزيارة الثالثة كانت إلى لبنان والرابعة تم تحديدها لليمن ولكن تفاقمت المشكلة وأنتظر نتيجة اتصالات الأمين العام عبد اللطيف الزيانى وجمال بنعمر ومن ثم تحديد خطوات التحرك المشترك التى يمُكن للجامعة ومجلس التعاون أن يقوما بها فى هذا الشأن. وأضاف "والجميع يعرف أن كل المنظمات العربية والدولية والإسلامية تقوم بتوفير الدعم اللازم للشرعية اليمنية ممثلة فى الرئيس عبد ربه منصور هادي، ودعوة جميع الأطراف اليمنية إلى الالتفاف حول الرئيس هادي، لإنجاز ما تبقى من مراحل العملية السياسية، استنادا إلى مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى الشامل. وردا على سؤال هل وجهت الدعوة للرئيس هادى لحضور القمة العربية؟ قال العربى "بكل تأكيد وجهت الدعوة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادى ووزير الخارجية اليمنى سوف يشارك فى اجتماع وزراء الخارجية المقرر يومى 9 و10 مارس . وعن زيارة الكويتوالأردن المرتقبة .. وما المستهدف منها؟ قال العربى "أعتزم زيارة الكويت يوم 3 مارس للتشاور حول موضوع الأمن القومى العربى وضرورة تدعيم الجهود وإنشاء آليات فى هذا الموضوع بعد حديثى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئيس القادم للقمة العربية وبالتالى التشاور مهم مع رئيس القمة الحالية أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد كما أتحدث فى هذا الموضوع إلى الأردن خاصة وأنها ستكون رئيس «الوزارى» القادم يوم 9 مارس حيث يترأس الاجتماع وزير الخارجية ناصر جودة".