وزير الخارجية: إثيوبيا تتبع منهج أحادي في إدارة سد النهضة وتعتبر النيل الأزرق تحت سلطاتها    نتيجة جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 بالقاهرة    البابا تواضروس يهنئ الكاثوليك بعيد الميلاد    استقرار أسعار الدواجن تزامنا مع أعياد المسيحيين رغم تحديات تواجه المنتجين    اتحاد الصناعات يتمم تشكيل مجلس إدارته للدورة 2024-2025 بانتخاب محمد زكي السويدي رئيسا    خلال ساعات.. البنك المركزي يحسم سعر الفائدة في آخر اجتماع ب2025 وتوقعات بالخفض    عباس يشكر بابا الفاتيكان على مواقفه ويطلب منه الصلاة من أجل إنهاء معاناة شعب فلسطين    وول ستريت جورنال: إسرائيل تلوّح بضربة جديدة ضد إيران بسبب الصواريخ الباليستية    استشهاد أكثر من 406 فلسطينيين منذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    هوجو بروس: مواجهة مصر تحدٍ مهم ونحن واثقون من قدراتنا    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    المحكمة تقبل استئناف النيابة وتجدد حبس صانع المحتوى شاكر محظور 45 يوما    الداخلية تضبط أكثر من 118 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    صحف جنوب أفريقيا: بروس يجهز مفاجأتين ل الفراعنة.. وصلاح السلاح الأخطر    وزير التموين: تطوير مكاتب السجل التجاري أولوية لتحسين جودة الخدمات ودعم مناخ الاستثمار    جامعة بني سويف ضمن أفضل 100 جامعة في التصنيف العربي لعام 2025    رجال سلة الأهلي يصلون الغردقة لمواجهة الاتحاد السكندري بكأس السوبر المصري    بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة بنى سويف    وزير التعليم العالي يشهد توقيع اتفاق ثلاثي مع الخارجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي    الإعدام شنقا لعامل قتل صديقه بسبب خلافات فى المنوفية    الهلال الأحمر المصري يدفع ب5900 طن مساعدات إنسانية و شتوية عبر قافلة زاد العزة ال102 إلى غزة    المؤتمر الدولي لدار علوم القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    محافظ الوادى الجديد يلتقى المستشار الثقافى للسفارة الهندية بالقاهرة    المؤتمر الدولى لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة يناقش قضايا الاستشراق والهوية    وزير الصحة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية    منع التغطية الإعلامية في محاكمة المتهمين بواقعة وفاة السباح يوسف    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    إصابة عضلية تبعد حمدالله عن الشباب لأسابيع    إيبوه نوح.. شاب غانى يدعى النبوة ويبنى سفنا لإنقاذ البشر من نهاية العالم    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    وزير الخارجية: سنرد بالقانون الدولي على أي ضرر من سد النهضة    الصور الأولى لقبر أمير الشعراء أحمد شوقي بعد إعادة دفن رفاته في «مقابر تحيا مصر للخالدين»    الكيك بوكسينج يعقد دورة للمدربين والحكام والاختبارات والترقي بالمركز الأولمبي    الصحة تعلن اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة    «تغليظ عقوبات المرور».. حبس وغرامات تصل إلى 30 ألف جنيه    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    أشرف فايق يطمئن الجمهور على حالة الفنان محيى إسماعيل: تعافى بنسبة 80%    أحمد البطراوي: منصة "مصر العقارية" الذراع التكنولوجي لوزارة الإسكان وتستوعب مئات آلاف المستخدمين    «مدبولي»: توجيهات من الرئيس السيسي بسرعة إنهاء المرحلة الأولى من حياة كريمة    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي ويؤكد دعم تطوير المنظومة الصحية    25 ديسمبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    بالفيديو.. استشاري تغذية تحذر من تناول الأطعمة الصحية في التوقيت الخاطئ    التضامن: تسليم 567 طفلًا بنظام الأسر البديلة الكافلة منذ يوليو 2024    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    الأزهر للفتوى: ادعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها خداع محرم    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 25ديسمبر 2025 فى المنيا    سحب رعدية ونشاط رياح.. طقس السعودية اليوم الخميس 25 ديسمبر 2025    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    بطولة أحمد رمزي.. تفاصيل مسلسل «فخر الدلتا» المقرر عرضه في رمضان 2026    إسرائيل تمطر "سد المنطرة" بريف القنيطرة في سوريا بالقنابل (فيديو)    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    صفاء أبو السعود من حفل ختام حملة «مانحي الأمل»: مصر بلد حاضنة    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نجلاء».. شابة عشرينية محبوسة فى جسد «طفلة»..الفتاة مصابة بتأخر عقلى وضمور فى العضلات ولا تستطيع الحركة والكلام.. وتتواصل مع والدتها بالصراخ والعض على يدها
نشر في اليوم السابع يوم 14 - 02 - 2015

صراخ مفزع، يمزق ليل شارع «الحجارة»، بمنطقة مصر القديمة، يستيقظ على أثره السكان النائمون، بعد يوم طويل من «الجرى وراء أكل العيش»، يعرفون جيدًا مصدره، تقول إحداهن: «دى نجلاء بنت سعاد، جاتلها النوبة تانى.. ألطف بيها يارب»، بعدها يتطوع عدد من النسوة لمساعدة «سعاد» فى تهدئة ابنتها التى تصاب بنوبات هياج متلاحقة لا تتوقف إلا بعد إعطائها المهدئ.
يتوقف الصراخ أخيرًا، وتنصرف النسوة من بيت نجلاء، بينما تضم الأم ابنتها فى حنان، ولا تستطيع منع دموعها من التدفق، مرددة: «ربنا يهديكى يا بنتى»، ولا تستطيع أن تخفى شعورها بالذنب، لمرض ابنتها، فرغم بلوغ نجلاء سن ال28 عامًا، فإن حلم والدتها أن تصبح عروسًا تفرح بها وتزفها لمنزل زوجها، لا يمكن تحقيقه، فالفتاة مصابة بتأخر عقلى، وضمور فى العضلات، يعيقها عن الحركة والنمو والكلام، ولا تستطيع أن تميز فى وجهها سوى نظرة البراءة التى تطغى على نحافتها وضمورها الواضح.
تسكن عائلة نجلاء غرفة رطبة، سيئة التهوية، ضمن المئات من الأبنية العشوائية التى تزدحم بها منطقة مصر القديمة، وتمتلئ جدران الغرفة بالشقوق، ما استدعى سدها بالخرق القديمة، وورق الجرائد، للتصدى للحشرات والقوارض ومنع دخولها البيت.
«سعاد» والدة نجلاء التى لا يفارقها الحزن على ابنتها، روت قصة 28 عامًا من العذاب منذ ميلاد الابنة، متذكرة خبر ولادتها لفتاة أخيرًا، وهو ما ملأها بسعادة غامرة، بعد أن رزقها الله ب«خلفتين» ذكورًا بلا إعاقات ولا مرض، حيث تصورت أن الله منحها الفتاة «اللى هتاخد بحسى وتساعدنى»، لكن فرحتها تلاشت سريعًا، بعد إصابة الفتاة بحالات متكررة من الهياج العصبى فى شهرها الثانى، وعند عرضها على الطبيب أكد إصابة رضيعتها بضمور فى المخ، وبعد عدة أسئلة وجهها الطبيب ل«سعاد»، رجح أن سبب إعاقة ابنتها ربما يكون الأدوية التى تناولتها الأم بدون استشارة طبيب فى أثناء أشهر الحمل.
تتذكر «سعاد» بحزن قصة ابنتها مع الأطباء، بعدما حملتها لسنوات وطافت بها كل المستشفيات الحكومية التى لم تستطع الوصول لغيرها بسبب ضيق ذات اليد، ومن بينهم طبيب لا تنساه، انتزعت من قلبه الرحمة، وقال لها فى غلظة: «عالجيها أو متعلجهاش، هى كده كده مش هتخف، وفرى فلوسك».
انتهت رحلة والدة نجلاء الصغيرة مع العلاج والأطباء منذ بضع سنوات، وقررت تقبل حال ابنتها فى صبر، رغم تدهور حالتها يومًا بعد يوم، وخروج دماء من أذنها فى بعض الأحيان، وهو ما فسرته إحدى جاراتها التى تعمل ممرضة: «بنتك ودنها كالتها السوسة».
واعتادت «سعاد» على صراخ ابنتها الدائم، حيث إنها لا تستطيع التعبير عن احتياجاتها إلا بالصراخ، فعند الجوع أو العطش أو الشعور بالبرد، يعلو صراخها، وتعض على يدها بقوة، ولا تتوقف، إلا عند تنفيذ حاجتها، وفى أحيان كثيرة لا تعرف الأم سبب صراخها، ووقتها لا تستطيع فعل شىء، غير منعها من إصابة يدها بمزيد من الجروح.
التبول اللاإرادى إحدى المشاكل الدائمة للفتاة، حيث تحتاج نجلاء إلى «بامبرز» بشكل مستمر، يصل سعره شهريًا إلى ما يزيد على 300 جنيه، خاصة خلال الدورة الشهرية، وهو مبلغ يصعب على والدتها التكفل به، وتضطر أحيانًا إلى تركها بغير «حفاضة»، وتظل الفتاة مبتلة، ما يصيبها بنزلات البرد التى تزيد من ضعف جسدها النحيل.
حلم والدة «نجلاء» فى أن تصبح ابنتها فتاة مثل بقية الفتيات بدا فى التلاشى يومًا بعد يوم، حتى أن الأم فى نهاية الأمر اضطرت إلى قص ضفيرتها الطويلة التى كانت تتباهى بها أمام الجيران، خاصة مع تقدمها فى العمر، والمشاكل الصحية التى تزداد يومًا بعد آخر، والتى دفعتها فى آخر الأمر إلى عدم القدرة على حمل «نجلاء»، وتركها تتحرك عن طريق الزحف على الأرض، باستخدام عضلات منطقة الحوض التى بالكاد تستطيع نقلها من مكان إلى آخر.
وتحلم والدة «نجلاء» ب«كرسى بعجل»، يمكنها من نقل ابنتها معها من مكان إلى آخر، حتى تستطيع إخراجها إلى الشمس مرة يوميًا، بعيدًا عن المنزل الضيق الرطب الذى تسكنه.
ويقف عائقًا أمام تلك الحالة البسيطة التى تعيش فيها عائلة «سعاد» الفقر القاتل، فبسبب إعاقة والد «نجلاء» تمنعه عن العمل الحرفى، ومع وجود سابقة جنائية له، حرمت من معاش الضمان الاجتماعى، ويضطر الوالد إلى قبول أى عمل بسيط بمرتب ضئيل يتناسب مع حالته الصحية، حيث تنقل خلال السنوات الماضية من عمل إلى آخر حتى يستطيع التكفل بأسرته التى بالكاد يستطيع سد جوعها.
والدة «نجلاء» حاولت مساعدة أسرتها، وخاضت تجربة تأسيس كشك صغير لبيع الحلوى والمشروبات الغازية، إلا أن مشروعها الصغير فشل فى تحقيق ربح يسد احتياجاتهم، بسبب عدم إقبال الزبائن، وسوء الحالة الصحية للوالدة نفسها، وهكذا ضاعت ال500 جنيه «تحويشة العمر»، وهى ثمن إجمالى البضاعة بالكشك.
ولا تخلو أيام «سعاد» الحزينة من قليل من البهجة خلال تعاملها مع ابنتها التى تمنحها أسبابًا قوية للتشبث بالحياة «بحس إنها بتفهمنى، ولو يوم منمتش جمبى مش بتبطل صراخ طول الليل».. كلام «سعاد» أكدته نظرات «نجلاء» المتابعة لها فى شغف، وكأنها صلتها الوحيدة بالعالم الخارجى، تضحك حين تضحك، تميل رأسها حين تميل رأسها، وتبدأ فى نوبة من الصراخ إذا ما اختفت عن ناظرها.
«حاولوا يخدوها منى بس أنا رفضت»، هكذا تتحدث الأم المكلومة، مشيرة إلى أن «أهل الخير» عرضوا عليها نقل «نجلاء» إلى إحدى دور الرعاية المتخصصة فى رعاية ذلك النوع من الإعاقات، لكنها شعرت بالخوف على ابنتها، وخافت أن تشعر «الطفلة» بأن والدتها تخلت عنها، وملت من الاعتناء بها ، وهو إحساس الموت أرحم بها منه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.