أكد الكاتب الكبير جمال الغيطانى، أن "كل الأحزاب الموجودة الآن أحزاب ورقية لا قيمة لها، وأن الحزب الذى لا يأتى من الشعب ينتهى، فمثلا حزب الوفد لم يكن هو الأول بل كان الحزب الوطنى هو الوحيد على الساحة، وعندما انتهى ظهر حزب الوفد الذى يمثل أعظم حزب فى تاريخ مصر الحديث من وجهة نظرى". جاء ذلك فى ندوة "جمال الغيطانى نصف قرن من الإبداع: رؤية شاملة لإبداعات جمال الغيطانى وأدبه وآرائه" والتى استضافتها قاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب، بحضور داليا إبراهيم من دار نهضة مصر، وقدمت الجلسة نشوى الحوفى. وقالت داليا إبراهيم: "نحن سعداء بالاحتفال بالكاتب الكبير جمال الغيطانى واحتفالنا ليس مجرد احتفال دار نشر بكاتب ولكن (نهضة مصر) تنوب عن المصريين فى الاحتفال باليوبيل الذهبى لإبداعات الأديب جمال الغيطانى، هذا الأديب العاشق للتراث والمؤمن بقيمة الكلمة والحدث والزمن، ولم يتوقف الغيطانى عن الإبداع منذ أوائل أعماله، وحتى الآن، ونبشر القراء بأن نهضة مصر فى شهر مارس المقبل العمل الجديد لهذا الاديب الرائع تحت عنوان (حكايات هائمة) وهو ما سيكون مفاجأة كبيرة لكل قرائه وجمهوره". وقامت نشوى الحوفى، بطرح عدة أسئلة على "جمال الغيطانى" منها سبب تأثر بالسجاد وكيف أثر عليه فى الكتابة، وإذا عاد بك الزمن ما الذى لن تقدم على عمله؟، وهل الانتماء لتيار سياسى أثر عليك؟، وهل سيعود الإخوان مره أخرى؟، وماذا تمثل لك لحظة انتقالك من العمل السياسى إلى مراسل عسكرى على الجبهة؟، وهل للصوفية دور فى بحثك فى الزمن والحجر والحدث والتاريخ؟. وتحدث الكاتب الكبير جمال الغيطانى قائلا: "أشكر الهيئة العامة للكتاب ودار نهضة مصر على الاحتقاء بى وإعطائى هذه الفرصة، وأنا لم أختر تعليم فن السجاد فقد كان أمامى طريقان أن أختار التعليم الفنى وفى الوقت نفسه أكمل بعد ذلك بنفسى ونتيجة المجموع ذهبت إلى قسم السجاد الشرقى، وهذا هو كان نظام للتعليم ومدته خمس سنوات بعد الإعدادية، ومنذ هذه اللحظة تخصصت فى دراسة السجاد والآن وبعد ستين عاما فأنا أحمد الله على دراسة هذا الفن، وأنا الآن من أهم المتخصصين فى السجاد الإيرانى بالتحديد، وفن السجاد علمنى النمنمة والصبر وهذا ما أفادنى كثيرا فى الكتابة". وأضاف: "عندما دخلت الصحافة عملت مع صحفيين كبار مثل موسى صبرى، وكان ذا أخلاق مهنية حقيقية، لكنه كان دائما يقول لى: أنت شيوعى وليس لك صلة بالأدب فلتختر أى تخصص غيره فاخترت أن أكون محررا عسكريا". وأكد الغيطانى أن تمثال الكاتب فى مصر، والذى يعد أشهر قطعة فنية وصلت مصر من العصر القديم، بها أكثر من معنى، والكاتب فى مصر له منزله خاصة وينتظر الناس منه موقفا فى الشأن العام، وما يميز الجيل الذى أنتميى إليه وهو جيل الستينات أنه اعتبر العام خاصا، والقضايا العامه للوطن تالمنا لها أكثر من التجارب الشخصية، وتابع: "أنا جئت من أعماق الشعب من أسرة كادحة وعرفت الاشتراكية مبكرا، وأنا مدين لمن علمونى الاشتراكية لأنها أضفت على رؤيتى للعالم كثيرا وحتى الآن انحيازاتى هى هى، لكن لم أنتمى إلى حزب ولقد كنت أنتمى لأحد التنظيمات وأنا شاب وسجنت وعذبت لكى اعترف أنى ضمن التنظيم، وأحد الأخطاء الأساسية للتجربة الناصرية هو عدم السماح بممارسة السياسة. كان عندى أمل فى (تمرد) لأن تمرد تجربتها فى الشارع ضد الحكم الإخوانى كانت تشبه تجربة حزب الوفد، لكن فوجئت بالشباب الذين وضعت أملى فيهم يتعاركون معا ويختلفون حتى تبخرت (تمرد)". ويؤكد: "أنا مع إطلاق حرية تكوين الأحزاب حتى لو قام عشرة بتكوين حزب، وطبعا مع الحذر من التمويل الخارجى والأحزاب التى تدعو للإرهاب وفى ما عدا ذلك لن تكون هناك حياة سياسية". وأضاف الغيطانى: "تركت العمل السياسى المنظم قبل اعتقالى، ومع هذا تم اعتقالى بعد ذلك بفترة، وتم وضعى فى الحبس الانفرادى، فى معتقل القلعة الذى كان يحبس فيه المثقفون والذى تحول الآن إلى متحف، ومع ذلك لم تتغير مبادئى، فالمبدع يجب أن يكون حرا وهناك مبادئ أنا ألتزم بها كالانحياز للأغلبية والفقراء لذلك كنت ضد السادات بعنف، ولقد أحببت عبد الناصر بعد رحيله، وعرفت قيمته فقد كان رجلا نزيها ووطنيا ومنحاز للأغلبية، وبالنسبة لمسألة المحرر عسكرى فعندما حدثت هزيمة 67 حدثت هزة بالغة لجيلى، لأن حجم الهزيمة كان مروعا، وقد حاولت أن أذهب للجبهة وطلبت من "موسى صبرى" رئيس تحرير أخبار اليوم أن أذهب هناك وهو لم يمانع وشجعنى على ذلك، ثم ذهبت إلى هناك وعندما عدت كتبت موضوعا اسمه "المقاتل المصرى"، وبعدها بأسبوعين قال لى "موسى صبرى" لقد قررت أن تكون محررا عسكريا لأخبار اليوم أسعدنى كثيرا فقد انتظرت هذا بفارغ الصبر". وعن الصوفية قال جمال الغيطانى: "همومى الشخصية والذاتية هى التى قادتنى للصوفية، وأريد أن أوضح أن الصوفية هى التى صالحتنى على الموت، لأن الاهتمام بالزمن يجب أن يتبعه اهتمام بالموت، وقد كانت أكبر صدمة وقعت لى هى وفاة والدى، وهى ما أنتجت كتاب "التجليات" الذى يعد أكبر مرثية فى الأدب العربى لكن عندما بدأت بفعل الزمن أصاب بالاضطراب أنقذتنى الصوفية، وحاليا أنا متقبل النهاية وأعتبرها نقلة، وفى رأيى التجربة الصوفية هى قمة التجارب التى أنتجتها الثقافة الإسلامية، لذا نجد أن أعظم شعراء الإنسانية من الصوفية "عمر الخيام وجلال الدين الرومى".