أثارت الاستقالة التى تقدم بها أحمد عبدالوهاب، رئيس الشركة المصرية لمشروعات السكك الحديدية والنقل، لوزير النقل منذ أيام، ملف الأراضى المملوكة لهيئة السكك الحديدية، والفساد والتجاوزات الموجودة على هذه الأراضى والمسئولة عن إدارتها تلك الشركة. وأرجعت مصادر بالهيئة استقالة رئيس شركة المشروعات إلى وجود مخالفات مالية جسيمة بالشركة أدت إلى إيقاف نشاطها من قِبل رئيس هيئة السكك الحديدية المهندس مصطفى قناوى، وهو ما حاول نفيه أحمد عبدالوهاب ل «اليوم السابع» مرجعاً استقالته إلى أسباب شخصية تتعلق بحالته الصحية. «اليوم السابع» تفتح بالمستندات ملف أراضى الهيئة لمعرفة كيفية إدارة تلك الأراضى وحجمها وحجم التعديات عليها وأبرز المستفيدين منها من رجال أعمال ومسئولين. تشير المستندات إلى أن شركة المشروعات المسئولة عن إدارتها تلاعبت فى العديد من المناقصات التى أجرتها لتأجير هذه الأراضى المملوكة للهيئة، وقامت بتأجيرها بأسعار زهيدة للغاية وصلت إلى 17 جنيها للإيجار السنوى للمتر فى أماكن متميزة مثل المعادى وكورنيش النيل. أُنشئت شركة مشروعات السكك الحديدية فى 21 أكتوبر 2002 كشركة مساهمة مملوكة بالكامل لهيئة السكك الحديدية لتشغيل وإدارة أصول الهيئة غير المستغلة ومن بينها الأراضى المملوكة لها، وتولت عقب تشكيل مجلس إدارتها بالقرار الوزارى رقم 84 لسنة 2004 بتاريخ 4 مارس من نفس العام إدارة جميع أراضى الهيئة التى تبلغ مساحتها 192 مليون متر مربع، وفقا للحصر الذى قامت به الدكتورة عادلة رجب، مستشار وزير السياحة للشئون الاقتصادية، فى دراستها التى أجرتها عن هيئة السكك الحديدية فى أكتوبر الماضى، والتى أكدت فيها ضعف الإجراءات التى تتخذها هذه الشركة من أجل حماية أراضى الهيئة من التعديات الواقعة عليها، والتى وصل حجمها إلى 1.226 مليون متر مربع. وتولى رئاسة الشركة منذ عام 2004 ثلاثة رؤساء، جميعهم جاءوا من خارج الهيئة، أولهم المهندس الأمير محمد عبدالمنعم عثمان، ثم المهندس إسماعيل عثمان رجل الأعمال المعروف، وأخيرا أحمد عبدالوهاب الذى قدم استقالته مؤخراً. لم يحقق الرؤساء الثلاثة أى إنجازات ملموسة فى إدارة أراضى الهيئة بل استفادوا من المنصب، سواء فى شكل مرتبات أو حوافز، بالإضافة إلى أن تقارير الرقابة الإدارية كشفت عن تجاوزاتهم التى شملت التلاعب فى المناقصات التى أجرتها الشركة أثناء رئاستهم لها، كما كان الحال مع رئيسها الأول الأمير عبدالمنعم التى طالبت بإحالته إلى النيابة العامة، لكن رئيس الهيئة وقتها اكتفى بإحالة الأمر للشئون القانونية بالهيئة التى حفظته فيما بعد. وكل ما قامت به الشركة طوال السنوات الخمس الماضية هو إعداد الدراسات لعدد محدود من الأبراج السكنية والمحلات التجارية، تتمثل فى إعداد دراسات برج بالمنصورة، وآخر بكفر الشيخ، و58 محلا تجاريا بشبين الكوم، و35 محلا بقويسنا، و5 أبراج بسوهاج، وفندق بالأقصر. ولجأت الشركة - التى يتكون مجلس إدارتها الحالى من 9 أعضاء بينهم المهندس مصطفى قناوى رئيس هيئة السكك الحديدية، والمهندس رضا وهدان رئيس شركة السوبرجيت والنائب السابق لرئيس الهيئة للشئون المالية ووكيل لجنة النقل بمجلس الشعب، والمهندس هانى حجاب النائب الحالى لرئيس الهيئة لقطاع نقل البضائع - لتأجير مساحات كبيرة من أراضى الهيئة بدعوى عدم جدوى استثمارها عن طريق إقامة مشروعات عليها من قبل الشركة، وفقا لنص ما أوردته على موقعها الإلكترونى مبررة تأجيرها لمساحات واسعة من أراضى الهيئة رغم أن هدفها يتمثل فى إدارة أراضى هيئة السكك الحديدية بأسلوب استثمارى لزيادة إيرادات الهيئة لمساعداتها فى تنفيذ مشروعاتها المستقبلة وزيادة قدراتها المالية فإنها لجأت إلى تأجيرها بأقل الأسعار التى وصلت إلى 17 جنيها إيجارا سنويا للمتر فى أماكن متميزة للغاية، كما هو الحال مع علاء الدين عزيز ومعتز إبراهيم المتعاقدة معهما بالعقد رقم 89 لسنة 2005 منذ 1 يناير 2005 لإيجار قطعة أرض مساحتها 50 مترا مربعا (تمت زيادتها فيما بعد إلى 126 مترا مربعا) 46 مترا مربعا منها بسعر 17 جنيها إيجارا سنويا للمتر، و4 أمتار مربعة بسعر 300 جنيه إيجارا سنويا.. وهى المنطقة الواقعة أمام جراند مول المعادى على كورنيش النيل. كما تعاقدت مع عصام سعد عبدالحميد حسن بالعقد رقم 24 لسنة 2004 لإيجار قطعة أرض مساحتها 264 مترا مربعا، منها 30 مترا مربعا بسعر 100 جنيه إيجار سنويا للمتر، و234 مترا مربعا بسعر 22 جنيها فى منطقة ميدان المعادى. وكذلك تعاقدت الشركة مع شريف سيد محمد أحمد ابن شقيقة حسين مجاور، رئيس اتحاد عمال مصر، بالعقد رقم 15 لسنة 2004 لإيجار قطعة أرض مساحتها 175 مترا مربعا (تمت زيادتها فيما بعد إلى 210 أمتار مربعة) بسعر 300 جنيه إيجارا سنويا للمتر فى منطقة تقع على كورنيش النيل أمام جراند مول المعادى، وحصل بعد ذلك فى نفس المنطقة على قطعتى أرض، الأولى مساحتها 30 مترا مربعا (تمت زيادتها فيما بعد إلى 36.75 متر مربع).. والثانية 41.25 متر مربع بسعر 50 جنيها إيجارا سنويا للمتر.. والغريب أنه بعد فترة قصيرة من تعاقده مع الشركة على القطعتين الأخيرتين قام بإيجارهما لشخصين آخرين بسعر 2000 جنيه للمتر سنويا. وتعاقدت الشركة مع أحد رجال الأعمال الكبار بالعقد رقم 516 لسنة 2005 منذ 13 يوليو 2005 لإيجار قطعة أرض مساحتها 462.5 متر مربع بسعر 160 جنيها إيجارا سنويا للمتر ولمدة 20 عاما، وتعاقدت مع نفس رجل الأعمال بالعقد رقم 578 لسنة 2005 لإيجار قطعة أرض مساحتها 2594 مترا مربعا بسعر 200 جنيه إيجارا سنويا للمتر، ولمدة 25 عاما، والمنطقتان تقعان بمنطقة رملة بولاق بجوار أبراج نايل سيتى على كورنيش النيل. واللافت أن الشركة قامت بتحرير جميع عقودها مع الغير لفترة 10 و25 سنة بأسعار ثابتة طوال فترة التعاقد.