الأعياد والذكرى مناسبة للاحتفالات والفرح والسرور إلا فى مصر فهى فرصة لتوديع الأرواح وتشييع الجثامين وترميل النساء وتيتيم الأطفال ولا عجب فهناك عقول وقلوب تتاجر بكل شىء من أجل لا شىء، مفهومها عن الحرية أعمى والانتماء مغيب والولاء معصوب والدين مشتت . مررنا بمناسبات عديدة بدلا من أن نحولها لفائدة ودراسة يستغلها البعض بجهالة لإشاعة الفوضى وترويع الآمنين لا يردعه كم نفس تموت، وكم روح تزهق لكن يسعده كم مصيبة حقق، وكم قنبلة زرع، وكم نيران أشعل، تستهويه المصائب لا يفرق فيها بين أمان وطن وانتقام مواطن يعنيه تعصبه لفكره وولائه لتنظيم، وانتمائه لجماعة ولا يعنيه أن يفكر لحظة فى النتيجة والهدف غايته الكبرى أن ينفذ ما يملى عليه، ولا ينظر أمامه أو خلفه أو أن يسأل أو يتفقه ليعلم موقف الدين الصحيح منه ومن فكره واعتقاده. وهكذا تحرق القلوب السوداء قلوب الضعفاء والمساكين وتحرق قبلها قلب الوطن على أبنائه ونبته وما انتشرت ظاهرة زرع القنابل وإلقاء المولوتوف وحرق السيارات إلا مع غياب الوعى والفهم والمنطق والضمير. وها هى موجة أخرى من العنف تسرى فى جسد الوطن نحتفل بذكرى الثورة ونتذكر أرواح الشهداء بحصاد مر لقتلى جدد ويستغل فريق الكراهية وصاحب شهوة الانتقام كل التواريخ والذكريات بسعادة هدفه أن يجعلها وقود ثورة أخرى هكذا فكر الصدام وفكر العدم والخواء ولكن أين الحل لعلاج هذا الخلل الفكرى لأن الحصاد مر والصبر عليه أمر والرضوخ له جريمة والاستسلام له خيانة. نعم لابد من مقاومة الفكر بالفكر والعنف بالنصح ثم بعد ذلك منطق القوة والردع , والردع لا يمكن أن يكون وسيلة أو شهوة مضادة لأن استمرار الصراع هدف من يصنعه وكلما زادت أعداد القتلى اعتقد أنه قد اقترب من تحقيق مآربه ولن تضيع الفرص إلا بفكر أوعى وحرص أبقى لأن الغاية وطن والأمل بناء والنتيجة حياة بعد أن ضاع من البعض منا منطق الحياة وفقد القيم وأضاع الدين. على الدولة إن كانت جادة حقا فى نزع الفتيل وتفويت الفرصة على أغبياء العقول وسواد القلوب أن تبحث عن سياسات تحتوى لا تشتت ولا تنتقم ولا تزرع كراهية ولا تعيد تجارب ماضى ولا توغر صدور ولا تؤجج مشاعر من عصور بائدة ثار عليها الناس وكرهوا مجرد ذكرها كان فيها قيمة كرامة المواطن أهون من شربة ماء وكان بحثه عن حقه غباء . لابد من عقول تحتوى وفكر وخطاب دينى يناقش بدلا من هذا الفراغ والخواء الذى استمر أزمنة عديدة ضاعت فيها الوسطية وغاب التراحم ونزعت الرحمة من النفوس والقلوب . سياسة الاحتواء حنكة ودهاء وسياسة لا ضعف وتخاذل وحرص على الأبقى ليستمر شريان الحياة ويكفينا ما لدينا من أزمات وما نحتاجه من جهود وما نقابله من تحديات فالغالبية العظمى تريد أن تعيش لكن بكرامة وتحب أن تستمر عجلة الحياة ليبقى الوطن الأغلى عزيزا رغم كل الصعاب والمكائد والأحقاد المفتوحة علينا من كل الجبهات الداخلية والخارجية . نعم التحديات كبيرة لكن يجب أن يكون هناك من يعى ويفهم أن أقدار الكبار تخطى الصعاب وأن زرع الأمل فى النفوس أهم من زرع الكراهية حمى الله مصر وحفظها من كل سوء.