سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى ندوة "دولة الحقوق".. راجى الصورانى: الربيع العربى لم يكن عملا غبيا.. وحسام عيسى: قتل شيماء الصباغ يطرح قضية علاقة حقوق الإنسان والأمن القومى.. محمد فايق: لا نقبل الاختيار بين القمع والتدخل الأجنبى
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، صباح اليوم الثلاثاء، ندوتها الإقليمية تحت عنوان "دولة الحقوق" لمناقشة وفحص السياقات الجديدة فى كل من تونس والمغرب ومصر، فى إطار المعطيات الدستورية الجدية المرتبطة بالتعديلات الدستورية فى المغرب 2011، ودستورى تونس ومصر 2014، وما يمكن أن تتيحه هذه المتغيرات الدستورية من بيئة جديدة لحقوق الإنسان والحريات العامة والتنمية الإنسانية. وتنعقد فعاليات الندوة بالقاهرة اليوم وغداً، بمشاركة واسعة ومتميزة من مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان وأساتذة القانون والعديد من مؤسسات المجتمع المدنى من 13 بلداً عربياً، وهى مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والأردن واليمن وسوريا ولبنان والكويت والبحرين والإمارات، وغاب عن الندوة الدكتور "أمين مكى مدنى" الذى تواصل السلطات السودانية التعنت فى تنفيذ القرار الرئاسى بإطلاق سراحه منذ صباح الخميس الماضى 22 يناير الجارى، بعد اعتقاله فى نوفمبر 2014 مع "فاروق أبو عيسى" ورموز للمعارضة السياسية والمجتمع المدنى السودانى. وخلال كلمته أكد راجى الصورانى رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن ثورات الربيع العربى لم تكن عملا غبيا، أو مقادا من حفنة من فوضويين، وأنها جاءت من الفقراء والمهمشين والمحرومين ممن عانوا القمع والقهر من أنظمة ديكتاتورية لم تقمع شعوبها بحسب ولكنها قمعت ثوراتها، مؤكدا أن أروع ما رفعت من شعارات فى تلك الثورات كان كرامة الإنسان وحريته والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف الصورانى أنه بعد أربع سنوات من انطلاقة الربيع العربى إلا أن الأمور لا تسير كما توقع البعض وأراد، لافتا إلى أن الثورات لا تسير دائما إلى الأمام، وأنها تسير لليمين تارة ولليسار تارة وتتراجع تارة أخرى. وشدد رئيس مجلس أمناء المنظمة على أن تعثر الثورات فى سوريا والسودان وليبيا واليمن لا يغير من الأهداف التى نادت بها من حقوق وحريات وكرامة الإنسان العربى، قائلا: "الواقع البائس إما يدعونا للإحباط أو تنشيط الهمم، ومن يناضل من أجل دولة القانون يجب ألا يحبط أبدا، فمبادئنا سوف تنتصر دوما". وأشار الصورانى خلال كلمته إلى عضوى المنظمة أمين مكى مدنى وفاروق عيسى المسجونين فى السودان، مؤكدا أنهما هما وقود الثورات ومن دفعوا الثمن من أجل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. من جانبه أكد الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق إن قتل فتاة خرجت لتضع باقة من الزهور على منصة الشهداء، هو أمر خطير ويطرح قضية مهمة جدا وهى العلاقة بين حقوق الإنسان من ناحية وبين الأمن القومى دون الإخلال بالكرامة للفرد واستقرار الدولة. وأضاف عيسى خلال كلمته بندوة المنظمة العربية لحقوق الإنسان، تحت عنوان "دولة الحقوق" بمشاركة ممثلى عدد كبير من الدول العربية، أن القضية التى نعيشها فى مصر هى العلاقة بين حق الدولة فى تأمين أمنها القومى بالغ الأهمية، وبين حق المواطن فى حريات الأساسية المقدسة، قائلا: "وإن استطعنا التوفيق بينهم يمكن أن نتخذ موقفا فى الحادث الذى يؤلمنى"، فى إشارة لواقعة مقتل الناشطة شيماء الصباغ. وتساءل عيسى عن علاقة الحفاظ على الأمن القومى بضرب فتاة بالرصاص، قائلا: "كنت فى الوزارة ومن المؤيدين لإصدار قانون ينظم التظاهر، فلا يوجد بلد فى العالم دون قانون ينظم التظاهر، ولكن إذا وصلت القيود إلى حد الحرمان وهو ما يحدث فى مصر الآن، فهذا منعدم قانونا ويسمح للجهات العاملة على تنفيذه وقف العمل به". وشدد حسام عيسى على أن احترام حقوق الإنسان هو أمر بالغة الأهمية، لافتا فى الوقت ذاته إلى أنه يمكن أن تستخدم لتعلب دورا تفكيكيا فى الدولة، مشيرا إلى أن الغرب يستخدم حقوق الإنسان ليس من إجل إعلاء قيم حقوق الإنسان لكن من أجل تفكيك والوصول إلى طموحاتهم الاستعمارية. وبدوره طالب محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، بالإفراج عن عضوى المنظمة اغعربية لحقوق الإنسان أمين مكى مدنى وفاروق عيسى المعتقلين بالسودان، لافتا إلى إرساله برقية إلى الرئيس السودانى، عمر البشير للإفراج عنهم، خاصة بعد صدور قرار قضائى بالإفراج عنهم، مضيفا "معظم ما نحن فيه من تردى الأوضاع من صنعنا نحن وكل ما يفعله أعداؤنا هو الدفع بنا فى السير فى طريق الخطا الذى نصنعه". وأكد محمد فايق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، أنه لا يجوز أن نضع أنفسنا بين القمع والقهر أو التدخل الخارجى، قائلا: "الإرهاب والعنف الممنهج فى الداخل من قبل جماعة الإخوان المسلمين متزامنا مع الإرهاب فى باقى الدول، وعلينا أن ندرك أنه يخطط لخلق بؤر عالمية فى المنطقة كلها وخاصة إفريقيا كجماعات بوكو حرام والجماعات الإرهابية فى شمال مالى، وكل هذا ليس بعيدا عن تنظيم القاعدة". ومن ناحيته أكد علاء شلبى أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن ثورات الربيع العربى جسدت أحلام العرب فى بلوغ دولة الحقوق التى ننشرها وقضينا عقودا عديدة فى البحث عنها وتطورها. وشدد شلبى خلال كلمته على ضرورة مواصلة المسيرة لبلوغ أهدافنا فى الكرامة والحرية والعدالة والمساواة، قائلا: "وذلك دون أن تبكى على اللبن المسكوب ودون تقليل المخاطر التى نعيشها وفى مقدمتها تفسخ بلدان ومجتمعات وتراجع قضايانا القومية الكبرى على سلم الأولويات". وأشار الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أنه فى رحلة البحث عن دولة الحقوق وفى غمار الصعاب التى تلف المنطقة العربية، فقد أفرزت حركة الشعوب مناخا ممكنا فى 3 دول وهى تونس ومصر والمغرب. وأوضح علاء شلبى أنه فى البلدان الثلاث بزغت معطيات دستورية جديدة من شأن وضعها محل التطبيق أن تولد سياقا تشريعيا مختلفا، قائلا: "وهو سياق يمكن بدوره أن ينتج بيئة جديدة بمعطيات مختلفة لفائدة حقوق الإنسان والحريات". وأشار علاء شلبى إلى أنه دون تقليل من التحديات التى تعيق التقدم فى ذلك، وعلى رأسها رسوخ القوى المضادة وشبكات المصالح المناوئة والنفوذ السياسى والاقتصادى الدولى المعيق، فإن حركة حقوق الإنسان فى المنطقة العربية كانت قادرة على التأثير فى الوعى العام خلال العقود الثلاثة الماضية، وكانت قادرة على الاشتباك مع هموم مجتمعاتها حتى باتت حقوق الإنسان فى صلب شعارات الثورات والحراك الإصلاحى. وأكد أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن مصر وتونس والمغرب تتشارك فى استمرار بعض الظاهرات السلبية المؤسفة، خاصة فى استمرار التعذيب وسوء المعاملة فى الاحتجاز، والمعاناة من اختلالات قوية فى السياسات الهادفة لتحقيق العدالة الاجتماعية وخاصة فى منظومتى الدعم والضرائب وتعانى جميعها من مخاطر الإرهاب المتعاظمة التى تهدد الاستقرار وتعيق التقدم. وأوضح شلبى فى الوقت ذاته إلى أن البلدان الثلاث تتوافر فيها حركات حقوقية قوية، تشمل مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان ونقابات محاماة رائدة وخبرات برلمانية متميزة، وقضاء دستورى يجرى التعويل عليه، كما تتوافر إرادة سياسية تم التعبير عنها وإن كانت لم تختبر على النحو الكافى بعد. كما أشار شلبى إلى أن سؤال العدالة الانتقالية يبقى أساسيا فى استكمال نجاح الانتقال السياسى فى كل من مصر وتونس، قائلا: "وهو سؤال يجد سنده فى دستور البلدين، ومن شأنه أن يفك طلاسم وتعقيدات ولدتها عقود من الاستبداد والإجحافات وسنوات من التخبط".