سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مفتى الجمهورية عن "تجديد الخطاب الدينى" الذى طالب به الرئيس: ليس المقصود منه النيل من الثوابت أو تغيير النصوص.. ويكون بإضافة لا تكر على القديم بالهدم بل تُضيف جديدًا يحتاجه العصر
فى الأول من يناير الجارى وخلال احتفال مصر بالمولد النبوى الشريف، وفى كلمته طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، المؤسسات الدينية على رأسها مشيخة الأزهر الشريف بتجديد الخطاب الدينى، وعلى الفور استجابت مؤسسة الأزهر للرئيس، وقامت بتشكيل لجنة "تجديد الخطاب الدينى"، تضم مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، والدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، والدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، وعدد من كبار علماء الأزهر الشريف. وحول سؤال "اليوم السابع" لفضيلة مفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، عن معنى تجديد الخطاب الدينى، وكيف نجدده، قال: تعتبر مشكلة الغلو والتطرف من أهم المشكلات المزمنة التى تواجه الخطاب الدينى، والتى استشرت وانتشرت فى معظم البلاد وظهرت آثارها الوخيمة على الأمة فى الفترة الماضية، والتى كانت نتيجة لعوامل اجتماعية وسياسية وثقافية لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها فى رصد أسباب الظاهرة ومحاولة علاجها، وهذه الظاهرة نشأت نتيجة تصدر أناس من غير المتخصصين فى علوم الشريعة، ونتيجة لعدم فهمهم الجيد والحقيقى والمتكامل للدين؛ تسارعت وتيرة الفتاوى الشاذة غير المنضبطة وأحدثت حالة من السيولة فى فتاوى التكفير التى نالت- ولا تزال- من المجتمعات الإسلامية. وأضاف أن ما نعنيه ونقصده ونذهب إليه من تجديد الخطاب الدينى ليس المقصود منه العدوان على مبادئ وقيم هى من صلب العقيدة الإسلامية الثابتة أو ثوابت الدين، إنما نتحدث عن الأدوات والآليات التى تعمل بشكل منضبط ووفق ضوابط معينة لكى نستطيع من خلالها الوصول إلى خطاب دينى رشيد. وعن رؤيته للتجديد قال: نحن نرى أن التجديد الذى نذهب إليه ونقصده هنا هو ذلك التجديد الذى جاء انطلاقًا من حديث النبى صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"؛ فقد ذهب العلماء إلى أن المقصود بالتجديد هنا هو تعليم الناس دينهم، وتعليمهم السنن، ونفى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خلال تمييز الصحيح من الضعيف من أحاديثه، والقضاء على البدع وإحياء السنن، وعليه فالمقصود بالتجديد فى الخطاب الدينى هو تجديد الفهم الدينى، ذلك الفهم الذى أنتجه العقل الإنسانى على مدار عقود من الزمان من خلال قراءته وفهمه وتأويله وتفسيره للنصوص الدينية، وليس المقصود منه النيل من الثوابت أو تجديد هذه النصوص بالحذف أو الإضافة أو التغيير أو ما شابه ذلك. وأضاف مفتى الجمهورية، لا بد من التوقف عند نقطة مهمة وهى بيان الفرق بين الإصلاح والتجديد، قبل الشروع فى بيان التجديد وأهميته وما يعود منه على الأمة الإسلامية بل على العالم كله؛ فالإصلاح يفترض نقصًا ما فى الواقع، وقد يصل هذا النقص إلى درجة الخلل وهذا يستلزم شيئًا من الهدم وإعادة البناء، ولذلك فإن الإصلاح يقتضى أيضًا عدم التسليم بالموروث واعتبار أن خطًا ما قد وقع عند السابقين فهمًا أو تطبيقًا أو هما معًا، وهذا هو المبرر لعملية الهدم والشروع فى بناء جديد ينهى النقص القائم، لذا فهذا الأمر بعيد عن المقصد المرجو فى الخطاب الدينى. وتابع: أما تجديد الخطاب الدينى الذى نقصده يتمثل فى عملية إضافة جديدة لا تكر على القديم بالهدم أو البطلان بل تُضيف الجديد الذى يحتاجه العصر، وموقفها من القديم مبنى على فكرة القائم بواجب الوقت، وإن السابقين قد قاموا بواجب وقتهم بناءً على مقتضيات حياتهم وأزمانهم وأنهم حققوا نجاحات، وأن لكل عصر واجبا يختلف عن واجب العصور السابقة، ولذلك فمع احترامنا للموروث إلا أننا لا نقف عنده ولا نقف ضده، بل نحترمه ونضيف إليه ونعيد صياغة مناهجه بصورة تتسق مع ما أضفناه من مناهج جديدة أيضًا، وهذا مبنى على فكرة التفريق بين المسائل والمناهج. لافتا إلى أن الوظيفة الأخرى للتجديد تتمثل فى إزالة ما علق بالدين من أخطاء كانت نتيجة اجتهاد خاطئ من قبل البعض، انعكس فى سلوك الناس، وفى أقوالهم وعقائدهم، ثم تأتى الوظيفة الأخيرة أو الحد الأخير للتجديد والتى تكون فى التمسك بما جاء به الشرع الشريف، والتقيد به والعمل عليه.