سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"المطبات العشوائية" كارثة تُهدد الطرق المصرية.. الأهالى يصنعونها وتكلف الدولة 22 مليار جنيه كل 3 سنوات.. تكثُر على الطرق السريعة وتُضاعف نسب الحوادث.. وخبراء: تُقلل من العمر الافتراضى للسيارات
سكان العشوائيات يبنونها من بقايا الأسفلت رئيس هيئة الطرق والكبارى: ضعف قوانين المرور السبب وراء انتشارها تحرير محاضر ضد كل من يصنع مطبا عشوائيا خبير بالنقل: مصر من أكثر الدول التى تعانى من عشوائية خطيرة فى طرقها متضررون: الحكومة عجزت عن وضع مطبات آمنة أثناء رصفها الطرق فى محاولة من الدولة لمواجهة ظاهرة الحوادث على امتداد الطُرق السريعة والعادية فى مصر، بدأت الحكومة فى إيجاد حلول تُنظم بها الحركة المرورية خاصة بالقرب من الأماكن والمناطق الآهلة بالسكان، ووجدت أن الوسيلة الأنسب للحد من السرعات الجنونية ببعض الطُرق هى وضع عقبات فى نقاط معينة بالشوارع ذات أبعاد علمية لهدفين رئيسيين، أولهما تنظيم عملية المرور، وثانيهما الحفاظ على السيارات وتقليل معدل الحوادث. بدأت تلك الخطوة تؤتى ثمارها بعد سنوات من اقتراح توسيع مجال العمل بها بالعديد من الطرق، ولكن على الرغم من المبالغ الطائلة التى أنفقتها الحكومة لوضع المطبات على امتداد الطرق وفقاً للمعايير الدولية، فقد جاءت الرياح بما لا تشتهى السُفن، وأصبحت "المطبات الصناعية" سبباً هاماً ورئيسياً فى تدمير السيارات مهما كانت قوتها وتحملها، فضلاً عن ازدياد نسبة الحوادث نظراً لعدم تقدير البعض للمسافة بينه وبين المطب والسرعة التى يسير بها، مع عدم توافر لوحات إرشادية ببعض الطرق. كما فقدت المطبات الصناعية التى صنعتها المجالس الشعبية والمحلية فى بعض الأحياء العشوائية بعدد كبير من الطرق العامة والجانبية أهميتها بعد أن زاد عددها بشكل ملحوظ، وتحولت إلى آفة حقيقية بعد أن بُنيت بشكل عشوائى باستخدام الخرسانة المسلحة والأسمنت دون الرجوع إلى المقاييس والمعايير التى تُصنع بها تلك المطبات، فقد لجأ الكثيرون إلى صنعها أمام بيوتهم ومحلاتهم التجارية للحد من السرعات الجنونية للدراجات البخارية التى انتشرت فى الآونة الأخيرة. عانى البعض من أصحاب السيارات والدرجات البخارية باهظة الثمن من الانتشار الملحوظ لتلك المطبات، ووصفوا المعاناة اليومية التى يجدونها منذ انطلاقهم من بيوتهم حتى عودتهم مرة أخرى ب"المورجيحة"، فقد خصصوا ميزانية خاصة لإصلاح مُركباتهم على الرغم قوتها وحداثتها، فقال محمد السيد، طبيب بإحدى المستشفيات الخاصة، إن ظاهرة المطبات انتشرت بشكل مخيف فى مجتمعنا، خاصة بعد أن عمد عدد من أصحاب المحلات فى صناعتها أمام محلاتهم للتقليل من سرعة رواد الدراجات البخارية. وأضاف السيد، أنه خصص مبلغ مادى يدفعه كل 4 أشهر لإعادة تأهيل "عفة" سيارته التى دمرتها العقبات الخرسانية المُلقاة أمام البيوت والمحال التجارية، مشيراً إلى أن المجالس المحلية والحى عليهم دور كبير لحل تلك المشكلة، خاصة وأن تلك العوائق تتصدى لأى مُركبة كلما مرت 10 أمتار على الأقل، ولابد من اتخاذ اجراءات ضد من يصنع مثل تلك المطبات العشوائية. "يجب على الحكومة أن تضع المطبات الصناعية أثناء رصف الطرق لتجنب ذلك".. بتلك الكلمات استهل أحمد حجازى صاحب أحد المحال التجارية بمنطقة الأزهر كلماته، حيث أكد محمد أن مشكلة المطبات الصناعية التى احتلت كافة الطرق المصرية دون الرجوع إلى الأسس العلمية التى تُصنع منها تلك المطبات ترجع إلى عجز الحكومة عن وضع تلك المكبات أثناء عمليات رصف و"سفلتة" الطرق من البداية الأمر الذى يدفع بعض المتضررين من سرعات السيارات والدراجات البخاية إلى وضعها. وأوضح أنه المطبات الموجودة حالياً بالشوارع لا يمكن أن يطلق عليها اسم مطب صناعى، وإنما اللفظ المناسب لها العوائق الصناعية العشوائية، لما تسببه من أضرار بالغة على السيارات، وتسببها فى كم كبير من الحوادث، وتحولت وظيفتها من حل فعال لأزمة الحوادث إلى أحد مسببات الحوادث، بسبب عدم تقدير بعض سائقى الدراجات البخارية والسيارات لارتفاع المطب وتكونيه بالإضافة إلى انتشارها على امتداد كل شارع. يبدو أن تلك الأزمة أصبحت أكثر المؤرقات لأصحاب المركبات بعد التكاليف المرتفعة التى سببتها لهم سنوياً، حيث قال محمد ناجى خبير بسوق السيارات، إن لتلك المطبات أضرار بالغة على السيارة خاصة أن مصر من أكثر البلاد التى تعانى من عدم وجود معايير علمية وصحيحة للمطبات الصناعية، ورصد ناجى عدة أضرار تصيب السيارات إثر تعرضها لتلك المطبات أبرزها تعرض "المُساعدين" و"المقصات" و"السوست" و"الكبالن" الخاصة بالسيارة للكسر والتلف، كما التعرض المستمر للمطبات يؤدى إلى حدوث اعوجاج ب"قناطر" المُركبة. وأضاف ناجى، أن تلك العقبات الخرسانية تؤدى إلى تعرض الأجزاء السفلية للسيارة إلى الكسر مثل المحرك و"صندوق التروس"، فضلا عن كسر الميزان والشدادات، وأوضح أنه الأشخاص الذى يمرون بسياراتهم يومياً على مطبات عشوائية غير منتظمة لابد وأن يجروا كشوفات دورية على "عفشة" السيارة لضمان عدم وجود تهالك بها أو اجراء أعمال صيانات سريعة عليها فى حالة تعرضها إلى التلف. وأشار ناجى إلى أن هناك أزمة جديدة تواجه سائقى الطرق السريعة وهى عدم وجود لوحات إرشادية لتنبيه السائقين بوجود مطب بعد مسافة معينة، بالإضافة إلى إنتشار المطبات المفاجئة التى زادت من نسبة الحوادث بشكل ملحوظ على الطرق السريعة. وأوضح ناجى، أن الوضع الطبيعى فى أى دولة أن تتم أعمال الصيانة الدورية ل"عفشة السيارات" كل 10 سنوات نظراً لعدم وجود أى مسببات لتهالكها، بينما فى مصر فقد تتم الصيانة لكل سيارة كل 3 سنوات فقط بتكلفة 5 آلاف جنيه، حيث تجاوز عدد السيارت فى مصر ال 6 مليون سيارة ومن ثم فإن إجمالى الأموال المستهلكة فى صيانة عفشة السيارات سنوياً تجاوزت 22 مليار جنيه كل 3 سنوات!. فيما قال الدكتور عماد الدين نبيل خبير واستشارى الطرق والكبارى، إن مصر تعانى من عشوائية خطيرة فى طرقها السريعة والعادية الأمر الذى زاد من نسب الحوادث فى الفترة الأخيرة خاصة مع غياب الرقابة على الطرق وعدم وجود بنية تحتية جيدة تستند عليها منظومة النقل فى مصر، فغالبية الطرق تعانى من إهمال شديد فى تجهيزاتها ومواصفتها التى لا تنطبق مع المواصفات العلمية المُحددة عالمياً. وأضاف نبيل، أن المطبات الصناعية فى مصر والمنتشرة بالطرق ليس لها علاقة بالمطبات التى نراها خارج الحدود المصرية والتى تم انشائها بمعايير علمية، وأن السبب الرئيسى وراء تفاقم تلك الأزمة هى الحكومة بلا شك، فتلك المطبات العشوائية تكلف المواطنين الملايين سنوياً ولابد من الحكومة احترام وحماية استثمارات المواطن الذى بحاجة إلى أشخاص يرعونه ويراعوا الله فيه. وأكد الدكتور سعد الجيوشى، رئيس الهيئة العامة للطرق والكبارى فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع" أن المطبات الصناعية العشوائية التى غزت الطرق المصرية هى آفى ليس لها أى سند قانونى، بل هى السبب الرئيسى فى زيادة نسب الحوادث الآن بعد أن كانت أحد الطرق لعلاج أزمة الحوادث المتفاقمة فى الفترة الأخيرة. وأضاف الجيوشى، أن أضرار المطبات العشوائية تنحصر فى ضررين رئيسيين أولهما أنها تُتلف صف السيارات المنتظم فى الحارات المُخصصة للسير لجميع السيارت، وثانيهما أنها تتسبب فى تآكل الأسفلت فى المساحة البسيطة التى تسبق المطب والتى تليه مباشرة، فضلاً عن الأضرار البالغة التى تتسبب فيها تلك المطبات للسيارات والتى تحتاج إلى تكاليف باهظة وكبيرة لتخطيها، حيث تعتبر أكبر مصيدة للسيارات على الطرق السريعة، وأن السبب وراء كل ذلك هو ضعف القوانين المُنظمة للمرور فى مصر. وأوضح الجيوشى، أن كل ما يكمن أن توفره الهيئة العامة للطرق والكبارى هو أنها تُزيل تلك المطبات العشوائية والغير قانونية واستبدالها بأخرى مُطابقة للمواصفات العالمية والتى لا تُسبب ضرر للسيارات ولا تؤدى إلى وقوع حوادث كالتى نُشاهدها هذه الأيام، موضحاً أن وزارة النقل أزالت ما يقرب من 54 مطب على الطرق السريعة ليس لهم أى سند قانونى لوجودهم، ووضع مطبات بالقرب من الأماكن السكنية المُطلة على الطرق السريعة، مع مراعاة المسافات القانونية بين المطب والأخر. وأشار الجيوشى إلى أن الأهالى هى من تعمد على صنع المُعيقات الخرسانية بالطرق لحمايتهم من الحوادث، ولابد من تغليظ العقوبة على كل من يضع مطب غير قانونى أمام منزله، موضحاً أنه يتم إبلاغ الأحياء على الفور فى حالة وجود أى تعديات مثل ذلك. وقال المهندس أشرف حلمى، مدير مديرية الطرق والكبارى بمحافظة القاهرة، إن المواصفات الطبيعية للمطبات الصناعية فى المناطق العشوائية، والتى وضعتها المحافظة بالتنسيق مع خبراء السيارات، هى أن لا يتعدى عرض المطب 3 أمتار و60 سم، وارتفاعه 13 سم فقط، وذلك حتى لا تحدث أضرار للسيارات والمُركبات التى تعبر عليه، ولتفادى الإضرار بالأسفلت قبل وبعد المطب، وأن المطبات التى تضعها المحافظة بالشوارع هى فقط المصرح بوجودها، وليس مصرح لأحد بوضعها أمام بيته أو محله. وأضاف حلمى فى تصريحات ل"اليوم السابع" أن المحافظة تُجرى بين الحين والأخر عمليات إزالة لتلك المطبات وفقاً لتعليمات الدكتور جلال مصطفى السعيد محافظ القاهرة، والذى شدد على ضرورة إزالة جميع المطبات العشوائية من الأحياء، وأما عن الإجراءات التى اتخذتها المحافظة لمواجهة المشكلة، تمثلت فى تحرير محاضر ضد من يتجاوز ويصنع مطب أمام منزله أو محل عمله، وسيمثل أمام النيابة والقضاء وقد تصل العقوبة إلى غرامة مالية كبيرة.