"الشهابي" يثير إشكالية حول أولوية الحديث.. ويرفض تعديل قانون الكهرباء    أمن الجيزة يفحص فيديو اقتحام عدد من الخيول فناء مدرسة بمنطقة بولاق    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 45 جنيهًا خلال أسبوع    جهاز المشروعات يضخ 750 مليون جنيه عبر شركات التخصيم والتأجير التمويلي    هل يجتمع الرئيس السيسي مع نتنياهو؟ وزير الخارجية يحسم الجدل    مصر والإمارات تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك لتنشيط الحركة الجوية    الأورمان تنفذ مبادرات لدعم الفئات الأكثر احتياجًا فى الجيزة ومطروح والفيوم    تقرير عالمى يدعو لتضافر الجهود لمعالجة الثغرات المتزايدة فى الحماية التأمينية    زيلينسكي: محادثات السلام في فلوريدا بناءة    محمد صلاح يزين التشكيلة المثالية لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025    للمرة السابعة على التوالي.. انتخاب حسن مصطفى رئيسا للاتحاد الدولي لكرة اليد    سبورت: برشلونة يسعى لاستغلال قاعدة تسجيل اللاعبين بعد إصابة كريستنسن    محمد صلاح ضمن التشكيلة المثالية لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025    الداخلية تكشف حقيقة مقطعي فيديو سبّ واحتجاز شخص بالجيزة    جنايات الإسكندرية تقضي بإعدام سائقين لخطف شاب وخطيبته والاعتداء عليها    انطلاق اليوم الأول للاختبارات التجريبية لمنصة الذكاء الاصطناعي اليابانية بالأزهر    المفتي: المؤسسة الدينية خَطُّ الدفاع الأول في مواجهة الحروب الفكرية    جولة مفاجئة لوزير الثقافة ومحافظ القاهرة بقصر ثقافة عين حلوان    دراما بوكس | المسلسلات المؤجلة بعد رمضان 2026 .. وقصة آسر ياسين ودينا الشربيني مع الصدمات النفسية    نصيحة للأمهات، احذري من تأثير ضغط الدراسة على علاقتك مع أبنائك    رئيسا الإمارات وفرنسا يبحثان مسار العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين    الداخلية تكشف حقيقة فيديو محاولة سرقة شخص بالسيدة زينب: خلافات عائلية السبب    إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد    «تحالف إقليم إسكندرية» يفوز بمشروع رئاسي للمركبات الكهربائية والنقل الذكي    شعبة المواد الغذائية: رفع حد التسجيل في «القيمة المضافة» إلى 3 ملايين جنيه ضرورة لدعم التجار وتحفيز الاقتصاد    عراقجي: مستعدون لإبرام اتفاق "عادل ومتوازن" بشأن برنامجنا النووي    مراسل القاهرة الإخبارية من غزة: القطاع يعيش على وقع الأزمات في الأيام الأخيرة    مدير فرع الرعاية الصحية بالإسماعيلية يفاجئ مستشفى فايد (صور)    مدير تعليم البحيرة يتابع انتظام الدراسة بعدد من مدارس إيتاي البارود وكوم حمادة    ضبط 3 محطات وقود بالبحيرة لتجميع وبيع 47 ألف لتر مواد بترولية    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان عدد من المنشآت الطبية الجديدة بمستشفى الطوارئ    «المصدر» تنشر نتيجة الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب    ليلة استثنائية في مهرجان القاهرة للفيلم القصير: تكريم عبير عواد واحتفاء بمسيرة عباس صابر    محافظة الجيزة توضح حقيقة ما أثير بشأن وجود إزالات أو نزع ملكيات لإنشاء طريق الإخلاص    إصابة 8 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص في العاشر من رمضان    تحرك عاجل من وزير العمل بعد فيديو الأم التي عرضت أولادها للبيع    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    قومى حقوق الإنسان: دورة حقوق الإنسان ليست برنامجا تدريبيا بل منصة لبناء القدرات    "الشيوخ" يتلقى إخطارًا بتشكيل الهيئات البرلمانية للأحزاب    محافظ أسيوط: استمرار تدريبات المشروع القومي للموهبة الحركية لاكتشاف المواهب الرياضية    حملة للمتابعة الطبية المنزلية لأصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن وذوي الهمم.. مجانًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الجزائري والتونسي تطورات الأوضاع في ليبيا    حقيقة تأثر رؤية شهر رمضان باكتمال أو نقص الشهور السابقة.. القومي يوضح    فى مباحثاته مع مسرور بارزانى.. الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل للعراق الشقيق ولوحدة وسلامة أراضيه ومساندته فى مواجهة التحديات والإرهاب.. ويدعو حكومة كردستان للاستفادة من الشركات المصرية فى تنفيذ المشروعات    فضل العمرة فى شهر رجب.. دار الإفتاء توضح    مانشستر يونايتد في اختبار صعب أمام أستون فيلا ب البريميرليج    شهر رجب .. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم    محافظ القاهرة جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي    سياح العالم يستمتعون بتعامد الشمس على مقصورة قدس الأقداس بمعابد الكرنك.. صور    انطلاق مهرجان التحطيب بالأقصر على المسرح المكشوف بساحة سيدي أبو الحجاج    وزير الخارجية يؤكد مجددا التزام مصر بدعم جهود تعزيز الأمن والاستقرار في الصومال والقرن الأفريقي    الصحة: فحص أكثر من 20 مليون مواطن في مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    أمم إفريقيا – المغرب.. هل يتكرر إنجاز بابا؟    حبس المتهم بقتل زميله وتقطيع جثمانه إلى أربعة أجزاء وإخفائها داخل صندوق قمامة بالإسكندرية    بعد رؤية هلال رجب.. ما هو موعد شهر شعبان ؟    الإفتاء: الدعاء في أول ليلة من رجب مستحب ومرجو القبول    بركلة جزاء قاتلة.. أرسنال يهزم إيفرتون ويعود لاعتلاء صدارة البريميرليج    قمة إنجليزية نارية.. ليفربول يحل ضيفًا على توتنهام في الجولة 17 من البريميرليج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الخطاب الدينى فى التصدى لظاهرة الإرهاب

لقد جاء الإسلام لكى يقضى على آثار القبلية والعصبية البغيضة والممقوتة من خلال مجموعة من مقاصد الشرع الشريف فى حفظ الدين والنفس والعقل والمال، وأصبح المبدأ المقدس عند كل إنسان هو الحرمة الشديدة والمعظمة للدماء، وحرمة النفس الإنسانية، وأن إحياء هذه النفس وإكرامها من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية على الإطلاق.
والآيات والأحاديث النبوية على ذلك كثيرة؛ حيث أخبرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن من أعان على سفك دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله، فلو نطق أحد بكلمة «اقتل» وكان قاصدًا مريدًا للقتل كان معينًا عليه وآيسًا من رحمة الله يوم القيامة، وكذلك كل من يخرج على المجتمع يهدد أمنه وسلمه حاملاً سلاحه، ملوحًا ومهددًا بالعنف والقتل، ومستخدمًا له، فقد بادر بالعدوان، وهدد أمن البلاد والعباد، ولا بد من التصدى له بكل الوسائل الرادعة.
والخطاب الدينى اليوم مطالب أن يبين أن كل ما من شأنه أن يهدد السلم الاجتماعى لا بد من التصدى له بكل قوة، من خلال تفعيل الأحكام الرادعة بحقه ؛ فما شرعت الأحكام إلا لجلب المصالح ودرء المفاسد، فالشريعة حين شرعت القصاص شرعته من أجل مصلحة العباد التى تتمثل فى تحقيق الاستقرار والأمن والطمأنينة وحقن الدماء، يقول تعالى: {ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب}، كما أنه عامل زجر لكل من تسوِّل له نفسه الاعتداء على أرواح الناس والإفساد فى الأرض وإشاعة القتل، كما أن درء المفاسد هو وجه من وجوه المصالح، فالمصلحة حين تجلب النفع فهذا وجه إيجابى، ودفع الضر والمفسدة فهذا دفع لوجه سلبى، يقول تعالى: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}، فتحريم الخمر يدرء عن الناس مفسدة الصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وتفشى ظاهرة الإرهاب فى العالم كله تهدد السلم الاجتماعى وتجعل من الواجب الشرعى على كل مسلم أن يتصدى لها، فعلى الدعاة والأئمة وعلماء الدين والمفكرين ووسائل الإعلام مسؤولية توضيح طبيعة هذه الظاهرة وأسبابها ودوافعها ومحركاتها وإظهار آثارها السلبية والمدمرة للمجتمع أفرادًا وجماعات, وخطرها على الأمة، بل لا بد أن يهب الجميع بالتصدى لهذا الإفساد من جهة، ودعوة الكل للالتزام بالمنهج الإسلامى الحنيف والتمسك بقيمه ومثله ومعاييره وأخلاقياته وقواعده وفضائله، فالإسلام يبنى المجتمع الصالح ويكون المواطن المؤمن صاحب الضمير الحى والواعى بالفساد وسائر المعاصى والآثام فيبتعد عنها، فالإسلام مدرسة جامعة فى الطهر والطهارة والعفة والصدق والأمانة، ودعوة للإصلاح والبناء والتشييد وهو يدعو الناس للسلوك القويم والبعد عن كل مظاهر الفساد، خاصة هذا الذى يستبيح الدماء ولا يراعى سلامة الأوطان .
ودور الخطاب الدينى مهم فى التصدى لهذه الظاهرة عن طريق بيان صحيح الإسلام من خلال إبراز مجموعة القيم التى حرص النبى صلى الله عليه وسلم على غرسها فى نفوس المسلمين لتصبح سلوكًا لهم فى حياتهم ومعاملاتهم مع بعضهم البعض ومع غيرهم، فمن ذلك تحريمه صلى الله عليه وسلم قتل النفس الذى يعد من كبائر الذنوب، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ}، ولقد أعلى الإسلام من قيمة المسالمة بين أبناء المجتمع، حيث ربط فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أفضليَّة الإنسان عند ربِّه وفى مجتمعه، وبَيَّن مدى مسالمته لأبناء هذا المجتمع، فعن جابر رضى الله عنه أنه قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أى المسلمين أفضل؟ قال: «مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ».
كما نهى عن العنف والذى لم يقتصر على تحصين المجتمع المسلم داخليًّا فقط بل امتد ليشمل العلاقة بين المسلمين وغيرهم، فهو صلى الله عليه وسلم دائمًا ما كان يبحث عن الطريقة السلمية مع المخالفين له حتى وقت الحرب، فكانت وصيَّته لقوَّاده دائمًا: «لاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلاَ طِفْلاً، وَلاَ صَغِيرًا، وَلاَ امْرَأَةً»، بل هو حريص فى بعض المواقف على تجنُّب الحروب ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فها هو صلى الله عليه وسلم يقول لعلى بن أبى طالب رضى الله تعالى عنه عندما أعطاه الراية فى غزوة خيبر: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ».
ولحرصه صلى الله عليه وسلم على أن يكون المجتمع المسلم مجتمعًا راقيًا يتحلى بالقيم الرفيعية تسود فيه روح المودة والرحمة؛ فقد شدد على تجنب أى شكل من أشكال العنف حتى لا يصبح سلوكًا فى المجتمع المسلم فنهى عن العنف ضد النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَضْرِبُوا إِمَاءَ اللهِ»، وفى موضع آخر قال صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ»، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن العنف مع الخدم فقال لأبى مسعود الأنصارى عندما ضرب غلامًا له: «اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ». قال: فَالْتَفَتُّ، فإذا هو رسول الله، فقلتُ: يا رسول الله! هو حُرٌّ لوجه الله. فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النَّارُ».
ولقد وجَّه الدين الإسلامى الفردَ والجماعَةَ إلى الاعتدالِ واجتِثاث نوازِعِ الجُنوح والتطرّف وما يؤدِّى إليهما من غلوٍّ فى الدّين؛ لأنَّ فى ذلك مهلكةً أكيدة، فقال: «إيّاكم والغلوَّ فى الدين؛ فإنما أهلك مَن كان قبلَكم الغلوّ فى الدين»، كما أنه عالج نوازع الشر المؤدّية إلى التخويف والإرهاب والترويع والقتل، فقال: «لا يحلّ لمسلمٍ أن يروِّع مسلِمًا».
فالخطاب الدينى فى دوره للتصدى للإرهاب أو أفكاره الشاذة مطالب بأن يبين لهؤلاء الذين انحرف فكرهم عن صحيح الدين- بحيث جعلهم فى حالة نفور وصدام مع المجتمع ورفض التعايش السلمى، أن هذا الصدام محرم شرعًا، ويجب أن نستبدل به التعاون الذى يضمن سلامة الأمة وعمارة الأرض لقول الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.