المجلس الاستشاري بحقوق الجامعة الألمانية بالقاهرة يزور المحكمة الجنائية الدولية    تكليفات مهمة من السيسي لوزير الاتصالات ومدير الأكاديمية العسكرية    بالدولار.. «الحكومة» توافق على تخصيص قطع أراضي في 10 مدن جديدة للبيع    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    الرواد الرقميون.. الرئيس السيسي: انتقاء الدارسين في المبادرة بلا أي نوع من المجاملات على الإطلاق    مجلس الوزراء يستعرض خطة «الكهرباء» للوصول بالطاقات المتجددة إلى 30% بحلول 2030    الجامعة العربية: مراجعة "الأغلبية القوية" بأوروبا لاتفاقية الشراكة مع إسرائيل تحمل مغزى سياسيا وحقوقيا عميقا    كييف تعلن إسقاط 71 من أصل 88 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    الاتحاد الأوروبي يعتمد رسمياً إجراءات قانونية لرفع العقوبات عن سوريا    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    الإسكواش، علي فرج يعلن اعتزاله اللعب رسميا (فيديو)    مبابي لاعب الموسم في ريال مدريد    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    كريستيانو رونالدو يتلقى عرضًا من نادي إنجليزي    خبر في الجول - الجفالي خارج حسابات الزمالك بنهائي كأس مصر    سكاي: هدف برشلونة يخضع للكشف الطبي مع بايرن    الأهلي يرد على مزاعم بيع زيزو    الدبلومات الفنية، قرارات عاجلة من التعليم قبل انطلاق الامتحانات التحريرية غدا    براءة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية ب«منشأة ناصر»    الكاريزما وفن القيادة    أحمد المسلماني في منتدي دبي: ثقافة الترند مصدر تهديد للأمن القومي    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    الصحة: رصدنا 50 ألف مصاب بالتصلب المتعدد منهم 20 ألفا يتلقون العلاج بالمجان    وكيل صحة البحيرة يتفقد مركز علاج مرضى السكر في دمنهور    طريقة عمل الكيكة الاسفنجية، باحترافية وبأقل التكاليف    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    العيد عندك الجمعة ولا السبت.. دول تخالف رؤية هلال ذى الحجة.. تعرف عليها    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    كوريا الشمالية تهاجم قبة ترامب الذهبية وتتعهد ب"تناسق القوة"    ماكرون: مؤتمر حل الدولتين بنيويورك سيشكل زخما للاعتراف بدولة فلسطين    «تقدير الجمهور أغلى جائزة».. مي عمر تعلق على فوزها ب أفضل ممثلة عن «إش إش»    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذى الحجة.. دار الإفتاء تجيب    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    حكم صلاة الجمعة إذا جاء العيد يوم جمعة.. الإفتاء توضح الرأي الشرعي    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    محافظ أسيوط: رصف شارع الجمهورية بأبنوب ضمن خطة العام المالى 2024-2025    إدارة الأزمات والتداخلات العاجلةب " الجبهة ": تناقش سيناريوهات الوقاية ومواجهة التحديات    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    تفاصيل الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من "حقوق السوربون" بجامعة القاهرة    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    لمواجهة الفكر المتشدد.. "أوقاف الفيوم" تنظم دروسًا منهجية للواعظات    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    وداعاً تيتة نوال.. انهيار وبكاء أثناء تشييع جنازة جدة وئام مجدى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل الغارة الجوية الإسرائيلية على صنعاء    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 ببني سويف الترم الثاني.. رابط وخطوات الاستعلام    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد عقل يثير الجدل حيا وميتا.. مثقفون: مجدد قومى شاعر لبنان والوطن العربى.. وآخرون: عميل ومتعصب وفاشى.. وكتاب يتساءلون: ما الذى يحول شاعر من "قومى" إلى "عنصرى"؟

هناك موقفان غريبان فى الثقافة العربية تأتى غرابتهما من كون "الحادث واحد" ورد الفعل متناقضا، الحادث هو اجتياح إسرائيل لجنوب لبنان 1982 حينها شعر الشاعر خليل حاوى بالإهانة فأطلق الرصاص على نفسه منتحرا، بينما وقف الشاعر سعيد عقل مهللا بهذا الاجتياح مطلقا على الجيش الإسرائيلى "جيش الخلاص".
بدأ سعيد عقل حياته عروبياً، فانضم إلى الحزب السورى القومى الاجتماعى، وألف العديد من القصائد التى تتغنى بالشام. غير أنه بدّل مواقفه بشكل كامل، وانتقل إلى النقيض حين تبنى رؤية مضادة للعرب والقومية العربية تؤكد أن لبنان ليس جزءاً من الوطن العربى، بل أن تاريخه وتراثه الفينيقى هو الأصل، كما تبنى موقفاً معادياً للوجود الفلسطينى بلبنان، إلى درجة تأييده الاجتياح الإسرائيلى للبنان، فكتب فى إحدى الصحف يشكر القوات الإسرائيلية على ما فعلته.
والجدل حول سعيد عقل ليس جديدا وليس مرتبطا بموته فهو قديم منذ أزمة تصريحاته المؤيدة لإسرائيل، وكذلك عندما أصدرت لبنان 2011 مجموعة من الطوابع التى تحمل اسمه، ثم تجددت بعد موته، حيث طالب كثير من النشطاء والمثقفين بعدم تكريم سعيد عقل، والذى يعد أكبر المعمرين من المثقفين العرب إذ تجاوز القرن بعامين، وجاء الهجوم عليه بسبب اتهامه بالتطبيع مع إسرائيل، حيث كانت له تصريحات تليفزيونية وتصريحات متعددة لصالح الكيان الصهيونى أقواها إشادته بجيش الاحتلال، وجاهر بالدعوة إلى التخلص من الفلسطينيين، بل وإبادتهم عن بكرة أبيهم، ودعوة الجيش الصهيونى لتحرير جنوب لبنان من الفلسطينيين، وإزالتهم عن الوجود، وشكره العلنى للإسرائيليين على مجازرهم بحق الفلسطينيين واللبنانيين، كل ذلك جعل سعيد عقل بين موقفين غريبين متناقضين تماما.
الموقف الأول ينظر إلى مكانته الشعرية، فذكرت الوكالة اللبنانية يوم وفاته، أن "الموت غيب الشاعر والأديب الكبير سعيد عقل أحد أبرز الوجوه الشعرية والأدبية فى لبنان والعالم العربى".
كما أكد عبده وازن فى مقال صحفى تحت اسم "سعيد عقل «شاعر لبنان» جدّد الشعر العربى وصنع حداثته" قال فيه: عاش سعيد عقل قرناً بكامله هو القرن العشرون، عاشه وكأنه قرنه، هو الشاعر الكلاسيكى المجدّد الذى لم يتخيّل القصيدة يوماً، خلْواً من عروض الشعر العربى ومن جماليات البيان والبديع التى حفل بها تراث الأقدمين. شاعر كبير، هو بلا شك آخر الكلاسيكيين الكبار بعد رحيل روّاد النهضة، أحدث ثورة فى شكل القصيدة العمودية وفى اللغة الشعرية العربية التى أدرك أسرارها باكراً وتمرّس فيها حتى أخضعها صوغاً وسبكاً، فغدت بين يديه كالذهب الخالص بين يدى الصائغ الماهر".
بينما كتب حبيب الصايغ، تحت عنوان "الشاعر وكفى" يقول "يرى كثيرون باعتباره شاعر المتناقضات، وأراه شاعر التناغم والتصالح مع الذات والموضوع، وبين الذات والموضوع، كما لا يتحقق ذلك مع أى شاعر آخر، وإن كان لا بد، فهو شاعر التناقض الأجمل الذى يضع الشاعر مباشرة فى صعوبة بساطة هو خالقها باقتدار".
وكتب عنه أحمد عبد المعطى حجازى تحت عنوان "صنو لبنان" قائلا: "سعيد عقل صنو لبنان وصنو الجبل، وغابة الأرز، أحبَّ لبنانَ، كما نحبه جميعاً وأكثر منا جميعاً، ليس لتقصير منا، ولكن لأن سعيد عقل يملك ما لا نملك، ولقد أحب مصر كما أحببناه، وقال فيها ما لم يقله شاعر مصرى: «ما لم نزن مصر وزن الحق يبق دم على الضمير، ويبقى أن يراق دم».
بينما دخل عزمى بشارة فى صلب الموضوع تماما فى مقاله "بمناسبة النقاش حول سعيد عقل" قائلا "من العبث إنكار قيمة عمل أدبى عبقرى لأن صاحبه عنصرى، أو لأنه متطرف ينتمى فى المعسكر الآخر. مثل هذا يقود، أيضاً، إلى تضخيم قيمة عمل أدبى، لأن صاحبه من "معسكرنا"، كما يقود إلى تجاهل صفات المبدع الشخصية والاجتماعية السيئة، والتى يجرى التستر عليها غالبا".
ومن ناحية أخرى كان هناك رأى آخر رأى فى "سعيد عقل" المطبع والعنصرى، حيث كتب نصرى حجاج تحت مسمى "سعيد عقل" قائلا "أستطيع أن أقول بأن فلسفة سعيد عقل الفاشية العنصرية التى لا تدعو إلى القتل وحسب، بل إلى الإبادة لشعب بأكمله، بقضه وقضيضه، لا نستطيع أن نغفر تهويماتها وخبطها فى وحول وقذارة الدم الذى كان، ربما، سيلوّن قصائده، لو أن البطل "مناحيم بيجن" استجاب لدعوته التى تقطر دما".
بينما أكد الكاتب والشاعر إبراهيم داود، بأن علينا ألا نتحدث عن شخصه، لأنه الآن بين يدى الله، أما موقفه من الاجتياح الإسرائيلى فكان شيئا صعبا حقيقة وبه فجاجة، لكن سوف تذهب هذه الأراء السياسية ويبقى الشعر، كما تظل مساهماته مع فيروز والرحبانية باقية.
وأكد "داود" أن سعيد عقل كان قوميا لبنانيا بمفهومه هو، والذى تقريبا يفصل لبنان عن سياقها العربى ويبحث فى إطارها الفينيقى.
وأكد الناقد مدحت صفوت، حجم الاحتفاء بالشاعر اللبنانى سعيد عقل مثَّل «صدمة» خاصة من أولئك الكتاب والصحفيين الذين يعارضونه سياسيًا ويقفون فى صف المقاومة العربية، واستند الباكون مؤيد إسرائيل على حجة «فصل الخطاب الشعرى عن المواقف السياسية»؛ لكن السؤال أليس إعلان الموقف السياسى خطابًا فى حده؟! وكيف يمكن للمتلقى أن يرفض فى الصباح «عقل المتصهين» ويتغنى مساءً بقصائد رومانتيكية نسجت على الشكل الكلاسيكى؟!! بالمنطق ذاته علينا أن نحتفى بذكرى الشاعر اليهودى الإسرائيلى موريس شماس، فهو من أصول مصرية ويكتب بالعربية وواحد ممن يسمون فى الكيان باسم «دعاة السلام» طالما بإمكاننا الفصل بين الخطابين الشعرى والسياسى!! كما أننى أتساءل هل سيبكى زملاؤنا قاتلًا مثل سمير جعجع؟!! ربما يحدث ذلك فعلًا.
وأضاف "صفوت"أن "عقل" ليس صاحب رأى سياسى مخالف، بل هو رجل «عنصرى» وقف ضد الشعب الفلسطينى «مدنيين ومقاومين»، وأيّد المجازر التى وقعت تحت إشراف قوات الاحتلال، ووصف الأخيرة ب«جيش الخلاص» والمقاومة الفلسطينية فى لبنان ب«الاحتلال»، كذلك نحن بصدد «طائفى» تقلبتْ انتماءاته من القومية والدفاع عن العروبة إلى الشيفونية القطرية، وأحيانًا الطائفية، المقيتة والضيقة. بالتالى كان يجب علينا أن نستغل حدث الرحيل فى طرح الأسئلة الأهم، ما الذى يدفع قومى وعروبى سابق إلى التحول بالوقوف فى صف العدو؟، وهل يمثل «عقل» بتحولاته الكبرى ظاهرة فى تاريخنا العربى الحديث؟ أم مجرد حالة فردية وفريدة؟ تابعت باهتمام أغلب ما كُتب بخاصة فى الصحف اللبنانية، وللأسف ثمة محسوبون على تيار المقاومة، برّروا سقوط سعيد عقل بالتأثر ب«الحرب الأهليّة»، وبدلًا من تفكيك الموقف الطائفى لصاحب «مُرّ بى» وخيانته لأفكاره ومواقفه الأولى، وكيف لمثقف من المفترض أن يقود عملية تشكيل الوعى يقع فى فخ الدعايا الصهيونية خلال الحرب، راحت الأقلام تترحم وتبكى وكأننا أمام فقدان غير متوقع لشخص فى ريعان الشباب وليس «عجوزًا عنصريًا» تجاوز عمره القرن من الزمان!! وفى رأى ما كتبه المؤرخ فواز طرابلسى هو الأدق والأصح تعبيرًا «شاعر كبير وإنسان حقير».
وذكر الشاعر محمود قرنى، أنه قرأ مقالا ل"إلياس خورى" عن سعيد عقل يطلب فيه التحفظ على شخصه، حتى لا يسىء إلى تاريخه الشعرى الكبير، لأن آراء سعيد عقل السياسية أقرب إلى الهيستريا منها إلى التعقل والتقييم.
ويؤكد "قرنى" أننا قرأنا الكثير لسعيد عقل حول معاداته للثقافة العربية، رغم أنه واحد من أهم شعراء العربية المحدثين وأحد كبار العارفين بأسرارها، وقد دفعه هذا العداء للتحدث بسفور عجيب عن أن المستقبل تحت أقدام الجيش الإسرائيلى، وطالما أن سعيد عقل مات فالموت أنهى أسطورة الموقف غير الرشيد الذى كلل أطروحاته المرفوضة من المدونة العربية التقليدية.
كما كتب أحمد أصفهانى "مات سعيد عقل: إبداع الشعر لا يخفى الخيانة والعنصرية"، عاب فيه دفاع المثقفين عن سعيد عقل وتجاوز أخطائه الفادحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.