دعت 9 منظمات حقوقية وزارة التضامن الاجتماعى لحوار جاد وشفاف حول دور منظمات المجتمع المدنى فى مصر، وما وصفته ب"المخاوف والهواجس" التى تساور الحكومة إزائها. وأكدت المنظمات، فى بيان مشترك اليوم، أنه ليس لديها ما تخشى مناقشته أو تخفيه، متوقعةً من وزارة التضامن والجهات الأخرى المعنية فى الحكومة أن تدخل فى حوار معها يتوخى المصالح العليا للوطن، وفى القلب منها الحقوق الأساسية للمصريين، والمصونة فى الدستور الراهن وفى تعهدات مصر الدولية. وأوضحت المنظمات أن هذه المبادرة للحوار تأتى عقب بيان وزارة التضامن الاجتماعى الصادر يوم 11 نوفمبر، بعد 24 ساعة من انتهاء مهلة التسجيل لما أسمته الوزارة بالكيانات التى تمارس عملا أهليا، حيث أعلنت الوزارة أنها ستقوم بدراسة كل حالة على حدة، وفقًا لطبيعة نشاط وتسجيل كل منظمة، وأن الوزارة ستقوم بمخاطبة تلك المنظمات من أجل العمل على تسجيل تلك "الكيانات" التى تقوم بعمل أهلى تحت قانون الجمعيات (القانون 84 لسنة 2002). وقالت المنظمات الموقعة إن هذا التوجه لا ينهى أزمة حرية تكوين الجمعيات فى مصر، بل إنه يطيل أمدها ويعقِّدها طالما ستستند الوزارة فى النهاية إلى قانون وصفته المنظمات ب"القمعى" يتعارض تمامًا مع دستور 2014، ومع التزامات مصر وتعهداتها الدولية، مؤكدة موقفها الذى يرحب بوضع وتنفيذ قانون ديمقراطى دستورى ينظم رقابة المجتمع على منظماته المدنية بشكل شفاف وعلنى. وتأتى دعوة المنظمات لحوار جاد حول أفضل السبل لتنظيم المجتمع المدنى عقب جلسة الاستعراض الدورى الشامل التى شهدتها مصر فى مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان فى جنيف فى 5 نوفمبر الجارى، والذى انتقدت فيها عشرات الدول سجل مصر فى هذا المجال، مقدمةً توصيات حول ضمان حرية إنشاء وعمل منظمات المجتمع المدنى، الأمر الذى كان من الممكن أن تتلافاه الحكومة لو التزمت بالتوصيات التى وجهت لها فى الدورة الأولى من هذا الاستعراض الدورى عام 2010. يذكر أن المنظمات الموقعة أبدت استعدادها أكثر من مرة للحوار مع الحكومات المتعاقبة حول موضوع إنشاء وعمل الجمعيات الأهلية، آخرها كان لقاء جمع بين رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فى 24 يوليو الماضى، سلم فيه الأخير مذكرة موقعة من 23 منظمة حقوقية تطالب بوقف محاربة المجتمع المدنى وإعادة النظر فى سياسة الحكومة تجاهه. جدير بالذكر أنه بعد 3 يوليو 2013، خاضت المنظمات الحقوقية على مدار 6 أشهر حوارًا مع وزارة التضامن الاجتماعى خلال فترة تولى الوزير السابق الدكتور أحمد البرعى حول مشروع قانون جديد للجمعيات الأهلية، والذى انتهى بمسودة تعتبر أكثر المسودات الحكومية قربًا للمعايير الدولية، كما خاضت كذلك حوارات ولقاءات مع وزراء ومسئولين حكوميين آخرين حول الموضوع نفسه. وأعربت منظمات المجتمع المدنى المعنية بالحقوق والسياسات والتنمية، والتى يعمل بعضها فى هذه المجالات منذ الثمانينيات، عن أملها فى أن يؤدى الحوار إلى دعم عملها المعنى ليس فقط بكشف الانتهاكات وأوجه القصور فى ضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة، ولكن أيضًا بتقديم توصيات وسياسات بديلة عديدة للحكومات المتعاقبة من أجل تحسين حقوق الإنسان فى مصر، ومن أحدث هذه المساهمات توصيات تفصيلية تمت من خلال عمل مشترك مع الأجهزة المعنية فى الحكومة حول قوانين التأمين الصحى، ووضع استراتيجيات وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، هذا بخلاف المقترحات التى قدمتها للجنة الخمسين التى وضعت مسودة دستور 2014، بالإضافة إلى أكثر من 100 توصية قدمها ملتقى منظمات حقوق الإنسان المستقلة –يتكون من 19 منظمة– للحكومة المصرية قبيل عملية استعراض ملفها الحقوقى أمام مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة فى جنيف. وأكدت المنظمات الموقعة أنها على أتم استعداد للدخول فى حوار مؤسسى مع الحكومة ممثلة فى وزارة التضامن الاجتماعى، حول قضايا تطور المجتمع المدنى واستقلالية منظماته، والأمور المتعلقة بالبنية القانونية والتدخلات الإدارية والأمنية فى عملها، وكيفية تفعيل المادة 75 من دستور 2014 التى حرصت وأكدت حرية عمل الجمعيات الأهلية، ويتضمن هذا الحوار تقديم نصائح ومقترحات للحكومة بحلول عملية حول كيفية التعاطى مع التوصيات التى استقبلتها مصر فى الدورة الثانية من الاستعراض الدورى الشامل لملفها الحقوقى أمام الأممالمتحدة، ومساعدة الحكومة على مواجهة التحديات الضخمة الماثلة أمام مصر، والتى تشمل خطر الإرهاب المتصاعد، والتردى المستمر فى سياسات وخدمات الصحة والتعليم والإسكان، والانتهاكات المتزايدة لحقوق المصريين المدنية والسياسية. المنظمات الموقعة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، مؤسسة المرأة الجديدة، مركز هشام مبارك للقانون، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، نظرة للدراسات النسوية.