أثارت مبايعة جماعة "أنصار بيت المقدس" - أخطر تنظيم مسلح فى مصر – لزعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو بكر البغدادى العديد من القراءات المباشرة وغير المباشرة، وأقرب ما تبادر إلى الأذهان هو حجم الخسائر البشرية، التى مُنيت بها الجماعة عقب الحملة العسكرية المكثفة، التى شنها الجيش المصرى بشمال سيناء، وقد يكون إعلانها الانضمام لداعش ما هو إلا خداع ذهنى بهدف استقطاب المتعاطفين مع هذا التنظيم فى مصر فى محاولة منها لترتيب اوراقها وتكوين هياكل بشرية بديلة، الى جانب الحصول على دعم لوجيستى من تنظيم "داعش" تلويحًا منها لأن تصبح مصر رافدًا داعشيًا. ولكن ماذا لو نظرنا إلى القراءة غير المباشرة لهذه المبايعة خاصة فى ظل تلويح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "جين ساكى" بضرورة تقييم أهداف هذه المبايعة، وفهم أبعادها التنظيمية، التى تترتب عليها، وأكدت أن تعزيز "داعش" لقوته خلال الِأشهر الماضية مازال يسبب قلقًا للولايات المتحددة ويدفعها لاستهداف التنظيم وخلاياه تحسبًا لما قد تقوم به من عمليات إرهابية على نطاق دولى. هكذا يبدو بالون الاختبار يا سادة! من الواضح أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تُصِر على الاستهانة بذكاء المصريين أو بالأحرى نفد صبرها على هذا الصمود المصرى الذى لم تكن تتوقعه، فقد استطاعت سابقًا أن تُسقِط العراق وتتلاعب فى أفغانستان لتفتش بداخلها عن العناصر الجهادية الضالة وتجندها تحت إمرتها، ثم أخذت ترتب منذ سنوات لكارثة "الربيع العربى"، ومرت مرور الطامع بتونس ثم مصر وانفرط العقد بعدها.. ولكن سرعان ما سددت كل من تونس ومصر ركلة فى وجه الملاكم الأمريكى الضخم ذى العضلات الواهية لترديه أرضًا.. وإذا بالمُلاكم الجرافيكى يَجتر معه رفيق حقير ك"السنيد" إذا جاز الوصف، وخرج لنا بذلك "الداعش"، الذى ولد من رحم "تنظيم القاعدة" الأم، صاحب دور البطولة فى سيناريو "فوضى العراق" فيما بعد صدام.. وأخذت الولاياتالمتحدة تَهُم لكسب أرض جديدة، فَزجت بليبيا الى منعطف الحرب الأهلية، وتراقصت على جثمانى سورياوالعراق بهذا الكابوس الداعشى. وبعد أن تهدمت طموحات الولاياتالمتحدة فى هيمنة النظم الإسلامية على دول الربيع العربى- وعلى رأسهم مصر - طمعًا فى اغتصاب خيراتها وإضعاف دورها الإقليمى والتلاعب بمقدراتها، عادت مرة أخرى لفنائها الخلفى تبحث بين خرائطها التكتيكية القديمة، فقد أرادت أن تسقطنا نحن العرب فى مستنقع التكفيرين والجماعات الإسلامية المتطرفة لتحقق عدة مكاسب، أولها: إلصاق كلمة "إرهاب" بكل ما هو إسلامى وضرب قيم التسامح والسلام التى دائما ما تحلى بها ديننا الحنيف، ثانيها: خلق فتنة مخيفة لشق الصف العربى وتحويل الشرق الأوسط لحلبة صراع تدور بكواليسه "حرب الوشاية" دون المبارزة بشرف وثالثها: خلق ذريعة مباحة دوليًا للتلاعب ودس الأنف فى المنطقة بحجة مناهضة ظاهرة الإرهاب الدولى.. وبالطبع تتكشف المخططات وتتضح أكثر فأكثر تلك المشروعات المشبوهة التى دُست فى أدراج البنتاجون والموساد إلى أن تحين اللحظة المواتية...انه مشروع "الشرق الأوسط" الكبير الذى سبق وأن لوحت به المٌبجَلة "كوندليزا رايس". أيكفى هذا شرحًا وقراءةً لما بين السطور لفك شفرة مبايعة جماعة " انصار بيت المقدس " للداعش الأمريكى؟.. إنها مبايعة السفهاء للمأجورين والهدف أن تتذرع الولاياتالمتحدةالأمريكية لتتلاعب فى سيناء، حيث بدت تحركات الجيش المصرى لإخلاء الشريط الحدودى وضرب الأنفاق والدخول بالعتاد الثقيل وكأنها نفير حرب غير رسمى فى وجه كل المتآمرين.. وعلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التحرك سريعًا والضغط على أزرارها الريموتية لتجد مخرجًا لهذا المأزرق، فما كفاها ما عم من خراب وحصار فى سورياوالعراق، وإنما يظل هدفها الأسمى هو مصر - وتحديدًا سيناء- أملًا فى تحقيق "مكارثية" الطموح الإسرائيلى بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء والاستحواذ على الأراضى الفلسطينية كاملة.. فماذا يمكنها أن تفعل الآن بعدما تحولت سيناء لمنطقة عسكرية شبه مغلقة.. عليها أن تثير البلبلة وتدفع بمبايعة صورية من جانب ذراع إلكترونى لا يجيد التحرك إلا بالإشارة حتى تجد سندًا شرعيًا يشى ببصمات تنظيم "الدولة الإسلامية" داخل مصر، وتخلق لنفسها مبررًا للتدخل انطلاقًا من حقها كراعية للتحالف الدولى ضد الإرهاب، ولكنها لا تتجرأ وقررت تمرير بالون الاختبار فحسب لمطالعة النتائج.. ولكن هيهات أن يكتمل السيناريو.. فلسنا لقمة سائغة ولسنا جيش متهدم أو مرتزق.. نحن أرض الكنانة ومن اقترب سيدفن تحت رمالنا، وجنودنا خير أجناد الأرض.. فلتعوا الدرس جيدا أيها المتآمرون، وأستطيع أن أقول ختامًا.. انتهى الدرس يا غبى!!