بكل برود أعصاب اشترى سائق النقل كفايته من مخدر الحشيش جريًا وراء "تظبيط الدماغ" والقيادة لفترة أطول والاعتقاد بأن هذه المخدرات ستساعده فى السهر و"الصحصحة" وزيادة غلة الأموال، ولكنه تناسى أنه بجشعه واستهتاره سيتسبب فى إزهاق عشرات الأرواح من الأبرياء. هكذا تقع العديد من الحوادث كما هو الحال مع الحادث المؤسف الذى شهدته محافظة البحيرة الأسبوع الماضى، وتسبب فى تفحم العشرات من الأطفال والمراهقين. وللأسف يظن غالبية السائقين أن الحشيش هو العلاج السحرى الذى يعزز طاقتهم ويزيد من نشاطهم وقدرتهم على القيادة لأطوال فترة ممكنة، على عكس الحقيقة، وعلى الرغم من أن له فوائد لحظية محدودة على المدى القصير، إلا أنهم يتناسون أنه سيدمر صحتهم بعد ذلك ويعرضهم لخطر الوفاة مع مرور الوقت أو التسبب فى وفاة عشرات الأبرياء . ونظرًا للون السواد الذى تتشح به مصر حاليًا حدادًا على أرواح أبنائها الذين فقدتهم بسبب سائق أثبتت التحاليل الطبية أنه يتعاطى الحشيش والترامادول، نبدأ بتسليط الضوء على التأثيرات السلبية للمخدر الأكثر انتشارا بمصر، ودوره فى رفع فرص حدوث الحوادث . ففى هذا السياق كشفت دراسة طبية حديثة نشرت خلال هذا الأسبوع وأشرف عليها باحثون من جامعة تكساس الأمريكية أن تدخين مخدر الحشيش بشكل يومى منتظم يؤدى إلى تشوه التكوين الرئيسى للمخ وحدوث خلل كبير بوظائفه، كما يؤدى إلى حدوث انكماش جزء فى القشرة المخية المسئول عن اتخاذ القرار وهو ما يعد أمرًا خطيرًا للغاية. وإذا قمنا بتطبيق هذه النتائج على السائقين فإن مخدر الحشيش سيؤدى إلى انكماش جزء المخ المسئول عن اتخاذ القرارات، وهو ما سيرفع من معدل الحوادث حال تعرضهم إلى موقف مفاجئ خلال القيادة يحتاج إلى سرعة اتخاذ القرار، وهو ما يعرض حياة الكثيرين للخطر. ولم تتوقف الأضرار الصحية عند هذا الحد بل أكدت الدراسة أن تعاطى مخدر الحشيش بانتظام يؤدى إلى انكماش المادة الرمادية "grey matter" بالمخ والمسئولة عن معالجة البيانات، لافتين إلى أنه على الرغم من أن المادة البيضاء التى تربط أجزاء المخ ببعضها تنمو بشكل أكبر من الطبيعى لتعويض هذا الانكماش إلا أن هذا الإنسان يصاب بخلل شديد فى قدرته على التفاعل مع المعلومات. كما كشفت الدراسات السابقة أن الحشيش يمثل خطورة كبيرة أيضاً على المراهقين ويعرضهم للإصابة بالاضطرابات النفسية وخاصة الشيزوفرينيا، وكما يتسبب فى العديد من المخاطر الأخرى ومنها سرطان الخصية. وكشفت دراسة نشرت فى دورية "Epidemiologic Reviews" أن تعاطى سائقى السيارات للمواد المخدرة غير المشروعة أثناء القيادة يزيد من فرص حدوث حوادث السيارات إلى الضعف، وخصوصًا الذين يتعاطون مخدر الحشيش، بعد أن أثبتت التحريات والدراسات أنه أكثر المواد المخدرة رواجًا بين السائقين، وأكثرها ظهورًا فى تحليل البول عقب الحوادث. وذكرت الدراسة التى أجراها باحثون بقسم الصحة البيئية بجامعة كولومبيا أن عدد سائقى السيارات، الذين يقودون تحت تأثير المخدرات غير المشروعة هذا العام فقط بلغ 10 ملايين سائق، وتبدأ أعمارهم من 12 عامًا، وهو ما يعد أمرًا خطيرًا. وحلل الباحثون 9 دراسات وبائية موسعة حول حوادث السيارات وعلاقتها بالمخدرات، وكشفت النتائج أن نسبة حوادث السيارات الخاصة بالسائقين الذين ثبت تعاطيهم للحشيش قبل 3 ساعات من الحادثة، كانت أكبر بمقدار الضعف من حوادث الطريق العادية. وشدد الباحثون على ضرورة التضييق على بائعى تلك المخدرات، وعلى من يتعاطاها، بعد أن ثبت دورها فى زيادة نسبة حوادث الطرق، وإزهاق أرواح العديد من الأبرياء، كما أوصت بضرورة توخى الحذر عند استخدامه فى المجال الطبى، وفرض القيود على استخدامه، وإدراج التحذير من استخدامه ضمن السياسات العامة للقيادة الآمنة على الطرق. ومن أبرز الأضرار الصحية للحشيش فى ضوء الأبحاث الطبية الحديثة التى نشرت مؤخرًا، وكشفت عنها دراسة فرنسية حديثة أجراها باحثون من جامعة تولوز، ونشرت نتائجها بالمجلة العلمية "Journal of the American Heart Association" أن مخدر "الحشيش" يرفع خطر الإصابة بأمراض القلب الخطيرة والقاتلة، ويرفع فرص الإصابة بالأزمات القلبية، وخاصة بين الشباب والمراهقين، والرجال ذوى الأعمار المتوسطة، كما أنه يتسبب فى تلف كبير وأضرار صحية خطيرة على شرايين المخ، ويرفع فرص الإصابة بالجلطات والسكتة الدماغية والنزيف الدماغى مع مرور الوقت. وجاءت هذه النتائج متوافقة مع توصيات الدراسة الذى أشرف عليها باحثون ألمان من مستشفى دوسلدورف الجامعى، وأكدوا أن الحشيش قد يسبب الوفاة السريعة للشباب والمراهقين الذين يدخنونه، واستشهدت على ذلك ببعض نماذج الشباب الذين لقوا حتفهم عقب ساعات من تدخينه على الرغم من أنهم لم يكونوا يعانون من أى مشاكل صحية خطيرة. وكما كشفت دراسة حديث أجراها باحثون من جامعة هارفارد الأمريكية، أحد أشهر وأعرق الجامعات بالعالم، أن تعاطى مخدر الحشيش يضر كثيرًا بمخ الشباب والمراهقين حتى لو تم تدخينه بمعدل مرة واحدة أسبوعيًا، حيث يتسبب فى حدوث خلل بعواطفهم ودوافعهم فى الحياة ويحد من عامل التحفيز عندهم، كما أنهم معرضون للإصابة بالأمراض النفسية وخاصة الشيزوفرينيا. وفسر الباحثون ذلك مشيرين إلى أن الحشيش يعيد برمجة خلايا المخ بشكل سلبى، كما يصيب القدرات العقلية للإنسان بخلل كبير، وأضاف الباحثون أن تلك هى الدراسة الأولى التى تكشف عن الأضرار الصحية الناجمة عن تعاطى الحشيش بشكل غير منتظم وعلى المدى القصير، ونشرت هذه النتاج بالدورية الطبية "نيوروساينس Neuroscience "، أحد أشهر المجلات العلمية المعروفة. وتواصل الأبحاث الحديثة تسليط المزيد من الضوء على أضرار المخدر الأكثر رواجا، حيث أشار باحثو جامعة نورث ويسترن الأمريكية أنه يرفع خطر إصابة المراهقين والشباب بالنسيان وضعف الذاكرة، وهو ما يؤثر بشكل سلبى على دراستهم الأكاديمية، وقد يعرضهم للفشل الشديد، وتكون تلك الأضرار أشد وقعاً كلما تم تدخين الحشيش فى مرحلة عمرية مبكرة. ومن الأضرار الصحية الخطيرة أيضًا التى يرفع الحشيش فرص الإصابة بها حسبما أكدت الأبحاث الطبية التى نشرت على مدار الشهور الماضية، السكتة الدماغية وسرطان الخصية وتدمير الرئتين والحد من الخصوبة وضعف الانتصاب وتقليل فرص الإنجاب.