انتظر العالم العربى والإسلامى انتهاء العام الهجرى المنصرم فى سلام، وتطلع الشعب المصرى إلى عامٍ جديد يعم فيه الاستقرار والأمان فى البلاد، ولكن شاءت الأقدار فى الساعات الأخيرة منه أن تمتلئ القلوب حزنًا، بحادث إرهابى غاشم جديد فى أرض الفيروز "سيناء" ويُستشهد فيه أكثر من 30 شابًا مصريًا فى مُقتبل عمرهم من أبطال قواتنا المسلحة، قُتلوا بدمٍ بارد على أيادي عناصر إرهابية لا دين لهم ولا إنسانية ويسعون فى الارض فسادًا. عم الحزن شوارع البلاد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، وانفجرت أمهات الشهداء بكاءً وانهمرت الدموع من أعينهم، ووُضعت الشارات السوداء ونُكست الأعلام حدادًا فى البلاد على أرواح شهداء الوجب والوطن، واسودت الملابس بعد أن امتصت رمال الأراضى المباركة دماء أبنائنا الجنود. واشتد الحزن عند سمعت أن "محمد" استشهد فى سيناء، الجُندى محمد عبد الكريم أحمد، شابًا يبلغ من العمر 22 عامًا فى مقُتبل عمره، كان يتميز بالهدوء والسكينة لا يتحدث كثيرًا، عشق كرة القدم وتميز بالمهارة فيها عن غيره، كان بارًا بوالديه وعطوفًا وكثير الحنان على إخوته وأخواته، مخلصًا لأصدقائه، ذهب فى خدمة الوطن وترك قريتنا الفقيرة "برطباط" فى مركز مغاغة التابع لمحافظة المنيا، وقطع مئات الكيلو مترات، ليرابط على حدود البلاد الشمالية الشرقية منها، ويحمى أبناء وطنه من الأعداء ويُحافظ على استقرار مصر مثله مثل غيره من الجنود، وكان الشهيد ينتظر نهاية الخدمة بنهاية العام الحالى 2014، ولكنه نال الشهادة بأذن الله وسيشفع لوالديه يوم القيامة، فلا تحزنوا عليه. وضحى الجنود فى سبيل مصر بأنفسهم، وضحى أبناء قريتى معهم واستشهد الشاب الثانى من أبنائها، "أيمن صلاح عبد العال"، ذهب إلى خدمته بعد أن توفى والده وبعد صراع طويل مع المرض استمر لأكثر من 20 عامًا، لم يتمكن الجندى أيمن من حضور ذكرى الأربعين، لأنه كان يحرس وطنه مع جنود كتيبته، تلقينا خبر وفاته ببالغ الحزن والأسى مثلما تلقت الخبر أسرته بصدمة كبيرة ليكتمل حزنها ويفارقهم الأب والابن معًا. ولكن الإسلام برىء من تلك الجماعات الإرهابية التى لا دين له، ونذكر بالحديث الشريف، عن ابى هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أو يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ أو يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُ"، نحتسب جنودنا من الشهداء الأبرار عند الله ونسأله أن يسكنهم الفردوس الأعلى ويلهم أسرهم الصبر والسلوان، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين أجمعين.