الساعة الثانية صباحا والجو ممطر شديد البرودة، خطوات أقدام على السلم مع "صرخات واحدة على وش ولادة". صاحبنا يسمع الصراخ و يقرر فتح الباب بعد أن ترك كتبه المعتاد على قراءتها فى آخر الليل حتى يرى من الصارخ على السلم؟ الزوجة تنزل ببطء تشعر بآلام الوضع تمسك فى ذراع زوجها وتتألم و تقع عيونهما على "جارهما" الذى يقرر مساعدتهما وتوصليهما إلى المستشفى فى هذا الوقت المتأخر الذى تخلو فيه القاهرة "الساهرة" من المواصلات فى هذا الطقس البارد. يذهب الثلاثة للمستشفى و تلد الأم و تعود لها البسمة بعد رؤية طفلها السعيد و من فرحة الزوج يسأل جاره عن اسمه حتى يسمى ابنه على اسمه. صاحبنا يقود سيارته العزيزة التى اشتراها والده كهدية له ولذكرياتها القديمة معه يرفض صاحبنا التفريط فيها ولكن دوام الحال من المحال وتفعلها "زوبة" – اسم السيارة – وتتعطل، ولأن زوبة محتاجة "زقة" فقد طلب من أحد المارة أن يساعده حتى "تقوم" سيارته ويصل لمشواره. وبعد محاولات عديدة حتى "يرمى" صاحبنا وتسير السيارة، دار صوت المحرك ورفع صاحبنا يده من خارج شباك السيارة سائلا الذى ساعده عن اسمه و دعى له وعرض عليه أن يوصله فى طريقه. المشهدان السابقان مصريان، لاتجدهما فى مكان آخر يتمتع بالطيبة والحب والشهامة بل وتوجد المشاهد الكثيرة التى يظهر فيها المصرى بنخوة أهل البلد يمد "يده" لمساعدة غيره حتى و لم يكن يعرفه. ربما لحظات قصيرة لكنها قوية المعنى وللأسف مهددة بالانقراض لأن الواحد أصبح يفضل نفسه عن الآخرين وينسى من حوله ولا يعلم أن الضرر الواقع على غيره هو بالضرورة واقع عليه. لقد أصبح التفكير عند البعض بمبدأ "ياللا نفسى" وده "حلو" وده "وحش" وما تتعاملش مع ده وما تشتريش من ده. الموضوع مش فزورة.. الموضوع إن البلد دى قايمة على المسلمين و المسيحيين. لو بصيت على الحال هتلاقيه مش بيفرق ما بين مسلم ومسيحى. أزمة أنابيب البوتاجاز كانت على المسلم والمسيحى، أزمة الأسعار على المسلم و المسيحي، أزمة أنفلونزا الخنازير، كارثة السيول وغيرها من الأزمات كلها على المسلم والمسيحى. زحمة المواصلات وحوادث الميكروباصات على المسلم والمسيحي. فرحة الناس بالمنتخب على المسلم والمسيحى، زيادة العلاوة و الدعم يفرح الكل بها سواء مسلم أو مسيحي. المشكلة ممكن تكون فى اهتمامنا بأى موضوع وقت ما بيحصل، لكن الأهم إننا نعرف مكان البلد هيكون فين لو سبنا كل من "هب و دب" يفرق بين المسيحى و المسلم و كأنهم مش مصريين. مصر أم الدنيا وبلد الحضارة ومهد التاريخ والكبير لازم يعرف إن اللى بيقع على "رجليه" بيبقى من غير عكازين ومينفعش البلد تمشى على "رجل" و تسيب "التانية". لو رايح أى مكان ومتعرفش حد يا ترى بيقولك إيه؟ بيسألك: انت اسمك إيه ؟ و منين ؟ و ساكن فين ؟ و الكلام بيجيب بعضه. الموضوع مش محتاج أقول إننا أخوات والوطن للجميع لكن الأكيد سواء مسلمين أو مسيحيين.. كلنا مصريين.. بس يكون ده اللى فى قلبك وتفكر بعقلك، ونيتك تبقى صافية.