قال الملياردير السعودى الأمير الوليد بن طلال إن موجة الهبوط الأخيرة فى أسعار النفط العالمية يجب أن تثير قلق المملكة أكبر مصدر للنفط فى الأعوام الأخيرة وحذر من التأثير السلبى لهذا الهبوط على إيرادات الدولة. وقال الأمير الوليد فى رسالة مفتوحة إلى وزير البترول السعودى على النعيمى ووزراء آخرين: "نود أن نعبر عن دهشتنا واستغرابنا بل واستنكارنا" لتصريحات نقلت عن النعيمى وتهدف إلى "التقليل أو التهوين من الآثار السلبية الكبيرة التى ستلحق بميزانية واقتصاد المملكة العربية السعودية من جراء التراجع الكبير فى أسعار النفط". وكان الأمير يشير فى رسالة له بتاريخ 13 أكتوبر إلى تصريحات أدلى بها وزير البترول السعودى فى الكويت يوم 11 سبتمبر وقلل فيها من أهمية المخاوف من نزول أسعار النفط عن 100 دولار للبرميل. وبلغ سعر خام برنت أكثر قليلاً من 88 دولارًا للبرميل أمس الثلاثاء وهو أدنى مستوياته فى نحو أربع سنوات مع انحسار التوقعات بأن تخفض منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إنتاجها فى مسعى لدعم الأسعار والحد من تخمة المعروض التى بدأت بوادرها فى الظهور. وقالت رويترز إن مسئولين سعوديين أطلعوا متعاملين فى أسواق النفط فى نيويورك على سياسة المملكة الأسبوع الماضى وأوضحوا أن السعودية مستعدة لتقبل فترة من انخفاض الأسعار - ربما حتى 80 دولارًا للبرميل - من أجل الحفاظ على حصتها فى السوق. وهبط سعر خام القياس الأوروبى أكثر من 20% من أعلى مستوى له فى 2014 الذى سجله فى يونيو عند 115 دولارًا للبرميل مع ارتفاع المعروض وتباطؤ الطلب فى الولاياتالمتحدة وأوروبا والصين. وكرر الأمير الوليد تحذيراته السابقة من أن المملكة تحتاج لتقليص اعتمادها على النفط الخام وتنويع مصادر إيراداتها. وقال فى الرسالة التى نشرت على حسابه بموقع تويتر أن ميزانية المملكة لعامى 2014 و2015 قد تتكبد خسائر تقدر قيمتها بمليارات الريالات. والأمير الوليد هو صاحب شركة "المملكة القابضة" الدولية للاستثمار ويتحدث بصراحة غير معتادة من كبار رجال الأعمال السعوديين. غير أن تحذيره قد يعكس قلقًا متزايدًا غير معلن لدى كثير من السعوديين بشأن تأثير تراجع أسعار النفط على اقتصاد المملكة واعتمادها على إيرادات الخام. وكتب الأمير فى رسالته "90% من ميزانية الدولة لعام 2014 تعتمد عليه (النفط). فهذا التهوين هو بحد ذاته كارثة لا يمكن السكوت عليه". وعلى مدى العامين الأخيرين اتخذت الحكومة السعودية بعض الخطوات الأولية لتنمية الاقتصاد وتقليص اعتماده على النفط. ومن بين هذه الإجراءات على سبيل المثال تحرير قطاع الطيران وتقديم تمويلات للشركات الصغيرة ورواد الأعمال فى قطاعى الخدمات والتكنولوجيا. وكان النعيمى قال فى الماضى أن السعودية يجب أن تقلص اعتمادها على إيرادات النفط الخام وتطور قطاع أنشطة المصب لحماية اقتصادها من تقلبات الأسواق العالمية. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولى إلى أن سعر النفط الذى يصل بالميزانية السعودية إلى نقطة التعادل يبلغ 86.1 دولار للبرميل فى عام 2014. وبلغ متوسط سعر النفط فى معظم هذا العام نحو 106 دولارات للبرميل ومن المستبعد أن يتسبب الهبوط الأخير لأسعار الخام فى الضغط على المملكة بفضل الاحتياطات المالية التى جمعتها المملكة على مر السنين. وقال صندوق النقد فى تقرير الشهر الماضى إن الميزانية العامة للسعودية قد تسجل عجزًا فى العام المقبل وربما تبدأ البلاد فى السحب من احتياطاتها الأجنبية أن لم تكبح نمو الإنفاق الحكومى. لكن إذا سجلت السعودية عجزًا فإنه لن يكون أمرًا كارثيًا للحكومة، ويرى خبراء اقتصاديون أنه علاوة على استخدام الاحتياطات التى قد تساعد فى الحفاظ على الإنفاق عند مستوياته الحالية لسنوات يمكن للسعودية بسهولة اقتراض أموال من الأسواق مثلما تفعل معظم الحكومات الأخرى فى العالم. ونزلت ديون الدولة إلى 2.7% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2013 وهو أحد أدنى مستويات الديون الحكومية فى العالم. ولن يؤدى انخفاض أسعار النفط مباشرة إلى تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى الذى لن يتباطأ إلا إذا انخفض الإنتاج أيضًا. وعلاوة على ذلك بدأ القطاع الخاص غير النفطى بالسعودية فى الازدهار. وأظهر متوسط تقديرات 18 محللا استطلعت رويترز آراءهم فى أواخر سبتمبر أن من المتوقع نمو الاقتصاد السعودى بنسبة 4.2% هذا العام و4.3% فى العام المقبل. وتبلغ قيمة الاقتصاد السعودى 748 مليار دولار وهو الأكبر بين اقتصادات الدول العربية.