«أم داود» سيدة بدوية كانت إلى جانب رجال المقاومة تؤدى دورها ومهامها فى الكشف عن أسرار العدو وإبلاغ القيادة. أم داود واسمها «فرحانة حسين سالم»، تجاوز عمرها التسعين ربيعا وبعد رحلة طويلة مع النضال استقر بها المقام بمعية ابنها فى شقة بحى ضاحية السلام بالعريش ومنها تحدثت ل«اليوم السابع» عن جوانب مما قامت به. تقول باعتزاز إنها ابنة قبيلة الريشات إحدى قبائل شمال سيناء البدوية، وشاءت ظروفها أن تهاجر وأسرتها عقب نكسة 1967 إلى مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، ثم إلى مديرية التحرير بالبحيرة. وكانت تمتهن نشاط تجارة الملبوسات البدوية والأقمشة، وتتنقل ما بين محافظات مصر وتصل إلى سيناء كزائرة باعتبارها من أبناء المكان بعد أخذ التصاريح اللازمة بالمرور. وتشير إلى أنها رأت من واجبها أن تقوم بدورها الوطنى خصوصا أن لديها معرفة جيدة بكل دروب سيناء كما أن لديها مخزونا من المعلومات، وتواصلت مع أحد شيوخ القبائل، وهو الشيخ «حسين أبوعرادة» الذى كان يجاورهم بمديرية التحرير، وأحد المجاهدين المتواصلين مع المخابرات المصرية ويقوم بتنظيم عمل المجموعات الفدائية لاختيار دور يناسبها. وتواصل حديثها قائلة: إنه تم قبولها وتواصلت مع أحد الضباط بمدينة السويس الذى كلفها أول الأمر برصد تحركات للإسرائيليين بممر مهم بسيناء، وبالفعل انطلقت من القاهرة مرورا بالسويس ثم أبوزنيمة بجنوب سيناء ثم الجفجافة فمدينة العريش، ثم منطقة الشيخ زويد، وذلك لتجارتى فى الأقمشة والتى أجلبها من القاهرة إلى سيناء، حيث قمت برصد تمركزات العدو على طريق رحلتى وأعداد الدبابات والجنود، بالرغم من عدم إجادتى للقراءة والكتابة، ولكنى كنت أحفظ الرموز التى على سيارات العدو وأخطها على الرمال، حتى تظل بذاكرتى، لأرسمها إلى الضابط المختص بتلقى المعلومات منى. وتضيف: كامرأة كنت مكلفة بمهام نوعية لا تشكك العدو فيها، ومن بينها التواصل مع أفراد المجموعات من المقاومة الذين يجلبون المعلومات ولا يستطيعون التحرك ومهمتى أن ألتقط بعضها وأنقلها للقيادة، وأقوم بنقل صور وخرائط وأوراق إلى القاهرة من سيناء. وتوضح: المهمة لم تكن سهلة وتتذكر كيف كانت تخبر المجاهدين فى سيناء بنجاح مهمتها حيث كانت ترسل برقية للإذاعة تقول فيها «أنا أم داود أهدى سلامى إلى إخوانى وأخواتى فى الأراضى المحتلة»، وعند سماع هذه البرقية فى سيناء يقوم المجاهدون بتوزيع الحلوى ابتهاجا بنجاح العملية، وكتابة سطر جديد فى سجلات بطولات أبناء سيناء. وتتابع: «اشتبهت المخابرات الإسرائيلية بما أقوم به من مهام وألقى القبض على فى سيناء واقتادونى إلى مكتب مخابرات إسرائيلى فى منطقة كرم أبوسالم، وتم استجوابى، وكانت المفاجأة أنهم يريدونى أن أعمل معهم، فتظاهرت بالموافقة، وطلبوا منى تجنيد مجموعة فى القاهرة، فوافقت، وبعد أن عدت إلى القاهرة لم أعود إلى سيناء أبدا بعد هذه الواقعة إلا بعد تحريرها». أم داود تقول إن كل ما تتمناه بعد هذه الرحلة التى تراها واجبا وليس تشريفا أن تحج بيت الله الحرام.