قال المهندس ماجد جورج، وزير البيئة، خلال اجتماع لجنة الصحة بمجلس الشورى يوم الثلاثاء 26 يناير، إن السيول التى ضربت بعض المحافظات جاءت نتيجة للتغيرات المناخية التى يعانى منها العالم. وطالب الوزير بإنشاء جهاز قومى للرصد والتنبؤ لمعرفة احتمالات ارتفاع مستويات سطح البحر، حتى يكون هناك استعداد جيد للكوارث وتحديد المشروعات التى يمكن تنفيذها فى مواقع السيول. مقترح وزير البيئة لإنشاء هذا الجهاز لابد أن يؤخذ بمنتهى الأهمية والجدية، فمما لاشك فيه أنه قد حان الوقت للنظر لجميع المشاكل التى تواجهنا فى مصر بنظرة علمية ودراسات مستفيضة، بعيدة عن الاجتهادات غير المدروسة، وما حدث فى كارثة السيول التى أصابت بعض مناطق مصر دليلا على عشوائية معالجة الأمور، فلا يعقل أن نترك معالجة مثل هذه الكوارث للأجهزة المحلية التى لا تتحرك إلا بعد حدوث الكارثة، رغم التوقعات المحسوبة على أسس علمية بحدوث هذه الكارثة، حيث تبين أنه لم يتم أخذ تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية على محمل الجد إضافة إلى غياب خطط مواجهة مثل هذه الكوارث. وكذا عدم وجود أية نظم للمراقبة والرصد، ودليل ذلك أن مخرات السيول تم شغلها بتعديات من قبل الأهالى دون أدنى مسئولية، بما سيحدث عند حدوث كارثة السيول، وهى ظاهرة طبيعية متوقع حدوثها فى أية لحظة. صحيح أن مصر ليست طرفا أساسيا فى حدوث التغيرات المناخية التى تسبب فى حدوثها الدول الصناعية الكبرى، ولكن للأسف هناك قاعدة أساسية معروفة لدى علماء تغير المناخ، وهى أن المجتمعات الأشد فقرا هى الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بالنظر إلى قلة ما لديها من موارد يمكن استثمارها فى منع تأثيرات تغير المناخ والتخفيف منها. ورغم أن ظاهرة التغيرات المناخية ظاهرة عالمية، إلا أن التأثير يكون محليا، بمعنى أنه يختلف من مكان لآخر، ويتوقف ذلك على طبيعة وحساسية النظم البيئية. فى كل منطقة ولذلك يأتى أهمية إنشاء جهاز قومى لرصد التغيرات المناخية فى مصر ضرورة ملحة لمعرفة مدى تأثر موارد مصر من الثروة الطبيعية مثل مصادر المياه والإنتاج الزراعى وكذا تأثر المناطق الساحلية وهى المناطق الأكثر تأثرا بإرتفاع سطح البحر ولذا فإن من واجبات هذا الجهاز الأساسية وضع الخطط المدروسة القابلة للتطبيق للتكيف مع تغير الاحوال المناخية ووضع نظم للإنذار المبكر والتبكير بإتخاذ تدابير تؤدى لتحسين التنبؤات المناخية الموسمية وكذا تدابير الأمن الغذائى وإمدادات المياه العذبة والتغطيات التأمينية عند حدوث الكارثة، مما يؤدى إلى الإقلال إلى أدنى حد من الضرر الذى ينجم عن تغير المناخ مستقبلا. إن تكلفة السياسات المتعلقة بمواجهة التغيرات المناخية يمكن أن تحقق فوائد كثيرة قد لاتكون مدرجة كعوامل فى تقديرات التكلفة، ومنها على سبيل المثال الابتكار التكنولوجى والإصلاح الضريبى وزيادة العمالة وتحسن نظم الطاقة، وأيضا وبالضرورة الفائدة الصحية التى تنجم عن انخفاض التلوث.