سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محمود أبو زيد "شوكن".. عام من الحبس الاحتياطى.. التهمة "مصور صحفى".. نزل لتغطية اعتصام رابعة وتم القبض عليه أثناء الفض.. والنيابة وجهت له اتهامات بالتخريب والقتل والانتماء للإخوان
"الصبر مُر، والظلم حرام، والتجاهل هو أكثر شىء يقتلنى فى سجنى".. هكذا سطر محمود أبو زيد "شوكن" ملخصًا ما يواجهه فى ظلمة سجن استقبال طرة أو "الترب" كما يحب أن يسميها فى رسائله الفترة الماضية، بعدما قبضت القوات الأمنية عليه ضمن أحداث فض ميدان رابعة حاملاً كاميرته، ظل يردد لحظة القبض عليه أنه مصور صحفى، وتم اقتياده مع اثنين من المراسلين الأجانب إلى الصالة المغطاة باستاد القاهرة ضمن باقى المقبوض عليهم من المعتصمين فى رابعة، وعقب ساعات قليلة تم الإفراج عنهما، بينما تحول محمود إلى قسم القاهرة الجديدة، لكن بدون كاميرته، والتى سلبت منه أثناء القبض عليه، لتكون النقطة الفاصلة فى لحظاته التالية، حيث قام تحقيق النيابة العامة على أساسها بالتعامل مع شوكن باعتباره ليس صحفيًا، موجهة إليه تهم التخريب وإتلاف المنشآت العامة والتدمير والقتل ومقاومة السلطات وترويع المواطنين وارهابهم، ليدخل من وقتها فى دوامة "تجديد الحبس الاحتياطى" لأكثر من عام حتى الآن، دون الإحالة للمحاكمة. يعمل محمود مصورًا حرًا مع موقع وكالة ديموتكس للصور، والتى تقوم بشراء الصور من المصورين فى جميع أنحاء العالم وبيعها، ورغم تقديم الوكالة شهادة موثقة بأنها كلفت محمود لتغطية أحداث اعتصام رابعة، إلا أنه وعبر الجلسات والتظلمات المتوالية، والوثائق الأخرى التى قدمها محاميه للنائب العام والمحكمة، بداية من شهادة تخرجه من أكاديمية أخبار اليوم وتدريبه فى الأهرام والأخبار المسائى مرورًا بمعارض الصور التى كان ينظمها على مدى السنوات الماضية، وشهادة من 55 مصورًا صحفيًا يقرون بعمل زميلهم ونزوله لتغطية الأحداث، إلا أنه ما أن تنتهى ال45 يومًا مدة الحبس الاحتياطى حتى يتكرر اسم محمود فى كشف التجديد بالحبس من جديد ضمن عشرات آخرين من المحبوسين فى السجون. شوكن الحر "قولتله يومها متروحش تصور، قالى أنا رايح أعمل شغلى، مقدرتش أمنعه، من أول الثورة وهو بينزل يغطى الأحداث فى الشارع، وكنت كل لما أقوله بلاش يقولى دى مهنتى، كان نفسه يشتغل فى جرنال حكومى عشان لو حصله أى حاجة ياخد بإيده، لكن كان بيحب يكون حرًا، قدم فى جرائد كتير خاصة لكن مفيش نصيب".. هكذا تحدثت والدة محمود والتى انتقلت من سوهاج للعيش فى القاهرة عقب معرفتها بالقبض على ابنها. فى شقة يشترك فيها محمود مع أخيه محمد بالجيزة، جاء ابن سوهاج إلى القاهرة يحمل تطلعات العمل الصحفى، يقول أخوه محمد: "بعد القبض على محمود عرضت على عدد من المحامين الدفاع عن محمود لكن "كانوا بيخافوا"، مضيفًا: "تحركت فى طريق النقابة لكن بلا جدوى لأن محمود لم يقيد فيها بعد بسبب عمله مع موقع خارج مصر، مع أنه التحق بالعمل فيه حتى لا يصبح عاطلاً بعد أن تقدم للعمل فى أكثر من جريدة فى مصر ولم يوفقه الحظ". على عبد الفتاح، المحامى، تولى قضية محمود "شوكن" عقب شهرين من القبض عليه، كان وقتها تقدمت عائلته بتظلمين إلى النيابة يفيدان بعمله الصحفى ولم يتم قبولهما، ويقول على: "قدمت بعدهما 15 تظلمًا بكل الوثائق التى تثبت عمله الصحفى ومرضه الصحى بسبب إصابته بتليف فى الكبد دون جدوى". صحفى بلا نقابة على جدران غرفة شوكن، تنتشر صوره من تظاهرات، وأحداث يومية، وفعاليات ثقافية، ووجوه من الشارع يكسوها ظلمة الغرفة كما يكسوه ظلمة السجن والذى يبقى خلفه وحيدًا دون كيان رسمى يسانده خاصة أن نقابة الصحفيين فى مصر لا تساند إلا المنتسبين إليها، الأمر الذى يخضع للعديد من الشروط التى لا تتوافر لعشرات الصحفيين والمصورين فى الشارع حاليًا والمهددين فى أى لحظة بالتعرض لنفس موقف شوكن. عمرو نبيل، الرئيس المؤقت لشعبة المصورين الصحفيين التابعة لنقابة الصحفيين، أحد الذين حاولوا على مدار العام الماضى السعى وراء الإفراج عن محمود، ويبقى هو وأعضاء الشعبة أكثر المتضامنين مع زميل المهنة على الرغم من عدم اعتراف ورق النقابة بذلك، ويقول عمرو: "أهمية قصة محمود أنها تكشف معاناة المصور الصحفى الحر أو "الفريلانس"، والذى يقوم بمراسلة أكثر من مكان فى الداخل أو الخارج بدون عقد عمل ملزم، ويلقى تقديرًا كبيرًا واحترام فى الخارج، لكنه ليس معروف بشكل كافٍ فى مصر التى يواجه الصحفيون فيها أزمة كبيرة من أنها لا تعترف بهم سوى بالورق وهو أمر يقف عائقًا أمام العديد منهم". ويشرح عمرو: "القوانين فى مصر لا تحمى الصحفيين فهى متوقفة عند السبعينيات من القرن الماضى والتى لا تعترف سوى بالجرائد المطبوعة وذات الملكية المصرية، بينما ما حدث من تطور هائل فى السنوات العشر الأخيرة أدخل العديد من الوسائل التى يعمل بها الصحفيون لكن لم تتضمنها القوانين بعد، ومن هنا تبقى المفارقة، فنقابة الصحفيين على سبيل المثال لا تقبل سوى عضوية المعينين فى الجرائد المطبوعة ذات الملكية المصرية، فلم تتطور لتشمل العاملين فى المواقع الإلكترونية أو مراسلى "الفريلانس"، أو الشبكات الإخبارية، فسواء كانوا معينين أو غير معينين، لم يكن هناك إنترنت أساسًا وقت وضع القانون، وبالتالى فمحمود وغيره من العاملين فى هذه الوسائل معرضون فى أى وقت للقبض عليهم واتهامهم بانتحال شخصية صحفى لعدم انتسابهم للنقابة أو مؤسسة تصدر نسخة مطبوعة". نبيل أوضح أن المصورين الصحفيين تزداد معاناتهم منذ الثورة بشكل مخيف لأن الكاميرا تعبير صريح عن هويتهم، مشيرًا إلى أنه على مدار الثلاث سنوات، يتعرض المصورون للاعتداءات اللفظية والجسدية وإتلاف معداتهم التى يضطرون إلى حملها طول الوقت، قائلاً: "كل ذلك يتعرضون له وحدهم، وإذا لم يقتصر الاعتداء عليه فى الشارع وتم القبض عليه نبقى أمام سيناريوهين، حسن الحظ، إذا كان تابعًا لجريدة مطبوعة أو عضو نقابة، وسيئ الحظ، والذين تضطرهم الظروف فى ظل عدد الصحفيين الكبير وفرص العمل القليلة فى الجرائد الرسمية ليعملوا فى مواقع إلكترونية أو شبكات أو فريلانس، وهو ما يواجهه محمود". موضوعات متعلقة: بالصور .."التصوير الصحفى" مهنة البحث عن المتاعب بين الرصاص والدم.."روبرت كابا" أشهر المصورين اصطدم بلغم خلال الحرب الكورية.. ولقطات الحروب تحصد الجوائز وتؤثر على المواقف الدولية