ربما جاء هذا المقال متأخراً قليلاً، وكان الأجدر بى من قبل وبكل مسلم أن يحدد موقفه ممن يسمون أنفسهم الدولة الإسلامية لتحرير الشام والعراق (داعش)، وبما يقومون به من أعمال وحشية وبربرية فى أهلنا فى العراق وفى الشمال السورى. لماذا داعش لا يمثلنى؟ لأنى مسلمة وهم لا، لأنهم أخذوا من الشريعة الإسلامية ومن الآيات القرآنية ما يخدم أهدافهم فى السيطرة والسلطة والقتل والنهب والحرق. كيف؟ سأطرح بعض الأمثلة من معرفتى بدينى، وأقارنه بما أتت وتأتى به داعش: أولاً: الجزية: والجزية ليست بدعاً من الإسلام، بل كانت فى الأزمان الماضية وفى ديانات سماوية أخرى وأقرها السيد المسيح عليه السلام، أما فى الإسلام، فتجب الجزية على أهل الكتاب ممن هم تحت وصاية (الدولة الإسلامية) وذلك مقابل (الأمان) الذى توفره لهم هذه الدولة، ولأنهم غير مكلفين بالجهاد دفاعاً عن الدولة، (فالمسلمون يدافعون عنها)، وأهل الكتاب يدفعون مقابل حمايتهم جزية. فهل داعش (دولة) أصلاً لتفرض الجزية؟ وهل قدموا الأمان لأهل الكتاب الذين أجبروهم على دفع الجزية فى الموصل ؟ وهل دافعوا عن هذه المدينة وعن أهلها ليفرضوا عليهم الجزية؟ هذا أولاً أما ثانياً: فإن المبلغ المدفوع للجزية ليس كبيراً تعجز عن دفعه الرجال، بل كان ميسوراً، لم يتجاوز على عهد النبى صلى الله عليه وسلم الدينار الواحد فى كل سنة، فيما لم يتجاوز الأربعة دنانير سنوياً زمن الدولة الأموية. ولكن فى زمن داعش صارت الجزية كل ما يملك هؤلاء، فأى شريعة تلك التى يطبقونها ؟ أنها شريعتهم وليست الشريعة الإسلامية. أما عن القتل والذبح وفصل الرؤوس عن الأجساد، فمتى كان الإسلام دين قتل الأبرياء، إن القرآن فى آياته الكريمة لم ينص على قتل إلا من ابتدأ القتال، والدليل فى قوله تعالى: "وَقَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا أن اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، فهل هذا ما تطبقه داعش؟؟ وفى الفتوحات الإسلامية قال النبى صلى الله عليه وسلم للمجاهدين: "لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً، أو امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا معتصماً بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجراً، ولا تهدموا بناءً.." وقال يوم فتح مكة: "من دخل داره فهو آمن، ومن وضع سلاحه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن" وقال أبو بكر الصديق للمجاهدين: "لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً فانياً ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه.. ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة" وقال أيضاً: "لا تؤذوا راهباً أو عابداً ولا تهدموا معبداً أو صومعة" فأين ما فعله هؤلاء من الدين الإسلامى؟ لقد قتلوا النساء والأطفال والشيوخ، وهدموا البيوت والكنائس، ودور العبادة، وحرقوا الأخضر واليابس ولم يبقوا على أحد، فوالله ما هذا بدين الإسلام، وحاشى أن يكون دين الله على هذه الصورة. أنا لا أدافع فى مقالى هذا عن دين الله، لا أدافع عن الإسلام، فكما للبيت رب يحميه، وللدين رب يحميه، بل أستوضح صورة مشوهة ينشرها هؤلاء عن ديننا الحنيف، ولا تنسوا أن هناك أناساً لا يعرفون عن الدين الإسلامى سوى صورة داعش وأمثالهم، فواجب علينا أن نستنكر ما يقومون به من أفعال لا تمت لديننا بصلة، وأن نقول جميعاً: داعش لا يمثلنى