ورشة عمل بالأعلى للثقافة عن حماية المرأة من العنف الإلكتروني    التخصصات المطلوبة.. ما هي شروط وطريقة التقديم لوظائف وزارة الكهرباء؟    القومي للمرأة: مبادرة ملهمات عربيات تبني نموذج القدوة والتنمية    946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    أسعار سبائك الذهب لجميع الأوزان في الصاغة بدون مصنعية    آخر تطورات سعر صرف الإسترليني فى البنوك المصرية    وزير الاتصالات يفتتح عددا من المشروعات التكنولوجية بالمنصورة    صندوق النقد الدولي: الرؤية الاقتصادية لمصر أصبحت أكثر وضوحًا واتساقًا    محافظ أسيوط يتابع إنشاء مجمع تجاري وإداري متكامل لدعم التنمية وتعزيز الخدمات    «الري»: تنفيذ 6 مشروعات لحماية الشواطئ ب5 محافظات    عاشور يستقبل مفوض التعليم والعلوم والابتكار بالاتحاد الإفريقي    وزير خارجية تركيا: مفاوضات قوة الاستقرار في غزة لا تزال مستمرة    وزير الخارجية يلتقى وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات فى دولة قطر    وزير خارجية إسبانيا: الضفة الغربية وغزة ينبغي أن تكونا تحت سلطة فلسطينية موحدة    استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف الاحتلال الإسرائيلي لبيت لاهيا    الجيش الباكستاني: مقتل 9 مسلحين خلال عمليتين أمنيتين بإقليم خيبر بختونخوا    مصر تبحث مع وكالة الطاقة الذرية الاستخدامات النووية السلمية بمحطة الضبعة وملف إيران    كأس العرب| البحرين في مواجهة الجزائر.. والسودان يصطدم بالعراق    كاف عن مجموعة مصر في كأس العالم 2026: فرصة ذهبية للتأهل    مواعيد مباريات اليوم السبت 6- 12- 2025 والقنوات الناقلة    موعد مباراة برشلونة وبيتيس في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تجديد حبس نصاب ورق الطباعة في الزيتون    أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة مصلحة الضرائب بعد قليل    تجديد حبس عاطلين في النصب على المواطنين بالقاهرة    مقتل عنصر شديد الخطورة وضبط ترسانة أسلحة ومخدرات بقيمة 80 مليون جنيه    المركز القومي للمسرح يعلن مسابقة تأليف مسرحي جديدة عن "توت عنخ آمون"    خالد جلال يدعم منى زكي بعد مشاهدة فيلم «الست»    «الشروق» تسلط الضوء على «حياتي» لأحمد أمين تزامنا مع احتفاء معرض القاهرة للكتاب بمرور 140 عاما على ميلاده    وزيرا الأوقاف والرياضة يفتتحان فعاليات المسابقة العالمية ال32 للقرآن الكريم| صور    دار الإفتاء المصرية تواصل قوافلها الإفتائية إلى شمال سيناء لتعزيز الوعي الديني ونشر الفكر المستنير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة الأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    احذر من أضرار القاتل الصامت، استشاري يكشف 5 خرافات خطيرة بشأن أمراض القلب    تخريج أول دفعة من برنامج التدريب الميداني للوبائيات «مسار مكافحة ناقلات الأمراض»    الرئاسة في أسبوع.. السيسي يوجه بإطلاق حزمة التسهيلات الضريبية الثانية.. يشهد افتتاح المعرض الدولي (إيديكس 2025).. يهنئ منتخب الكاراتيه.. ويؤكد الموقف المصري الثابت والداعم للقضية الفلسطينية    القومي للمرأة ينظم فعاليات الاجتماع التنسيقي لوحدات المرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    فرق غوص متطوعة تصل مصرف الزوامل بالشرقية للبحث عن التماسيح (صور)    بجوائز 13 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم اليوم    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    «مدبولي» يتابع حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    متحف التحرير يكشف دور الجعارين عند الملوك القدماء    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتحية العسَّال.. أيقونة نادرة لنضال المرأة ضد الجهل
نشر في اليوم السابع يوم 15 - 06 - 2014

وكأن الحرف يأبى أن يعانق غيره ليسطر نبأ رحيلها. فحتى الكتابة تبدو مرتعشة، عصية، تتوجس خيفة وهى تتحدث عن امرأة اعتمدت الصدق فى كل ما تقول، فطهرت نفسها أولاً أمام ذاتها، لا لشىء سوى أنها "فتحية العسَّال"، فإلى أى مدى تتوقع أن تكون الكتابة صادقة مع نفسها وهى تتحدث عن هذه المرأة المناضلة.
يقولون بأن المرأة ناقصة عقل ودين، وأقول لو اطلعتم على ما بذاكرة النساء لاكتشفتم جهلكم. أنظر إلى ابتسامة عينيها وأساءل: أهو الفرح والانتصار للذات؟، هل كانت تدرك وهى طفلة صغيرة بأنها ستصل إلى ما تصبو إليها نفسها وهى طفلة صغيرة قص أخيها "حسنى" ضفيرتها لا لذنبٍ اقترفته غير أنها وقفت تطلُ من نافذتها على العالم!! لتصرخ الأسئلة: هل سامحته؟ كنت أتمنى أن تتحدث فتحية العسال من جديد لنساء وفتيات مصر الآن وهن يواجهن التحرش ويتعرضن لأبشع الاغتيالات الجسدية والنفسية، ولتروى لهن ما فعله شقيقها أيضًا عندما شاهدها ذات يوم وهى تسير فى إحدى المظاهرات المناهضة للاستعمار الإنجليزي، فما كان منه إلا أن عاقبها للمرة الثانية، لثبت فى نفوسهن الأمل والإصرار والعزيمة، غير أن عزاؤنا أنها تركت لنا من ضمن إرثها العظيم مذكراتها "حضن العمر" الصادرة مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
لا تختلف حياة فتحية العسَّال عن بقية بنات جنسها، فهى مثلهن مورس عليها القهر أشكالاً وألواناً، باسم الدين والعادات والتقاليد وباسم الجهل الذى يرفرف فوق الرؤوس مزهواً باستسلام العقول له، وتعد مذكرات فتحية العسَّال بمثابة الصرخة القوية والرسالة الموجهة لكل فتاة فى مصر، بل والعالم العربى، فبداية من مولدها فى 20 من فبراير لعام 1933 لعائلة متوسطة، وحرمانها من التعليم فى المرحلة الابتدائية، إلا أنها لم تستسلم لواقعها فعلمت نفسها بكتابة القصص بتشجيع من والدها، وعبر مسار الحكى والبوح بدون مواربة أو خجل تستمر فتحية فى الكشف عن المزيد من التناقضات فى مجتمع يتخذ من الشرف اسمًا لا فعلاً.
فمن بين ما تسرد فى مذكراتها "حضن العمر" تشير فتحية العسَّال إلى المفاهيم التى يتم تربية البنت عليها منذ نعومة أظافرها، وأولها "الشرف"، وباسمه تخضع لجميع أنواع القهر، حتى يذهب "الشرف" فى ليلة الزفاف، ناهيك عن الختان، ومن خلال تعريتها لمدى التناقض الآثم الذى نعيش فيه قصة صديقتها "أنيسة" التى أجبرها أهلها على الزواج من رجل لا تحبه، فكان الشرف فى ليلة زفافها هو دماء كتكوت "صغير الفرخة"، لتكشف بهذه الواقعة إلى أى مدى نعيش فى وحل باسم شعارات لا نجيد إلا ترديدها فقط.
ارتبطت فتحية العسَّال بالعمل النضالى – كما تشير فى مذكراتها - حينما بدأت تواجه العالم بمفردها بعد اعتقال زوجها الكاتب عبد الله الطوخى (1953 1955)، فانخرطت فى النضال الجماهيرى، بعدما أصبحت مسئولة عن لجنة العائلات التى تتابع أخبار ذويها المعتقلين، تلك اللجنة التى تم تشكيلها من أمهات المعتقلين، فأصبحت بمثابة حلقة الوصل بين السجن والخارج، ثم انخرطت فى الحياة الحزبية السرية، وشاركت فى المظاهرات التى تنادى بإلغاء الإحكام العرفية، وتوجهت إلى الرئيس الراحل محمد نجيب لتطالبه بتعميم المعاملة على المعتقلين فألقى بها فى تخشيبة قسم المطرية أربعة عشر يوما بمفردها مع طفلها الرضيع إيهاب.
ولم يتوقف نضال فتحية العسَّال حتى وهى مريضة، فكانت شديدة الحرص على أن تشارك رموز الثقافة والإبداع والفكر فى ثورتهم ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية لمصر، حينما جاء الدكتور علاء عبد العزيز، وزير الثقافة الأسبق، لينفذ مخططًا إخوانيًا لتجريب وهدم الثقافة، ومحو ذاكرة الوطن فى دار الكتب والوثائق القومية على وجه التحديد، فقام المثقفون بالاعتصام داخل مقر وزارة الثقافة، ولم يصبح مطلبهم الأول هو إقالة علاء عبد العزيز، بل إنهاء حكم الإخوان الغاشم عن مصر.
كانت فتحية العسَّال نادرًا ما تترك الوزارة يومًا نظرًا لظروفها الصحية، وتحاول جاهدةً أن تبيت مع الشباب لحماية الوزارة من أى محاولة لفض الاعتصام، وحتى إذا ما ألم بها الجهد والإرهاق كانت تأخذ قسطًا من النوم على أريكة بداخل الوزارة، وإن تغيبت ولم تستطع المجىء، كانت تتابع من خلال اتصالاتها الهاتفية ما يحدث وما يدور، وكنا كشباب ندافع عن قضيتنا، وهويتنا، تبث فينا روح الأمل والتفاؤل.
بدأت فتحية العسَّال الكتابة الأدبية فى عام 1957 واهتمت بالقضايا الاجتماعية وقضايا المرأة بشكل خاص، وتم اعتقالها ثلاث مرات بسبب كتاباتها عن قضايا المرأة، فاستطاعت أن تجعل لنفسها مكانًا متميزًا بين صفوف كبار الكتاب بعد نضال مرير حتى أصبحت من أفضل كاتبات العرب سواء فى الدراما المرئية أو المسموعة أو المسرحية، فصنعت من قضايا الناس مشاهد ناطقة وحية, وعندما افتتحت فصولاً لمحو الأمية فى حى السيدة زينب لاحظت فى تلك الفترة تحول السيدات عن الدروس للاستماع إلى إذاعة المسلسل الاجتماعى اليومى فى إذاعة القاهرة, فجاءتها فكرة أن تكتب مسلسلات إذاعية تخاطب من خلالها النساء فكتبت "ز س ز الذوق)".
كتبت 57 مسلسلًا منها مسلسل رمانة الميزان، وسيناريو مسلسل شمس منتصف الليل، وحبال من حرير، وبدر البدور، وهى والمستحيل، وحتى لا يختنق الحب، وحبنا الكبير، ولحظة اختيار، ولحظة صدق الحاصل على جائزة أفضل مسلسل مصرى لعام 1975، كما كتبت عشر مسرحيات وهى المرجيحة والبسبور، والبين بين، ونساء بلا أقنعة، وسجن النسا، وليلة الحنة، ومن غير كلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.