لا تزال نتائج التصويت السويسرى لمنع بناء المآذن تلقى بظلالها على الدول الأوروبية الأخرى، والتى تأثر الجدل فيها حول الأمور المرتبطة بالرموز الدينية بشكل أو بآخر بتوابع هذا التصويت.. ومن بينها بلجيكا التى أصبحت مسألة الجدل الخاص بالعلمانية فيها حساسة للغاية بعد نتيجة الاستفتاء السويسرى، كما أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية فى تقرير لها. إذ تقول الصحيفة إن العديد من الأحزاب البلجيكية فضلت أن ترجىء المناقشة التى انطلقت مؤخرا بشأن ضرورة الفصل بصورة أكثر وضوحا بين الطوائف الدينية والدولة، وذلك فى إشارة إلى مشروع القانون الذى يهدف إلى ضمان حياد المؤسسات الحكومية، والذى قُدم إلى مجلس الشيوخ ووقعت عليه أربعة أحزاب بلجيكية. وقد رأى صاحب فكرة هذا القانون، السيناتور فيليب ماهو، ضرورة تأجيل النظر فيه، حتى يمكن مناقشة أفكاره "فى هدوء". وقد بدأ مشروع القانون يثير انتقادات فى الصحف البلجيكية، لا سيما وأنه يقترح إعادة النظر فى مواد الدستور التى تعرف مفهوم الحيادية فى بلجيكا، ومنع العاملين فى المؤسسات العامة من استخدام أى مظهر خارجى ذى طابع دينى أو فلسفى أو حزبى. الأمر الذى من شأنه، بحسب ما ذكرت الصحف، أن يمنع حتى وضع الصلبان فى المقابر، خاصة وأن النص يدعو إلى تطبيق مبدأ الحياد فى المقابر. وقد حاول بعض النواب الذين وقعوا على هذا القانون الدفاع عن موقفهم، مثل السناتور مارسيل شيرون الذى أكد حتمية ضمان حياد الدولة ولكن فى الوقت ذاته "احترام حق العبادة"، فى حين أشار السناتور الليبرالى جان جاك دى جوشت إلى أنه لا يرغب فى "إثارة عاصفة"، مضيفا أنه أيد مشروع القانون للاحتجاج على رفض بعض المستشفيات الكاثوليكية تنفيذ مبدأ القتل الرحيم. وخوفا من الجدل الذى قد يسببه طرح دراسة هذا القانون، خاصة بعد رؤية ما تعرضت له سويسرا بعد الإعلان عن نتائج استفتاء حظر بناء المآذن فيها، بالإضافة إلى رغبة بعض البلجيكيين فى الحفاظ على الدور البروتوكولى للكنيسة الكاثوليكية، وكذا رغبة البعض الآخر فى عدم تأجيج الجدل حول الحجاب الإسلامى، لم يعد لمناقشة هذا المشروع أى فرصة للنجاح الآن. حيث أجمع الكل على ضرورة مناقشته فى "إطار هادئ" مع الأطراف الفعالة فى المجتمع المدنى. إلا أن هذا "الإطار"، كما تخلص صحيفة "لوموند"، هو إطار "أسس التعددية الثقافية"، التى تضعها الحكومة البلجيكية موضع التنفيذ والتى يتم بناء عليها معالجة قضية ارتداء الحجاب الإسلامى فى أماكن العمل الرسمية والمدارس، والتى لم تحل حتى الآن على مدار خمسة عشر عاما. للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.