ثلاث ساعات، هى عمر الرحلة التى قطعتها «اليوم السابع» على امتداد الطريق الصحراوى منذ بدايته وحتى الكيلو 151، لنكتشف سيطرة البعض على مساحات كبيرة بطول الطريق دون مقابل، تحت سمع ونظر المسئولين بعض المزارع ذهبت لأصحاب الحظوة الذين حولوها إلى منتجعات سياحية وملاعب جولف وحدائق على مسافات متقاربة. عند العلامة 200 توجد مزرعتا هلا والكابتن، فى مساحة تزيد على 10 آلاف فدان بطول 10 كيلو تقريباً، تحولتا بقدرة قادر، إلى منتجعات سياحية بالمخالفة للغرض الذى خصصت له فى الزراعة، وهو الجزء الثانى من تواطؤ المسئولين بوزارة الزراعة. وبخلاف مزرعتى هلا والكابتن وبالقرب من العلامة 190 طريق الإسكندرية تقع الأراضى التابعة لشركة المشروعات الحديثة «أفق» لصاحبها محمود عزب، وتسيطر على مساحة تزيد على 20 ألف فدان تحولت أيضاً من الزراعة إلى فيلات وقصور. أصحاب الحظوة على الطريق الصحراوى يصعب حصرهم، وتزيد مساحة الأراضى التى لا تقدر بثمن على 40 ألف فدان تنحصر جميعها ما بين العلامتين 173 و151 فقط. وخلف الصورة على الطريق توجد مساحات ضخمة يصر ملاكها على زراعتها رغم قلة الحيلة لندرة المياه وملوحتها. الأراضى كلها تروى بالمياه الجوفية، وهى الجريمة التى تشارك فيها وزارة الرى والموارد المائية وتتسبب فى إهدار المخزون الاستراتيجى من تلك المياه، فضلاً عن جفاف عدد كبير من الآبار بالفعل، وتعرض جزء آخر للملوحة وعدم صلاحية المياه للزراعة مستقبلاً. اللواء محمد الجندى، أحد المستثمرين بالطريق الصحراوى، يقول إنه اشترى مساحة 20 فداناً منذ عام 1997 بالقرب من الكيلو 151، تتبع جميعة البحوث الزراعية، كانت تزرع بالمياه الجوفية فى البداية، ثم اكتشف نضوب المياه من البئر، فقام بحفر آبار جديدة بعد الحصول على التراخيص اللازمة من وزارتى الرى والزراعة، ليجد مياها مالحة، بنسبة تزيد على المعدل الطبيعى بمقدار 300 جزء فى المليون «المعدل الطبيعى للزراعة من 300 إلى 600 جزء فى المليون» بعدها لا تستخدم المياه فى الزراعة لخطورتها على الأراضى والزراعات. توجه اللواء الجندى بتقريره لوزارتى الزراعة والرى، لعرض أزمته دون حل حتى الآن، وهى المشكلة التى يتعرض لها معظم المزارعين والمستثمرين على امتداد الطريق. ويقول اللواء الجندى إن وزارة الرى طلبت من جميع المزارعين التقدم بطلبات، للمشاركة فى مشروع رى غرب الدلتا المزمع إنشاؤه لرى الأراضى بجنوب الطريق الصحراوى، مشيراً إلى أن المسئولين بالوزارة أكدوا لهم أن المشروع سيتم تنفيذه خلال الفترة المقبلة دون تحديد موعد محدد. ويضيف الجندى أن أزمة جفاف الآبار وضعت الجميع فى مأزق، ولا نعرف هل نقوم بحفر آبار جديدة أم لا، علماً بأن البئر الواحدة تتكلف ما يزيد على 300 ألف جنيه، أضف إلى ذلك أننا لا نعرف فى النهاية مصير المياه التى ستخرج من هذه البئر، ومنها مزرعة شقيقه الذى قام بتغيير المحاصيل التى يقوم بزراعتها دون جدوى إنتاجية حتى الآن فى محاولة قد تنجح أو تفشل. أحد المزارعين بالمنطقة -رفض ذكر اسمه- أكد أن خسائره العام الماضى وصلت 25% من المحصول بسبب ملوحة المياه وجفاف الآبار، موضحاً أن معظم المزارعين اضطروا إلى الاعتماد على مياه الآبار المالحة رغم إضرارها بالزراعة والأرض معاً. الدكتور أيمن أبوحديد، رئيس مركز البحوث الزراعية ووكيل وزارة الزراعة، أكد أن الجهات الحكومية بأكملها كانت تعرف وتتوقع جفاف وملوحة الآبار بالأراضى الواقعة بطريق مصر- إسكندرية الصحراوى، وقال: «ما حدث شىء متوقع، فالمياه الجوفية بهذه الأراضى غير متجددة لذا كلها مهددة بالبوار». وأوضح أن أحد أسباب تعرض الآبار للملوحة والجفاف بهذه المنطقة سحب المياه من الآبار عشوائياً بدون دراسة، مشيراً إلى ضرورة التعامل معها بحرص شديد. فيما يؤكد الدكتور صفوت عبدالدايم، خبير الأراضى والمياه بوزارة الرى والموارد المائية، أن الوزارة بالتعاون مع القطاع الخاص تقوم حالياً بإعداد دراسة لإنشاء مشروع لرى الأراضى الواقعة غرب الدلتا، والتى تعانى ندرة المياه الجوفية وملوحتها بالتعاون مع 7 شركات للقطاع الخاص والبنك الدولى، وسيتم تنفيذه مقابل رسوم من المزارعين والمستثمرين تبلغ قيمتها 2000 جنيه عن كل فدان، وسيتم تركيب عدادات على رؤوس المزارع. وأشار عبدالدايم إلى أن المشروع سيبدأ من الرياح الناصرى لشرق الطريق الصحراوى من الكيلو 50 إلى الكيلو 90 كمرحلة أولى وتستغرق من ثلاث إلى خمس سنوات. وكشف عبدالدايم أن المشروع سيبدأ العمل به مجرد اكتمال العقود بين وزارتى الرى والزراعة وجهات التنفيذ، وسنضع شروطا قاسية على الشركات لحفظ حقوق المزارعين. وأضاف أنه وحسب الدراسات التى تم إعدادها عن مشروع غرب الدلتا فسيتم توفير 5000 متر مكعب لكل فدان، موضحاً أن الوزارة تقوم حالياً بحصر كل الآبار الموجودة فى الأراضى الممتدة على طول الطريق الصحراوى. وأشار مصدر مسئول بوزارة الرى -رفض ذكر اسمه- أن العقود المبرمة مع شركات القطاع الخاص وعددها 7 شركات، مصرية وأجنبية، وقعت على حق امتياز لمدة 30 عاماً، وهو ما يعنى أن هذه الشركات ستكون شريكا للمستثمرين فى هذه الأراضى.