سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«مصر تحت حكم بونابرت» كتاب يكشف عذابات الحملة الفرنسية فى مصر..أهمية هذا الكتاب تكمن فى تناوله المواجهة السياسية والعسكرية والثقافية التى وقعت بين الفرنسيين والمصريين
نقلا عن اليومى.. من الواضح أن الدراسات التى تتناول فترة الاحتلال الفرنسى لمصر ما بين عامى 1798 و1801، لا تزال تثير اهتمام المؤرخين والكتاب، كما أن نابليون بونابرت لا يزال يحظى بالاهتمام نفسه، سواء فى نطاق التاريخ الأوروبى، أو فى مغامراته العسكرية خارج أوروبا، لما اتسم به صعوده وسقوطه من طابع دراماتيكى واضح، فلا يكاد يمر عام، أو بضعة أعوام، إلا ويصدر فى العالم كتاب جديد يتناول تاريخه المثير، وربما اختلطت فيه الحقائق بالأساطير، فضلًا على أن تاريخه لا يتعلق بتاريخ فرنسا وثورتها الكبرى وحسب، إنما يتداخل ويتقاطع مع بقية بلدان أوروبا بدرجة أو بأخرى. هذا ما يؤكده المؤرخ الدكتور أحمد زكريا الشلق فى تقديمه للترجمة العربية لكتاب «مصر تحت حكم بونابرت»، الصادرة مؤخرًا عن المركز القومى للترجمة بالقاهرة، والذى وضعه الباحث والمترجم الأمريكى خوان كول، المتخصص فى تاريخ الشرق الأوسط الحديث وجنوب آسيا، والذى يعمل أستاذًا للتاريخ الحديث بجامعة ميتشيجان، والذى نال درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1978 فى شؤون الإسلام والشرق الأوسط، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراة سنة 1984 من جامعة كاليفورنيا فى تاريخ مصر الحديث. وقد عاش خوان كول نحو ثلاث سنوات فى مصر أعد خلالها مادة هذا الكتاب، كما حرر بعض فصوله. أما الدكتور مصطفى رياض الذى ترجم هذا الكتاب إلى العربية، فيشير إلى أن أهمية هذا الكتاب تكمن فى تناوله المواجهة السياسية والعسكرية والثقافية التى وقعت بين الفرنسيين والمصريين فى السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر. ويعتمد الكتاب- فى المقام الأول- على قراءة موسعة لمذكرات وخطابات خلفها وراءهم شهود عيان على ذلك العصر، وبخاصة ما سجله بونابرت نفسه، وعلى الرغم من أن شذرات من سيرة بونابرت فى مصر تدخل فى نسيج هذا العمل، فإن رقعته تتسع لما هو أكثر من ذلك، إذ يبذل مؤلفه عناية كبيرة لكتابات كوكبة من الضباط الذين أحاطوا بالقائد الأعلى للقوات الفرنسية، فضلًا على خصومه ومعاونيه من العثمانيين والمصريين، وهو يعد أول تناول واسع يحرره متخصص فى شؤون الشرق الأوسط ينجح فى تسليط الضوء على المصادر الفرنسية من منظور الوقائع التى جرت على أرض مصر. يبدأ المؤلف كتابه بأسلوب روائى بديع، مصورًا به ترتيبات الحملة الفرنسية على مصر، فيقول: «لم يسلم حتى صغار الضباط من الشعور بالحيرة إزاء المهمة التى أحيطت بأعلى درجات الكتمان، فغاب عنهم الدافع وراء حشد عشرين ألفًا من الجنود وآلاف من البحارة فى ميناء طولون الذى يقع فى الجنوب الفرنسى، فى مايو من عام 1798، وفى صباح 2 يوليو وصلت الحملة الإسكندرية، وأرسل بونابرت هذه الرسالة إلى «كريم»، جاء فيها: «إن الأعمال العدائية التى استقبلتنى بها أثارت دهشتى، إنك إذا ما اعتقدت أنك قادر على مقاومتى بمدفعين أو ثلاثة فإنك جاهل أو مغرور، قد بلغ بك الجهل أو الغرور مداهما، ألا فاعلم أن جيشى قد قهر لتوه أقوى جيوش أوروبا، فإن لم أر راية بيضاء ترفرف فوق الأسوار فى عشر دقائق، فلسوف أحملك المسؤولية أمام الله عن نزيف الدم الذى سيجرى هدرًا، وقريبًا ستبكى الضحايا الذين أرسلتهم إلى حتفهم بسوء تقديرك». وبعد أن واجه نابليون وحملته المماليك فى معركة الأهرامات، كما أطلق عليها، اعترف بقدرتهم القتالية التى أرهقته، مشيرًا إلى أن تفوق الخطط العسكرية الأوروبية هو صاحب الكلمة الأخيرة».